زعلة: ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الانتماء وتجدد الولاء    المركز الوطني للأرصاد يحذر من المعلومات الفردية غير الرسمية عن مناخ المملكة    غارة إسرائيلية على «الضاحية» تقتل 8 وتصيب 59.. وأنباء عن مقتل قيادي كبير في حزب الله    "الصندوق العالمي": انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن مرض الإيدز والسل والملاريا    الذهب يرتفع بعد خفض سعر الفائدة.. والنحاس ينتعش مع التحفيز الصيني    حركة الشباب تستغل النزاعات المحلية الصومالية    خطيب المسجد النبوي: يفرض على المسلم التزام قيم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها    حافظ :العديد من المنجزات والقفزات النوعية والتاريخية هذا العام    رئيس جمهورية جامبيا يصل إلى المدينة المنورة    خطيب المسجد الحرام: أعظم مأمور هو توحيد الله تعالى وأعظم منهي هو الشرك بالله    "رفيعة محمد " تقنية الإنياغرام تستخدم كأداة فعالة لتحليل الشخصيات    تشكيل النصر المتوقع أمام الاتفاق    الجبير ل "الرياض": 18 مشروعا التي رصد لها 14 مليار ريال ستكون جاهزة في العام 2027    إصلاحات في قانون الاستثمار الجزائري الجديد    محافظ بيش يطلق برنامج "انتماء ونماء" الدعوي بالتزامن مع اليوم الوطني ال94    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    الأمم المتحدة تؤكد أنها نفذت خطط الاستجابة الإنسانية ل 245 مليون شخص    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    «اليوم الوطني» يستذكر بطولات التأسيس وبناء الدولة الحضارية    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    إسرائيل - حزب الله.. هل هي الحرب الشاملة؟    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    التزامات المقاولين    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    قراءة في الخطاب الملكي    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    قصيدة بعصيدة    حروب بلا ضربة قاضية!    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    نائب أمير منطقة جازان ينوه بمضامين الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهران على الانسحاب الاسرائيلي ... وجنوب لبنان ينتظر النهوض . مؤتمر الدول المانحة ينعقد ولا خطط حكومية واضحة بعد والمطلوب تنفيذ مشاريع ميدانية تحقق نتائج فورية 1 من2
نشر في الحياة يوم 27 - 07 - 2000

انقضى شهران على الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان، وعودة الارض والشعب فيه الى كنف الدولة، ولا تزال الحكومة غارقة في الخطط والبرامج لاعادة اعمار المنطقة وانهاضها اجتماعياً واقتصادياً من وضع متردٍ يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
ويقترب موعد الجولة الاولى من مؤتمر الدول المانحة في 27 تموز يوليو الجاري في بيروت، من دون ان تكون الدول المشاركة فيه والصناديق العربية والدولية مطّلعة بعد على مخطط واضح لمشاريع الدولة اللبنانية في الجنوب وتفاصيل الحاجات والاهداف والمستفيدين ووسائل التنفيذ والتكاليف. ويتخوف مراقبون من ان يتحول المؤتمر منبراً كلامياً اعلامياً لتسجيل المواقف الداعمة لاعمار الجنوب، قد تعلن فيه ارقام مالية لقروض او هبات من هذه الدولة او تلك او ذلك الصندوق الاقليمي او المصرف الدولي، لكنه يبقى اقل من التوقعات والآمال التي عقدت عليه، لأن ضمان نجاح مؤتمر من هذا النوع يحققه حضور وزراء خارجية الدول المانحة ورؤساء الصناديق المالية الكبرى. وهذا امر لن يحدث في الجولة الاولى من المؤتمر، لأن جداول مواعيد هؤلاء تكون معدّة ثلاثة اشهر على الاقل مسبقاً، ولان الدولة اللبنانية لم تستطع ان تخرج باكراً ببرنامج عمل واضح للجنوب على رغم الدراسات السابقة لمرحلة ما بعد الانسحاب الاسرائىلي.
وعلى رغم النصائح الدولية بتأجيل المؤتمر الى الخريف المقبل على ان تبدأ الحكومة اللبنانية العمل بالمبالغ المالية المتوافرة لديها وتحضّر لمؤتمر كبير تكون نتائجه مضمونة، اختار لبنان ان يقسم المؤتمر جولتين: الجولة الاولى في 27 تموز، ولن يحضرها على الارجح اكثر من سفراء الدول المانحة ورؤساء مكاتب الصناديق والمصارف المانحة في بيروت والمنطقة، والثانية في الخريف المقبل او قبل نهاية السنة الجارية ولم يحدد موعدها بعد، وقد تعرف مستوى تمثيل ارفع، ويطرح فيها مخطط كامل لاعادة اعمار لبنان وانمائه ككل.
