سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نجح في توقيع إتفاق سلام بين أثيوبيا وأرتيريا ومسح بعض ديون القارة .حصيلة سنة من رئاسة بوتفليقة منظمة الوحدة : نجاحات إفريقية ... أثّرت على إهتمامه بالأوضاع في الجزائر
} ينهي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الإثنين، فترة رئاسته الدورية لمنظمة الوحدة الإفريقية بتسليمها الى رئيس توغو غناسينغبي أياديما. ويقول مراقبون ان بوتفليقة حقق في السنة التي تولّى فيها مقاليد المنظمة وجال خلالها على 26 دولة، "نتائج جيّدة" في جهوده لإعادة الجزائر إلى مكانتها في القارة ومعالجة النزاعات الإفريقية وملف المديونية. يُسافر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، مساء الأحد، إلى لومي، عاصمة توغو، للمشاركة في أعمال المؤتمر ال 36 لرؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الإفريقية المقرر يومي الإثنين والثلثاء. وهو يسلم، صباح الإثنين، الرئاسة الدورية للمنظمة إلى رئيس توغو، ليتفرغ بعد ذلك الى معالجة الوضع الداخلي في الجزائر. وسجلت أوساط سياسية وديبلوماسية حصيلة إيجاية لأداء الرئيس الجزائري خلال توليه الرئاسة الدورية للمنظمة الإفريقية. ولفتت الى انه حقق عدداً من الأهداف التي رسمتها قبل سنة قمة الجزائر الإفريقية التي ميزها حضور قياسي لرؤساء الدول والحكومات في القارة السمراء. وجاء توقيع إتفاق وقف القتال بين اثيوبيا و ارتيريا، يوم 18 حزيران يونيو الماضي، كأبرز نتيجة لأداء الرئيس الجزائري وليفتح الباب أمام فرص أكبر لتحقيق السلام في القرن الافريقي بعد سنتين من الإقتتال بسبب الخلاف الحدودي بين البلدين. ومرت المفاوضات غير المباشرة بين البلدين بمراحل صعبة تطلبت الإنتقال الشخصي للرئيس الجزائري إلى أديس أبابا وأسمرا. وحظي بوتفليقة الذي دعا المجموعة الدولية الى دعم جهود الوساطة للمنظمة الافريقية، طيلة مسار تسوية الملف الأثيوبي - الأريتيري، بدعم نشط من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي على حد سواء. لكن النجاح الذي تحقق في معالجة ملف القرن الإفريقي، المطروح على مكتب المنظمة الإفريقية منذ أيار مايو 1998، لم يحالف جهود الرئاسة الجزائرية في معالجة أزمة الكونغو. إذ فشلت قمة "الساعات السبع" التي إستضافتها الجزائر منتصف نيسان أبريل الماضي، في إعطاء ديناميكية جديدة لمسار السلام فى الكونغو. إذ إكتفت بتأكيد "أهمية إتفاق لوساكا وصلاحيته" في تسوية الأزمة. وفشل بوتفليقة، مرة ثانية، في جمع أطراف النزاع الكونغولي الى طاولة المفاوضات في الجزائر بعد إلغاء قمة كانت مقررة يوم 4 تموز يوليو، بسبب رفض رئيس الكونغو الديموقراطية رولاند ديزيري كابيلا المشاركة فيها. وأكد الرئيس الجزائري نيته في عقد القمة على هامش دورة المنظمة الإفريقية في توغو، لكنه لم يتلق تأكيدات من الأطراف المعنية بالأزمة. ولم يمنع هذا الفشل الرئيس بوتفليقة - ورئيس جنوب إفريقيا ثامبو مبيكي - من السعي لدى قادة الدول الكبرى لتحقيق نتيجة إيجابية في تسوية ملف المديوينة التي تعانيها القارة منذ سنوات. وتكللت هذه المساعي بنجاح، على رغم رفض الدول الصناعية