رأى مراقبون ان الاتفاق بين الرئاسة الجزائرية لمنظمة الوحدة الإفريقية والرئاسة البرتغالية للإتحاد الأوروبي على دعوة المغرب إلى القمة الإفريقية -الأوروبية المقررة في القاهرة يومي 3 و 4 نيسان ابريل المقبل في مقابل غياب جبهة "بوليساريو" عنها، مثّل نوعاً من التراجع للديبلوماسية الجزائرية في قضية الصحراء الغربية. وقال مراقبون ان انسحاب "الجمهورية الصحراوية" من القمة الإفريقية - الأوروبية يُعد نكسة للديبلوماسية الجزائرية التي فرض عليها الإتحاد الأوروبي قبول مشاركة المغرب وانسحاب "بوليساريو"، على رغم سلسلة من التوضيحات التي قدمتها الجزائر أخيراً للرئاسة البرتغالية للإتحاد الأوروبي. وأُعلن في الجزائر السبت ان رئيس "الجمهورية الصحراوية" التي أعلنتها "بوليساريو" من جانب واحد السيد محمد عبدالعزيز قرر "عدم حضور القمة" التي تجمع قادة منظمة الوحدة الافريقية والاتحاد الأوروبي. وأرجع ذلك إلى حرصه على "سد الطريق امام كل محاولة أو حجة تهدف الى تأخير هذا الموعد الذي يجب أن يكون موعداً من أجل شراكة جدية تخدم شعوب القارتين"، في إشارة إلى إعلان البرتغال رفضها عقد القمة الافرو - أوروبية خلال رئاستها الإتحاد الأوروبي بسبب عضوية "الجمهورية الصحراوية" في المنظمة الإفريقية، الأمر الذي يؤثر في علاقات البرتغال الحسنة مع المغرب. وجاءت رسالة "الرئيس الصحرواي" بعد أسبوع فقط من اجتماعه لساعتين، مع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في مقر الرئاسة الجزائرية، حيث عرض عليه الأخير المصاعب التي يواجهها، بوصفه رئيساً لمنظمة الوحدة، بسبب رفض الإتحاد الأوروبي عقد القمة في حال مشاركة "بوليساريو" فيها. ووجه عبدالعزيز رسالته، أول من أمس، إلى كل من بوتفليقة، الرئيس الحالي لمنظمة الوحدة، ورؤساء الدول والحكومات الاوروبية ورؤساء الدول والحكومات الافريقية والامناء العامين لمنظمة الاممالمتحدة كوفي أنان ومنظمة الوحدة الافريقية سليم احمد سليم وجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد ومنظمة المؤتمر الاسلامي السيد عزالدين العراقي، و كذلك الى اعضاء مجلس الامن. وذكّر عبدالعزيز في الرسالة بمواقف المنظمة الإفريقية التي "تبنت منذ أول يوم الكفاح التحرري للشعب الصحراوي واضطلعت بثبات في الدفاع عن حقوق شعبنا في تقرير مصيره وفي الاستقلال وقد قبلت انضمام الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية اليها وبادرت بمخطط السلام للأمم المتحدة والوحدة الافريقية في الصحراء الغربية الذي عززته اتفاقات هيوستن". وشدد على أهمية "السهر على تطبيق فوري وشفاف لمخطط التسوية الخاص بالصحراء الغربية وكذلك اتفاقات هيوستن". دعا الرئيس الجزائري في رده على رسالة عبدالعزيز، الإتحاد الأوروبي إلى "التخلي عن موقفه التمييزي ازاء القارة الافريقية مقارنة مع ما حققه الاتحاد الأوروبي مع القارة الاسيوية من جهة ومع أميركا اللاتينية من جهة اخرى"، موضحاً أن هذه المواقف "المقيدة والمهمشة لن تجد بأي حال من الاحوال مبرراً لها حين يتعلق الأمر بالقارة الافريقية التي تمثل تقريباً ثلث أعضاء منظمة الاممالمتحدة". وأشار إلى أن قرار "الجمهورية الصحراوية" الانسحاب من القمة الأفرو - أوروبية المقررة في نيسان ابريل المقبل في القاهرة "ينتزع آخر حجة من جميع الذين أرادوا في شكل او في آخر تعطيل حوار أفريقي - أوروبي مثمر ومفيد لكلا الطرفين". ودعا الاتحاد الأوروبي الى الجدية في "مراعاة التطلعات المشروعة للشعوب والقادة الافارقة ... كما يتعين على المجتمع الدولي برمته أكثر من اي وقت مضى أن يسعى جاهداً الى تطبيق اتفاقات هيوستن في شكل فوري و منصف وشفاف وهذا بحكم القرار المهم الذي اتخذتموه أخيراً". وأُرسل رد بوتفليقة الى كل من عبدالعزيز ورؤساء الدول والحكومات الاوروبيين ورؤساء دول وحكومات البلدان