وبين الجولة الاولى والثانية يدخل لبنان مرحلة انتخابات نيابية تشترك فيها للمرة الاولى المنطقة الحدودية المحررة حديثاً في الجنوب. ومعها تنشغل الحكومة اللبنانية بملفات داخلية ليس اقلها نشر قواتها الامنية حتى الحدود وملء الفراغ الامني هناك، وهو مطلب رئيسي للدول المانحة لتحقيق مشاركة ناجحة في اعمال الجولة الثانية من المؤتمر.
وسط كل هذا، ينتظر ابن الشريط الحدودي بدء تنفيذ المشاريع المقترحة التي تنشله من وضع مزرٍ يعيشه الآن، وكان قبل ذلك يعيش على اقتصاد الحرب بما يتجاوز خمسة ملايين دولار شهرياً. وهو سمع طويلاً بمشاريع تحويل اقتصاد الحرب الى اقتصاد السلم، لحظة تحقيق الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، وتسكير الابواب المفتوحة اليه. لكنه حتى الآن بلا مال الحرب ولا مال السلم ينتظر المساعدات العينية من الجمعيات الخيرية وهمّه تأمين قوته اليومي وحاجته الى الدواء، وامدادات الماء والكهرباء، وفرص عمل فورية تخرجه من حال التسول التي ما اعتقد انه سيبلغها يوماً.
في بحثنا المستمر منذ شهر تقريباً عن البرامج المعدّة للجنوب والجهات المحلية والدولية العاملة في التخطيط او التنفيذ او التمويل، غرقنا في لوائح وبرامج ودراسات، وواجهنا اطرافاً كثراً تتقاطع اعمالهم واحياناً تتضارب. وبقينا ننتظر المشروع الموحد للحكومة اللبنانية الذي لم يخرج الى النور مع كتابتنا هذه السطور، وقد لا يخرج حتى موعد الجولة الاولى من مؤتمر الدول المانحة، لكنه يرتكز عموماً على المشاريع المقررة للجنوب في الخطة الخمسية للحكومة، يضاف اليها تقرير اللجنة الوزارية عن الحاجات الملحة للمناطق المحررة، وتقرير مجلس الجنوب. وتستند مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جزء كبير منها الى "المخطط الاقليمي الاقتصادي والاجتماعي لجنوب لبنان" الذي وضعته الهيئة العليا للاغاثة بالتعاون مع "برنامج الامم المتحدة الانمائي" UNDP واصدرته في تموز يوليو 1999.
وهنا الحلقة الاولى من ثلاثية موضوعها: انقاذ الجنوب من محنته الاقتصادية والاجتماعية والانسانية. وتتضمن مسحاً جغرافياً للجنوب والبقاع الغربي، والافكار الرئيسية في "المخطط الاقليمي الاقتصادي والاجتماعي" ومقابلات مع رئيس مكتب بيروت لبرنامج الامم المتحدة الانمائي السيد ايف دوسان، ورئيس مكتب بيروت للبنك الدولي السيد هاري براساد، والمستشار الاقتصادي في التنمية البشرية لدى البنك الدولي السيد بسام رمضان والمستشار في المخطط الاقتصادي والاجتماعي السيد ساطع ارناؤوط.
والحلقة الثانية تتضمن مقابلات مع مدير البرامج في مجلس الانماء والاعمار الدكتور علي سرحال، ورئيس مجلس الجنوب المحامي قبلان قبلان، ورئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء يحيى رعد و"رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان" المهندس كمال حايك.
عام 1997، اشترت الحكومة اللبنانية صوراً التقطتها الاقمار الاصطناعية للبنان عموماً ولجنوبه وبقاعه الغربي خصوصاً، لتحدد بدقة جغرافية البلد بحسب التوزيع المعروف للمناطق الخضر والجرداء والتوسع السكاني. واظهرت الصور من ذلك البعد الشاسع كثافة اخضرار شمال اسرائيل بالمقارنة مع جنوب لبنان. انها مسألة واضحة تراها العين المجردة في وقفة واحدة قرب الشريط الشائك الذي لا يزال يستقبل فرقاً زائرة من انحاء لبنان ومن الدول العربية، يواصل اكثرها رفع الاعلام ورمي الحجارة على كل من يظهر من الطرف الآخر من الحدود، او توجيه شتائم اليه. وعكست الخريطة التوزيع الطبيعي والسكاني لجنوب لبنان والبقاع الغربي، كما نُقلت عن صور الاقمار الاصطناعية. وهي الخريطة الرسمية التي تعتمدها المنظمات والهيئات المحلية والدولية المعنية بمشاريع اعمار الجنوب وانمائه.