إستقبال المسؤولين الأفارقة على هامش إجتماعها في اليابان هذا الأسبوع. فقد بادرت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قبل أشهر، إلى إعلان قرارها مسح ديون للدول الإفريقية الأكثر فقراً، في خطوة هي الأولى منذ سنوات، الأمر الذي يسمح لبعض الدول الإفريقية بمباشرة خطط تنموية جديدة بعيداً عن متاعب المديونية الخارجية. ويقول مراقبون ان من بين أبرز إنجازات الرئيس الجزائري، خلال سنة من توليه رئاسة المنظمة الإفريقية، نجاحه في عقد لقاء بين مسؤولي القارة الإفريقية ونظرائهم الأوروبيين خلال قمة القاهرة. وخرجت هذه القمة التي حضرها الرئيس جاك شيراك، الرئيس الحالي للإتحاد الأوروبي، بجملة من التوصيات أبرزها عقد اللقاء الإفريقي - الأوروبي بصفة دورية وتأسيس لجنة متابعة تتولى الإشراف على الخطط والبرامج التي من شأنها تحقيق تعاون أكبر في المجالات السياسية والإقتصادية. وكادت القمة تلغى مرات عدة بسبب رغبة دول الإتحاد الأوروبي في أن يكون لقاء القاهرة فرصة للشراكة السياسية من دون إلتزام أوروبي بمعالجة المشاكل الإقتصادية التي تعانيها دول القارة السمراء. كما واجهت الرئاسة الجزائرية مشاكل أخرى في جهودها لعقد قمة القاهرة، تمثّلت في إشتراط المغرب عدم المشاركة في القمة إلا بعد إبعاد "الجمهورية الصحراوية" من أعمالها، وهو الشرط الذي نال تأييد الرئاسة البرتغالية للإتحاد الأوروبي والحكومة الفرنسية ووضع بوتفليقة أمام موقف حرج إزاء قادة "بوليساريو". لكن هؤلاء تفهموا الإحراج الجزائري وقرروا الإنسحاب من قمة القاهرة، تلبية لرغبة الجزائريين. لكن أمام هذه الحصيلة الإيجابية نوعاً ما للرئاسة الجزائرية لمنظمة الوحدة، تبرز معطيات أخرى سلبية تتعلق بواقع العلاقات الإفريقية - الإفريقية. إذ ظلّت العلاقات بين دول القارة تتميّز بكثير من عدم الإستقرار، إضافة الى توتر داخلي في بعض الدول أدى في بعض الأحيان الى إنقلابات مثلما حصل في دولة شاطئ العاج كوت ديفوار السنة الماضية. مشاكل الجزائر ويقول أكثر من مراقب أن تولي بوتفليقة قيادة المنظمة الإفريقية أثّر على طريقة معالجته المشاكل الداخلية للجزائر، سواء الإقتصادية أو الإجتماعية. وحقق الرئيس الجزائري، في اقل من سنة، رقماً قياسياً في زياراته خارج بلاده، إذ بلغ عدد تنقلاته منذ 25 حزيران يونيو 1999 أكثر من 26 زيارة شملت 23 دولة عربية وأوروبية وإفريقية. وكان الرؤساء الجزائريون يتحفظون كثيراً عن إجراء زيارات خارج الجزائر، في حين ان بعضهم كان يرفض مبدأ الزيارات إلى الخارج "إلا لضرورة قصوى". وقالت مصادر موثوق بها أن الرئيس الجزائري الذي كان وزيراً للخارجية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، حاول من خلال الحجم المكثف لتنقلاته الخارجية إبراز الوضع الجديد للجزائر أمام الرأي العام الدولي. وأعربت عن إعتقادها بأن الهدف من هذه الزيارات تحقق من خلال رفع مستوى الحضور الجزائري عربياً ودولياً بعد سنوات من العزلة. ويُتوقع ان يتفرّغ الرئيس الجزائري، بعد إنتهاء قمة لومي، للجبهة الداخلية في بلاده، بعد تراجع الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية، وحتى الأمنية.