تصدر المحكمة العسكرية العليا في القاهرة اليوم الاحكام في قضية "النقابات المهنية" المتهم فيها 20 من رموز جماعة "الاخوان المسلمين"، على رأسهم النائب السابق مختار نوح. ويترقب "الاخوان" الاحكام وسط مخاوف من ان تكون مشددة، كما حدث العام 1995 حينما أحالت السلطات اكثر من 80 من رموزهم، على رأسهم النائب السابق الدكتور عصام العريان، على ثلاث دوائر قضائية عسكرية دانت اكثر من 40 منهم بالسجن لمدد تراوحت من سنة الى خمس سنوات. وترى مصادر في التنظيم ان الاحكام ستعكس الطريقة التي ستتعاطى بها الحكومة مع الجماعة في الفترة المقبلة وقبل انتخابات مجلس الشعب البرلمان التي ستُجرى في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وكان "الاخوان" ردوا على احالة القضايا الثلاث العام 1995 على القضاء العسكري بترشيح نحو 150 منهم في الانتخابات البرلمانية التي جرت في ذلك العام. لكن مصادر في "الجماعة" اكدت امس ان مكتب الارشاد الذي يسير أمور التنظيم اعتمد قراراً بمشاركة محدودة في الانتخابات المقبلة تقوم على ترشيح اقل من نصف عدد من رشحوا في الانتخابات السابقة. وأكد العريان ما نشر في هذا الصدد وشرح الأسباب التي دعت الجماعة الى اتباع اسلوب آخر غير ذلك الذي اتبع العام 1995. وقال العريان ل"الحياة" ان "الانتخابات السابقة جرت في ظروف مغايرة ولذلك كان قرار المشاركة بكثافة. فهي جاءت بعد احالة القضايا الثلاث مباشرة على المحاكم العسكرية، وهي كانت المرة الاولى التي يحال فيها رموز الاخوان على القضاء العسكري منذ نحو 30 سنة. كما أن الجماعة كانت شاركت القوى السياسية الاخرى في مقاطعة الانتخابات التي جرت العام 1990 احتجاجاً على رفض الدولة تحقيق اصلاح سياسي واتخاذ اجراءات تضمن سلامة العملية الانتخابية، ولذلك رأت الجماعة أن حضور الاخوان على الساحة يحتاج الى تكثيف اكبر حتى تذّكر الناس ببرامج مرشحيها ومبادئهم والاهداف التي يسعون الى تحقيقها". واعتبر العريان ان الحكومة "ما زالت مصرة على استبعاد الاخوان من اللعبة السياسية"، لافتا ً "الى حملات تشن بصورة شبه يومية في غالبية المحافظات ضد العناصر الفاعلة في الجماعة ممن شاركوا في الانتخابات السابقة في الترويج لمرشحي الاخوان من خلال الدعاية الانتخابية أو من مثلوهم كمندوبين عنهم في لجان الاقتراع". ووصف ما يجري بأنه "استنزاف للجماعة من حين الجهد والوقت والمال"، وشدد على ان إعلان "الاخوان" مشاركة محدودة في الانتخابات المقبلة "رسالة ارادت الجماعة توصيلها الى المسؤولين في الدولة بأنها لا ترغب في احراج الحكومة أو التعالي عليها"، وأنها "لا تسعى الى تحقيق الغالبية البرلمانية او حتى اقلية مؤثرة داخل البرلمان وانما تهدف الى اثبات ان الاخوان ما زالوا موجودين على الساحة". ونفى العريان وجود اصوات داخل التنظيم تسعى الى تصعيد المواجهة مع الحكومة، واضاف: "لا نرغب في الظهور بمظهر المتحدي او المستفز ولكننا حريصون على اصلاح الوطن من كل الجوانب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من خلال المشاركة الايجابية مع باقي القوى السياسية"، وأوضح أن مرشحي الجماعة "سيخوضون الانتخابات كمستقلين لكونها ستجري بطريقة الدوائر الفردية". واعتبر ان الرئيس حسني مبارك "حظي بتقدير خاص حينما استجاب بسرعة للحكم الاخير الذي اصدرته المحكمة الدستورية العليا بإبطال بعض مواد قانون مباشرة الحياة السياسية، حينما اتخذ اجراءات لمعالجة الامر بتحقيق اشراف قضائي على اللجان الانتخابية". لكنه لاحظ "توجهات اخرى في الحكومة تعكس تناقضات مع موقف الرئيس". وتساءل: "كيف نفسر الاجراءات التي اتخذت اخيراً ضد حزب العمل؟ وما هي مبررات الحملة على شباب الاخوان في المحافظات؟". ورفض العريان كشف عدد مرشحي الجماعة في الانتخابات المقبلة، مشيرا الى ان الامرما زال قيد الدرس، لكنه أكد أن العدد لن يزيد على نصف من رشحوا العام 1995. ومعروف أن "الاخوان" خاضوا انتخابات العام 1984 ضمن تحالف مع حزب الوفد الليبرالي وتمكنوا من الفوز بثمانية مقاعد، لكن التحالف انتهى بعدما حل البرلمان العام 1987 فدخلوا في تحالف آخر مع حزب العمل وحصلوا على 35 مقعداً، لكن البرلمان حل مرة اخرى العام 1990 فقاطعوا الانتخابات التي جرت في ذلك العام مع قوى معارضة اخرى. ولم يتمكن اي من نحو 150 من رموزهم من الوصول الى البرلمان في انتخابات 1995.