الخبير في الانماء المدني والمناطقي والمستشار في مشروع التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جنوب لبنان الدكتور ساطع ارناؤوط يشرح ل"الحياة" معالم الخريطة كالآتي:
51 في المئة من جنوب لبنان والبقاع الغربي لا تزال على طبيعتها جرداء وغير آهلة بالسكان.
30 في المئة اراضٍ زراعية تتألف من شريط ساحلي لبساتين الفاكهة والحمضيات والموز، وتلال مزروعة بالحمضيات والزيتون واللوز، وسهول داخلية من بساتين الزيتون والفاكهة والمزروعات المختلفة. وتعتبر زراعة التبغ مورد اساسياً لابن الجنوب، وهي الزراعة الاولى والطاغية وتغطي مساحات شاسعة من الداخل الجنوبي.
9 في المئة غابات، غالبيتها صنوبر وبلوط وسنديان. وتعتبر غابات الصنوبر في جزين، الاكبر بالمقارنة مع باقي المناطق اللبنانية. وقد عانت الحرائق والقذائف. وتتوزع اربعة انماط:
- قطاع جزين وهو آخر امتداد لجبل لبنان.
- الاراضي الخلفية للناقورة.
- قطاع حاصبيا على سفح جبل حرمون.
- امتداد خط نهر الليطاني.
8 في المئة مناطق آهلة بالسكان وتتركز في مدينتي النبطية وصيدا ومحيطهما، وبنسبة اقل في مدينة صور ومحيطها.
اقل من 1 في المئة انهر وينابيع، وتتألف من انهر الليطاني والحاصباني والوزاني والزهراني وبحيرة القرعون وسدود قرب انان وينابيع قرب بنت جبيل وينابيع رأس العين قرب صور.
واقل من 2 في المئة معالم طبيعية متفرقة مثل صخور الوديان.
المخطط الاجتماعي - الاقتصادي
في تموز 1999، اصدرت الهيئة العليا للاغاثة التابعة لرئاسة الحكومة بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP مخطط عمل للجنوب عنوانه "المخطط الاقليمي الاقتصادي والاجتماعي لجنوب لبنان". ونشرت الدراسة بعد عمل سنتين مع مؤسسات استشارية محلية وخارجية، وصولاً الى برنامج يمكن تطبيقه فور انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان حتى الشريط الحدودي. وورد في الملخص التنفيذي للمخطط: "تأثرت منطقة جنوب لبنان بالنزاع المستمر فيها منذ 30 عاماً. وهي تحوي مؤهلات تنموية مهمة مثل توافر مصادر المياه والمناطق السياحية والقدرة الديناميكية للسكان والموقع الجغرافي المميز الذي يوفر للمنطقة مستقبلاً واعداً بعد انتهاء النزاع. ويعيش سكانها تحت وطأة وضع اقتصادي صعب ويرتبط ثلث الدخل العائلي للسكان في هذه المناطق بالنشاطات المتعلقة بالنزاع والمنح المقدمة الى ضحايا الحرب وعائلاتهم التي توقفت الآن. وتشكل الزراعات الصغيرة غير المروية، إضافة الى الخدمات، النشاطات الاقتصادية الاخرى في المنطقة". وتابع الملخص: "لا يتعدى الدخل الشهري لربع العائلات نحو 300 دولار لعائلة وسطية مؤلفة من 8،4 اشخاص. وتزيد المشكلات الاجتماعية من حدة الفقر في هذه المنطقة خصوصاً بين المعوقين والايتام والمهجرين والسجناء والمحررين. وتبدو آثار الاعتداءات واضحة في المنطقة، وخصوصاً في المناطق المحاذية للمناطق المحتلة سابقاً، حيث يوجد الكثير من حقول الالغام والحقول المحترقة والابنية المهجورة ولا تزال على حالها تقريباً".
وجاء في الملخص التنفيذي ايضاً "ان جنوب لبنان يبقى احدى المناطق اللبنانية التي لا تتوافر فيها كل الخدمات العامة. ونقاط الضعف الاساسية هي تلك المتعلقة بالموارد البشرية ضعف المؤهلات، الفقر، الامية، وضع النساء... وحقول الالغام والضعف الهيكلي للقطاع الزراعي تشرذم الاراضي، زراعة التبغ التقليدية، عدم التزام المواصفات... إضافة الى عدم توافر البنية التحتية اللازمة للصناعة والسياحة".
