يتسلم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة اليوم رئاسة قمة منظمة الوحدة الافريقية في دورتها ال35، وهي الأخيرة في القرن العشرين. وكانت آخر قمة استضافتها الجزائر في ايلول سبتمبر 1968، عندما كانت تلعب دوراً تاريخياً في معارك التحرر في افريقيا خلال الستينات والسبعينات، وآنذاك كان بوتفليقة وزيراً للخارجية راجع ص8. اليوم تعود الجزائر بزخم الى الساحة الافريقية بعد احداث العنف المسلح التي شهدتها منذ العام 1992. لكن دورها "التحرري" في الستينات مختلف عن دورها الذي يبدأ اليوم في محاولة معالجة مشاكل دول القارة السمراء، وعلى رأسها الحروب والنزاعات، وأحدها على حدودها الغربية مع المغرب، الذي كان سحب عضويته من المنظمة الافريقية لدى قبولها عضوية "جبهة بوليساريو" التي اتهمت الرباطالجزائر باحتضانها. وربما كان هذا النزاع الوحيد الذي يواجه رئيس القمة الافريقي الجديد في الشمال الافريقي، فهو يتسلم رئاسة القمة بعد نحو عشر سنين من المواجهات بين ليبيا من جهة وبين الولاياتالمتحدة وبريطانيا من جهة اخرى في قضية لوكربي التي وجدت طريقها الى الحل. ويشارك الزعيم الليبي معمر القذافي في القمة للمرة الأولى منذ اكثر من عشر سنين، وكان وصل اول من امس الى الجزائر، والتقى بوتفليقة والرئيس الجزائري السابق احمد بن بله وعددا من الشخصيات التاريخية، في عشاء اقامه الرئيس الجزائري. ويتسلم بوتفليقة رئاسة القمة بعد اقل من اسبوع على توقيع اتفاقي سلام: الأول في لومي توغو الأربعاء الماضي، وينهي ثماني سنوات من الحرب الأهلية في سييراليون، والثاني وُقّع في لوساكا زامبيا وينهي حرباً استمرت 11 شهراً تورطت بها ثماني دول، في جنوب افريقيا ووسطها وشرقها. لكن القارة ما زالت حبلى بالحروب والنزاعات... وتئن من الديون والأمراض. ويأتي في مقدم الحروب تلك التي تبحث فيها القمة اليوم، بين اثيوبيا واريتريا، وفي انغولا، وجمهورية الكونغو برازافيل والصومال. كما سيواجه الرؤساء الأفارقة المآسي التي تسببت فيها هذه الحروب، خصوصاً اللاجئين الذين يزيد عددهم على ثلاثة ملايين، والنازحين في بلدانهم وعددهم نحو سبعة ملايين، الى جانب وجود اكثر من ثلاثة ملايين افريقي في 17 دولة يعانون نقصاً حاداً في المواد الغذائية. ويبدو ان مشكلة ديون القارة الافريقية، والتي تبلغ نحو 333 بليون دولار، لم تجد حلاً عندما قرر قادة الدول الصناعية الثماني الغاء نحو 50 بليوناً من ديون الدول الاكثر فقراً في العالم، اذ لم تستفد افريقيا ولو بنسبة ضئيلة. وهذا سيكون بين القضايا الأساسية على جدول أعمال القمة.