اتصل الرئيس بيل كلينتون هاتفياً برئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك أثناء الأزمة الحكومية الخاصة بالموازنة، متخوفاً من تهديد حزب شاس بترك الائتلاف الحكومي في حال عدم حصوله على الموازنة التي طالب بها لوزارته ومؤسساته التعليمية والدينية. وشاس الذي يأتي في المرتبة الثالثة في الكنيست الاسرائيلية البرلمان لجهة عدد أعضائه 17 نائباً، قادر عملياً على تهديد ركائز حكومة باراك، ان لم يقُل اسقاطها، في هذه الفترة المحورية من العملية التفاوضية على المسارين السوري والفلسطيني. وإذ انتهت الأزمة بعد منح حزب شاس 500 مليون شيكل اضافية ما يعادل 120 مليون دولار، فإن هذا لا يعني ان شاس سيكتفي بذلك لدعم اتفاق مع سورية. وكان الرئيس الاسرائيلي عيزر وايزمان زار الزعيم الروحي لحزب "شاس" الحاخام عوفاديا يوسف لإقناعه بدعم المفاوضات مع سورية والانسحاب من الجولان، باعتبار ان الحاخام يوسف قادر على لجم المتطرفين بين برلمانيي الحزب. يذكر ان الحاخام يوسف أقر في فتاو عدة ان هضبة الجولان ليست جزءاً من "أرض اسرائيل"، ولذلك فإن التخلي عنها وعن جنوبلبنان، لا يتعارض والتعاليم الدينية أو التوراتية، خصوصاً إذا أدى ذلك الى حماية الانسان اليهودي من الموت. وباراك بحاجة الى الحاخام يوسف ولحزب شاس لأنهما قادران على انجاح أي تصويت في الكنيست على الاتفاق وكذلك المساعدة في انجاح استطلاع أو استفتاء للرأي في خصوص انسحاب من الجولان يتضمنه اتفاق مع سورية. واذا كانت هناك مصلحة سياسية لحزب شاس في اتفاق مع سورية والفلسطينيين يؤدي الى تحجيم حزبي ليكود والمفدال وهما الحزبان المنافسان لشاس على اليهود الشرقيين والتقليديين ويضع حزب شاس في مركز الخارطة السياسية في اسرائيل وعلى رأس الجبهة الدينية في الصراع الديني - العلماني القادم، فإن لشاس مصلحة اقتصادية وحزبية كذلك يضمنها له باراك... بدعم من البيت الأبيض. وكان باراك أرسل لواشنطن وفداً خاصاً للبحث في المساعدات المستقبلية لاسرائيل في حال التوقيع على اتفاق مع سورية، والحديث على ما يبدو يدور حول عشرة بلايين دولار أولية في الوقت الذي بدأ فيه محادثاته مع أعضاء الائتلاف الحكومي ومع العرب على موازنة سنة 2000، وسيكون لدعم كلينتون المالي أكبر الأثر على توزيع موازنات اضافية لشراء أصوات الاحزاب في الكنيست وأصوات السكان في حال الاستفتاء. وفي الحالتين سيلعب شاس دوراً مركزياً. وإذا كان باراك يتوقع ان يحصل في الاستفتاء على النسبة نفسها التي حصلها عليها في الانتخابات، أو ما يقارب 55 في المئة، فإن مساعدة اضافية من شاس الذي صوت في غالبيته الساحقة 85 في المئة لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو، ستمكن باراك من الحصول على غالبية مهمة في اسرائيل. المطلوب مساعدات اميركية يضمنها البيت الأبيض ويضمن موافقة الكونغرس عليها تؤدي الى اتفاق ودعم الائتلاف الحكومي وعلى رأسه شاش، مما يضع الاسرائيليين أمام خيارين: اتفاق مع سورية يتضمن الانسحاب من الجولان أو مواجهة العالم بأسره وعلى رأسه اميركا.