ومن نقاط القوة في الجنوب، بحسب الملخص، وجود مجموعة كبيرة من المغتربين الناجحين خارج لبنان، واحتواء المنطقة اراضي زراعية خصبة، وتوافر مصادر المياه وخصوصاً نهر الليطاني، ووجود المواقع التاريخية والاثرية ومناطق المجال الطبيعي التي توفر فرص استثمار للسياحة.
اما مشاريع التنمية التي طرحها المخطط فهي: ايجاد فرص عمل في قطاعات الخدمات والصناعة، وتحديث القطاع الزراعي وتشجيع الاستثمارات الخاصة، وتنمية البنى التحتية والخدمات، خصوصاً شبكات المياه والمجاري ومعدات المدارس والمؤسسات العامة.
ومن المشاريع المقترحة:
- تنفيذ مشاريع صغيرة في القطاع الزراعي والصناعات الغذائية.
- تنفيذ اجراءات من اجل الحفاظ على الغنى التاريخي والطبيعي.
- الانتقال من زراعة التبغ في 10 سنوات الى زراعات بديلة منتجة بغية تحسين دخل المزارعين، وخفض انفاق الدولة على هذا القطاع.
ويُختم المخطط - الدراسة بفصل عن تنفيذ المشاريع وتعدد الاطراف العاملين وهي: مجلس الجنوب لتعويضات الضحايا والاضرار، ادارة التبغ لدعم مزارعي التبغ، وزارة الشؤون الاجتماعية لمشاريع محددة للايتام والمعوقين والمهمشين، مجلس الانماء والاعمار للبنى التحتية، والهيئة العليا للاغاثة.
هذا البرنامج - المخطط كان المحاولة الاولى التي استبقت الحدث، واليه يستند جزء كبير من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي ستدفعها الدولة الى مؤتمر الدول المانحة.
المستشار في هذه الدراسة الدكتور ساطع ارناؤوط، قال إن فيها ثغرة اساسية هي الفارق بين الطموح الى العمل ومشكلة التمويل. واضاف "ان الدول المانحة ليست مجبرة على تقديم المساعدة عبر القروض او الهبات. تريد ان ترى اولاً برنامج عمل واضحاً من الحكومة اللبنانية. طبعاً هناك سياسة خلف كل تحرك اقتصادي واجتماعي للدول. ولكل دولة مانحة مفكرة AGENDA خفية للاسباب التي تجعلها تمنح مشروعاً في بلد معين او تقدم عليه. طبعاً ثمة رغبة دولية في تهدئة المنطقة امنياً من خلال المشاريع الاقتصادية. والجنوب منطقة مهمة في المنظار الجيوبوليتيكي. فقضاء عكار مثلاً في شمال لبنان يعاني المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المتردية نفسها. لكنه ليس مهماً من منظار الجيوبوليتيك. وهناك امكنة اخرى في العالم مهمة جيوبوليتيكياً مثل منطقة السلطة الفلسطينية التي ستهتم بها الدول المانحة بعد توصلها إلى اتفاق جديد مع اسرائيل. لذلك مطلوب من الدولة اللبنانية ان تتحرك سريعاً وبوضوح قبل ان يتضاءل اهتمام الدول المانحة بنا". واضاف "ان الدراسة قامت عقب عملية "عناقيد الغضب" ومجزرة قانا عام 1996 والاهتمام العالمي بجنوب لبنان. فالاعلام العالمي يثير الاهتمام بمناطق معينة وتتبعه الدول المانحة. الحدث يجر الاعلام والاعلام يجر الدول المانحة. واذا لم نحضر انفسنا لتلقي الفرصة الآن قد نخسرها اذا طرأت احداث في امكنة اخرى من العالم مثل اعلان الدولة الفلسطينية في ايلول - سبتمبر. كانت هناك مشاريع تمويل من دول مانحة بعد انتهاء الحرب اللبنانية، لكن حرب الخليج غيرت المعطيات. لذلك فالتأخير يؤدي الى تحول التمويل الى مواقع احداث جديدة".