الافريقية والامناء العامين لمنظمة الاممالمتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي الى جانب اعضاء مجلس الامن. وجاء في رسالة بوتفليقة أن موقف محمد عبدالعزيز بالانسحاب من القمة الأفرو - أوروبية يعد "موقفاً نبيلاً ومسؤولاً للغاية. فهو يعزز ايماننا بشرعية نضالكم العادل من أجل تقرير مصير الشعب الصحراوي والحق في اختيار مصيره بحرية في اطار احترام مبادئ ميثاق الاممالمتحدة ولوائح المنظمة في ما يخص تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية طبقاً لاتفاقات هيوستن المبرمة تحت رعاية السيد جيمس بيكر". وأضاف: "ان قرار عدم مشاركتكم في القمة الاوروبية الافريقية الذي اتخذتموه بسيادة هو مساهمة جديدة في تعزيز منظمة الوحدة الافريقية لتمكين القارة من البحث عن كل الفرص التي تسمح لها مع اوروبا وبقية العالم بتسوية مشاكل اصبحت اساسية". وقال ان ذلك "يجعلنا في الوقت ذاته اكثر اصغاء للمشاكل الاخرى المرتبطة بقمة الاتحاد الاوروبي ومنظمة الوحدة الافريقية في القاهرة وخاصة جدول الاعمال والتكفل بالانشغالات الاقتصادية والاجتماعية لشعوب قارتنا وآليات متابعة القرارات المشتركة وتطبيقها ودورية اللقاءات بين الاتحاد الاوروبي ومنظمة الوحدة الافريقية". كما وجه بوتفليقة مذكرة تكميلية إلى مسؤولي الأممالمتحدة ومنظمة الوحدة والمؤتمر الإسلامي أكد فيها أن اللجنة التحضيرية للقمة الافريقية -الاوروبية لم تتوصل بعد إلى تحديد جدول الأعمال وآليات المتابعة وقائمة المشاركين، مشيراً إلى أن "الطرف الافريقي يريد ان يُخصصَ جزء مهم من جدول الاعمال الى القضايا ذات الطابع الاقتصادي، المديونية والاستثمارات والتدفقات التجارية والمساعدة العمومية للتنمية والتعاون، والمسائل ذات الطابع الاجتماعي". أما الطرف الأوروبي فقد ركز، كما جاء في المذكرة، على "المواضيع ذات الطابع السياسي مثل الديموقراطية وحقوق الانسان وأداء الحكم الجيد". ولفتت المذكرة الى ان الطرف الاوروبي عبر عن اهتمامه بمشاركة المغرب في الاجتماع، من جهة، وتجنب مشاركة "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" فيه، من جهة اخرى. وفي هذا الصدد، اقترح بوتفليقة "ان لا تشارك في الندوة سوى الدول الاوروبية والافريقية الأعضاء في الاممالمتحدة". وذكر أن الجانب الافريقي يرى أن "هذه الانشغالات الأوروبية تم التكفل بها في اجتماع للاتحاد الاوروبي مع اللجنة الاقتصادية للامم المتحدة الخاصة بافريقيا"، غير أن الطرف الأوروبي، مثلما تؤكد المذكرة، ظل "يصر على مشاركة الاتحاد الاوروبي و منظمة الوحدة الافريقية في الندوة. ويمكن للمغرب، الذي لا يعتبر عضواً في منظمة الوحدة الافريقية، ان يشارك بصفة مدعو". وأشار إلى أن مشاركته المغرب ستتم "على اساس دعوة يمكن ان توجه اليه من طرف البلد المضيف او الاتحاد الاوروبي او منظمة الوحدة الافريقية". وذكرت المذكرة أن موقف "الجمهورية الصحراوية" بالتنازل عن المشاركة في القمة سيُقابل بتأكيد الإتحاد الأوروبي "لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وتطبيق سريع ونزيه لاتفاقات هيوستن". وتابعت المذكرة ان "الطرف الاوروبي يرى ان القمة حدث فريد من نوعه لن يكون له امتداد ولن يتكرر. إلا انه لا يُستبعد ان يتقرر خلال الندوة عقد قمة اخرى في مكان وتاريخ سيحددان باتفاق الطرفين". واشار الى أن الطرف الإفريقي "لا يريد ان تكون القمة حدثاً فريداً من نوعه لا مستقبل له. فيقترح وضع آليات تتكفل بتطبيق القرارات". وكانت اللجنة التحضيرية للقمة الأوروبية - الإفريقية اجتمعت في هلسنكي يوم 27 أيلول سبتمبر 1999، وفي الجزائر يومي 6 و7 تشرين الثاني نوفمبر 1999. وأكدت اللجنة ان القمة ستُعقد يومي 3 و4 نيسان ابريل 2000، بحسب ما تقرر في قمة الوحدة الإفريقية المنعقدة في واغادوغو بوركينا فاسو في صيف 1998.