وتابع "ان الدول المانحة تحب ان يكون للدولة خطتها وألا تتركها على عاتق المنظمات الدولية، وان تكون اجهزة الدولة مهيأة للعمل الجدي والسريع. الآن في الشريط الحدودي نكبة اقتصادية والبطالة متفشية. كان الاعتماد الاقتصادي على الاحتلال، وكذلك كانت البنى التحتية من ماء وكهرباء. الآن انتهى كل هذا، هل نبقى مكتوفين؟ استعدنا الجنوب ارضاً وشعباً، ومطلوب من الدولة ان تعمل على توحيد المحاور والبرامج والاهداف. انا قلق من التأخير ومن تضارب الصلاحيات. من سينفذ المشاريع؟ الادارة اللبنانية لا تستطيع ان تمتص المشاريع وتنفذها لانها مثقلة بالموظفين غير المدربين بعد سنوات الحرب الطويلة. في هذا الصيف سيأتي مهاجرون ومغتربون. ثمة اقبال قوي منهم، من ابناء الجنوب في الولايات والمتحدة وغيرها. اذا لم تعرف الدولة كيف تتعامل مع هؤلاء فسيبيعون اراضيهم واملاكهم ويرحلون نهائياً. المطلوب تشجيع الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص. اذا اراد مستثمرون مثلاً انشاء فنادق درجة ثالثة مثلاً من نوع Bed & Breakfast او مطاعم سياحية، فهم يحتاجون الى جهاز بشري مدرب مهنياً ويعرف لغات. والمشكلة في الجنوب النقص الكبير في التدريب المهني، فضلاً عن ان الامية مرتفعة خصوصاً بين النساء، ونسبتها عالية بالمقارنة مع باقي المناطق اللبنانية".
وقال اوناؤوط "ان الدراسة التي وضعناها هي استراتيجية عمل. والمطلوب من الدول خطة تنفيذ سريعة بالاولويات على ان تركز على العناصر الاربعة الآتية: العنصر البشري والتنمية الاجتماعية، البنى التحتية ورفع مستوى الخدمات، نزع الالغام ونشر الوعي، وضع الحوافز للاستثمار الاقتصادي في المنطقة".
واشار الى ان هناك خصائص لكل منطقة، صناعية او زراعية او سياحية الخ... ومستقبل لبنان يقوم على لامركزية التنمية.
ومن المشاريع الاساسية التي يجب ان تنطلق في الجنوب والبقاع الغربي بحسب ارناؤوط:
- "التنمية السياحية البيئية مثل اماكن للاولاد والطلاب في المزارع او الطبيعة او الاماكن الاثرية...
- "الاهتمام بالزراعة التحويلية والزراعة ذات القيمة المضافة مثل الزهور والعطور والفاكهة الغريبة Exotic مثل الافوكادو وغيره والمطلوب ارشاد زراعي ودعم لكلفة البذار المرتفعة الثمن.
"وفي السياحة اولويات اهمها المحافظة على جمال الطبيعة والمواقع الاثرية والحد من التشويه العمراني، والمطلوب مشروع سياحي على شاطئ الناقورة يحافظ على جمال الطبيعة ولا يحول المنطقة جونية اخرى.
"لا بد من ان نكون تعلمنا من اخطاء الماضي، فهل نعمل من الجنوب منطقة نموذجية تحقق ازدهاراً اقتصادياً لكل لبنان؟ على المشاريع الصغيرة ان تبدأ الآن لأنها تولّد زخماًMomentum. المطلوب قروض صغيرة لبدء عمل المؤسسات الصغيرة في الشريط الحدودي: النجار، الميكانيكي، الحرفي، مكتب طيران، مكتب بريد سريع... كل هذه الخدمات مفقودة الآن. المطلوب تأهيل الناس هناك في امور من نوع التعامل مع المال والحسابات والكومبيوتر من اجل دعم مشاريعهم الصغيرة. ثمة نقص كبير في وجود مؤسسات الدولة ادارياً ومالياً وهذا يؤخر العمل. المطلوب قرار سياسي واضح للتعاقد مع القطاع الخاص والجمعيات الاهلية للانطلاق في الحركة.
"المطلوب حنكة من جانب الدولة لطريقة توجيه عملية الاعمار والانماء. عليها ان تجزئ المشاريع داخل مخطط عام، تكون فيها منفعة مباشرة للناس، وليونة في الحركة امام ظروف طارئة. والمطلوب استخدام العمالة المحلية وتفضيلها على المستوردة، ودعم الجمعيات الاهلية لأن بينها وبين الناس تواصلاً وثيقاً. علينا ان نشجعها ونتركها تعمل ونراقبها في الوقت نفسه، هي موجودة على الارض ولديها وسائلها وادواتها وتستطيع ان تصل الى الفئات المهملة والمهمشة والمنسية افضل من كثيرين".
برنامج الامم المتحدة الانمائي
مخطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جنوب لبنان اشترك في وضعه "برنامج الامم المتحدة الانمائي" UNDP. وتعمل هذه المؤسسة الدولية مع الحكومة اللبنانية منذ العام 1960، وتعاونها وثيق مع مجلس الانماء والاعمار ووزارات الدولة المختصة ومختلف هيئات المجتمع الاهلي والمنظمات غير الحكومية.
وحدّد السيد ايف دوسان اولويات العمل في الجنوب كالآتي:
اولاً - ازالة الالغام.
ثانياً - اعالة عائلات السجناء من الذين كانوا منخرطين في "جيش لبنان الجنوبي".
ثالثاً - اعادة الاختلاط بين مختلف فئات الوطن.
رابعاً - الاهتمام بالنازحين من الشريط الحدودي وفتح آفاق المستقبل امامهم من خلال عودتهم الى قراهم.
وقال "المطلوب من الدولة اللبنانية ايجاد نظام من الشفافية وإطار عمل موحد لأي اجتماع او لقاء او مؤتمر. الاعمال كثيرة ومتعددة، والمطلوب نظام عمل واحد تُفتح فيه قنوات عمل تصل الى مختلف فئات الناس". وأضاف "ان برنامج الامم المتحدة للانماء اعد برامج صغيرة للجنوب وينتظر الضوء الاخضر من الحكومة اللبنانية ليتحرك. امامنا الآن مؤتمر الدول المانحة وكان يجب ان يقوم في موازاة مؤتمر للجمعيات المحلية غير الحكومية والمنظمات الدولية غير الحكومية لتحديد الحاجات وإمكانات العمل. والمطلوب تحضير نظام معلومات لمعرفة الفئات التي تحتاج الى مساعدة وما نوع هذه الحاجة".
وحدد التحرك الآن بثلاث محطات:
- مؤتمر الدول المانحة.
- اقرار برنامج ازالة الالغام بعد تحديد غير المعروف منها.
- تحضير نظام العمل والحاجات.
وذكر ان السويد واوكرانيا قدمتا مساعدة لازالة الالغام عبر قوات الطوارئ الدولية، وهناك مساعدات اميركية واوروبية ايضاً. وقال: "علينا ان نبدأ من مكان محدد في المشاريع الصغيرة. والامر الملحّ احداث وعي عام لمعرفة الحاجات الضرورية والأساسية. ونعرف ان الاولوية الطارئة الآن هي اعطاء مساعدات مباشرة، وهنا يأتي دور الجمعيات الاهلية غير الحكومية في الاتصال بالناس الذين هم في اقصى حاجة الى مساعدة عينية ومالية مباشرة. هناك دول مانحة عربية اعلنت استعدادها لتقديم مساعدات فورية هي الكويت والامارات... اما دفع التعويضات للبيوت المدمرة او التي تحتاج الى ترميم فتحتاج الى عناصر موازية لها، اي ماء نظيفة وصحة عامة ومجالات عمل. واذا لم يتأمن هذا فإن نزوحاً جديداً سيبدأ من الجنوب الى المدن. اذا رمّم الجنوبي البيت ولم يجد عملاً وليس لديه تدريب مهني، فكيف يبقى في قريته؟ يجب مواجهة النمو السكاني الآن، وعدم السماح بقيام ابنية باطون تعلو في سرعة فتقضي على مشاريع سياحية يمكن ان تقوم هناك. ففي الجنوب اللبناني ثروة سياحية وبيئية وآثار مهمة يجب المحافظة عليها والمطلوب نظام لتطبيق القوانين العامة من السلطة المحلية".
وكرر السيد دوسان رغبته في ان يقوم مؤتمر للمنظمات غير الحكومية والجمعيات الاهلية باكراً. "نريد ان نعرف ما هي هذه المنظمات والجمعيات؟ ما هي افكارها ومشاريعها؟ هل اثبتت جدارتها قبل الآن ما هي آلية عملها وتقاريرها؟ هناك جمعيات شكلت منبراً لطروحات سياسية. ثمة افكار للعمل هي في كثير من الاحيان غير مطلوبة على الارض. ومن الضروري ان تعمد الدولة الى وضع الحوافز لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار".
واضاف "ان منطقة الشريط الحدودي في حاجة الى عمل سريع الآن. فهي لم تعرف انتخابات بلدية او نيابية وتوقفت فيها مشاريع الدولة من زمن بعيد. وعلى السكان هناك ان يتعلموا كيف يقدمون عرض مشروع يحتاجون اليه، فلا ينتظرون طويلاً المشاريع الآتية اليهم من بعيد. ومن المشاريع المهمة التي يمكن ان تقوم في الجنوب: الزراعات البديلة والصناعات الغذائية. ومن الافضل لادارة التبغ اللبنانية ان تعطي المال للمزارعين للزراعات البديلة من ان تشتري منهم محاصيل خاسرة في كل الاحوال".
وتابع: "من الزراعات الاساسية القائمة في الجنوب الزيتون. والمطلوب مكابس ومصانع حديثة لاستيعاب الانتاج، وتعبئة سليمة ونوعية جيدة وكمية كافية في نظام عصري ووقت مناسب للسوق، فتقوم منافسة اقتصادية مهمة مع زيتون المنطقة. وهنا دور اساسي للقطاع الخاص يمكن ان يؤديه، اذا تأمنت له الظروف الضرورية للعمل".
وقال ان المشكلة في منافسة السوق قائمة لعدم وجود دراسة اقتصادية اقليمية للبنان والدول المجاورة تحدد توزيع الانتاج. ولكن ثمة سياسات انمائية محلية صغيرة يجب العمل من خلالها الآن.
البنك الدولي
مدير مكتب البنك الدولي في بيروت السيد هاري براساد يترقب برنامج الدولة اللبنانية للمشاريع الاولوية وبدء اعمال تنفيذ هذه المشاريع. وبالنسبة اليه تأتي هذه الخطوات قبل اي مؤتمر او اي مخطط انمائي او بنى تحتية. وقال: "لننظر الى مشاريع التنمية حول العالم. ثمة دول كثيرة وضعت مشاريع وخطط عمل من زمن بعيد. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: ماذا فعلت الحكومات بهذه الخطط؟ وهل هي منفذة وقائمة على الارض؟ المشكلة ليست في وضع الخطط والمشاريع بل في آلية تنفيذها".
واوضح "ان وجود خطة للدولة اللبنانية ليس ضماناً لعمل ناجح في الجنوب او غير الجنوب. لان الخطة افكار عامة، اما آلية التنفيذ فهي ابعد من الخطة بكثير".
وقال براساد "نحن عقدنا ولا نزال نعقد لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين. ونعرف الخطط والمشاريع الموضوعة. فوضع برنامج بالمشاريع الاولية والكلفة ليس كافياً للحصول على قروض ومساعدات من الدول المانحة لان المطلوب تفاصيل واضحة ودقيقة للمستفيدين من هذه المشاريع واهدافها وكيف ستنعكس انماء اقتصادياً واجتماعياً للمنطقة. المطلوب تحديد طاقات المنطقة والنقاط التي يجب التركيز عليها مع نقطة انطلاق اساسية".
واضاف "ان لدى مجلس الانماء والاعمار ومجلس الجنوب برامج عمل اقتصادية واجتماعية، ومشاريع بنى تحتية على المديين القريب والبعيد، وهي مشاريع جيدة عموماً. ونحن لا نحتاج الى خطط جديدة بل نحتاج الى ان نعرف كيف سيتم تنفيذ البرنامج وادارته والمطلوب سرعة في العمل. مثلاً تصليح طريق وتعبيدها لا يحتاجان الى خطة بل الى تنفيذ فوري، وكذلك ربط اسلاك الكهرباء وانابيب الماء. والحاجات الاساسية اكبر من هذه بكثير. ونحن في البنك الدولي نعتقد ان من المهم جداً ان تظهر الحكومة اللبنانية عملاً سريعاً على الارض. وليس مهماً الاسراع في اعلان خطتها واولوياتها لان هذه الامور تدخل في صلب مناقشات مؤتمر الدول المانحة".
واضاف "ان شهرين تقريباً سينقضيان على انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان، والدولة اللبنانية قامت ببعض الاعمال الضرورية الطارئة، لكن المطلوب تكثيف هذه الاعمال على مختلف المستويات الحكومية وغير الحكومية".
وعما يمكن ان يقدمه البنك الدولي الى لبنان قال: "سبق ان قدمنا الى الحكومة اللبنانية قرضاً بقيمة 225 مليون دولار عام 1993، وفيه تسعة ملايين دولار لم تصرف، حولناها اخيراً لتصرف فوراً في اعمال بنى تحتية في الجنوب. ومن ضمن قرض ال225 مليون دولار التزام بمشاريع اقتصادية اجتماعية للجنوب بقيمة 25 مليون دولار. وعام 1997 قدمنا قرضاً للتنمية الزراعية بقيمة 31 مليون دولار، بينها خمسة ملايين دولار لم تصرف حولناها الى مشاريع طارئة في الجنوب. وقبل اسبوعين قدمنا قرضاً الى وزارة الشؤون البلدية والقروية بقيمة 80 مليون دولار، من اصلها 12 مليوناً يمكن ان تستخدم في تصليح الطرق والمجاري الصحية والكهرباء في الجنوب. ونحن مستعدون لأن نمول مشروع تنمية اجتماعية بما بين 30 مليون دولار و40 مليوناً، على ان تحولها الحكومة الى الجمعيات الاهلية غير حكومية لانها فئة تعرف حاجات الناس وتعمل في سرعة على الارض". وسئل هل تستطيع الحكومة اللبنانية ان تتحمل قروضاً فوق التي تتحملها؟ اجاب "ان مجموع القروض التي قدمها البنك الدولي الى الحكومة اللبنانية 12، تبلغ قيمتها 750 مليون دولار. وقروضنا متدنية في الكلفة وفي مدة التسديد. هناك خمس سنوات سماحاً وبعد ذلك التسديد على مدى 17 سنة بفائدة اقل من سعر السوق". واضاف "ان القروض ليست عبئاً على الحكومات لان غاياتها اطلاق حركة اقتصادية قوية في البلد، وسيعيدها الشعب بحركة عمل ناجحة. واذا لم يتمكن من اعادة القروض لا نكون نقوم بواجبنا جيداً".
وهل يمكن تحويل بعض قروض البنك الدولي هبات؟ اجاب براساد: "لا نستطيع ان نعطي هبات. نعطي قروضاً ارخص من القروض التجارية. ونستطيع ان ننسق مع الدول التي ترغب في اعطائها. لبنان ليس دولة فقيرة بحسب المؤشرات الاقتصادية. ومعدل دخل الفرد فيه نحو خمسة آلاف دولار. وهذا معدل لا يؤهله للحصول على قروض طويلة الامد بلا فائدة مثل الدول الفقيرة التي لا يتجاوز معدل دخل الفرد فيها الف دولار".
ودعا الدولة اللبنانية الى ان تجهز نظامها الاداري بالقوانين العصرية والموظفين المدربين على العمل بكفاية وشفافية، فتتمكن من تحقيق الكثير من المشاريع المجزية على الارض لدى فئات المجتمع كافة. وتمنى "ان ينجح مؤتمر الدول المانحة وان يتجاوز المؤتمرون الخطابات في المناسبة الاعلامية الكلامية الى ما هو ابعد واكثر فائدة للمجتمع والاقتصاد".
التنمية البشرية
المستشار الاقتصادي في قطاع التنمية البشرية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في البنك الدولي السيد بسام رمضان، عمل سابقاً في ملف اصلاح الادارة. وقال ان كل برامج الاصلاح الاداري فشلت لأن كل حكومة تأتي تعطل ما وضع قبلاً. "فالمشكلة القائمة اليوم في الجهاز الاداري هي اما في الفساد واما في الجهل، وكلاهما لا يساعد الدولة على تحقيق تنفيذ جيد للمشاريع الاقتصادية والاجتماعية، وهذا الامر هو الذي اوصل الادارة الى حال من الجمود لم تستطع ان تخرج منها بعد".
وقال رمضان انه زار الجنوب اخيراً وعاد بالانطباعات الآتية: هناك احساس كامل بالفراغ. ثمة حضور سكاني مكثف لكنه آني. هؤلاء اناس عادوا للزيارة فقط والموسم صيف. ثم ان عدداً كبيراً من البيوت في حال مزرية، وليست هناك، حتى الآن، اي قاعدة للعمل. والفراغ الموجود لم تملأه مؤسسات الدولة. ثمة بضعة انشطة حكومية عاملة هي مراكز الخدمات الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية. البطالة متفشية ولا عمل للشباب. السجناء الذين اطلقوا اخيراً وعادوا الى جزين يتجولون في المنطقة بلا عمل ولا مال. وهؤلاء وغيرهم لا يمكن ان يبقوا على الوضع القائم طويلاً. واذا لم تسرع الحكومة في تنفيذ بعض المشاريع ميدانياً، فقد يتحول الشباب الى ممارسة اعمال غير مشروعة. ولا عذر للدولة اذا لم تتحرك سريعاً الآن وتحقق نتائج فورية. والعائق امامها ليس المال".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.