دأبت المملكة العربية السعودية على مساعدة العرب دون استثناء، وكان لبنان دائما على رأس القائمة، حيث امتدت اليد السعودية للبنان في كل محنة وشدة عبر دعم الدولة اللبنانية للنهوض بالبلاد وإعادة اعماره رغم الحروب المتوالية عليه. ومقابل هذا الدعم الأخوي الذي شمل كل لبنان، برز دعم من إيران لتقوية "حزب الله" ليصبح هو الدولة في لبنان ولتنفذ مشروعها في لبنان، ولعل أكبر العقبات وأهمهما هي فصل لبنان عن السعودية. لهذا عملت إيران على دعم الحزب سياسياً ومالياً وعكسرياً، في المقابل استمرت المملكة في دعم الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني. هلل جمهور "حزب الله" كثيراً لإيران وللدعم الذي قامت به في ظروف سياسية معينة، كون "حزب الله" تمكن من تسويق هذه المساعدات البسيطة على انها "القشة" التي انقذت فيلاً في عمق البحر، والحقيقة أن مساعدات إيرانللبنان لم تتجاوز 40 مليون دولار لإعادة بناء جسور في المناطق الموالية ل"حزب الله" وتوزيع بعض البطانيات. 70 مليار دولار خلال 25 عاما واعتماداً على أرقام الجهات المالية في بيروت، كشفت مصادر متابعة ل"اليوم" أن "المساعدات والهبات المقدمة من السعودية للبنان بلغت بين عامي 1990 و2015 نحو 70 مليار دولار، بخلاف 4 مليارات دولار رصدت لتسليح الجيش والأمن اللبناني، فيما لم تتجاوز مساعدات إيرانللبنان توزيع بطانيات وأغذية في عام 2006، ومنح شركات مقاولات تابعة ل"حزب الله" مبلغ 40 مليون دولار لتنفيذ طرق في مناطق منفوذة، حيث تولت الهيئة الإيرانية للاعمار إعادة اعمار بعض المدارس وعدد من الجسور وإنشاء وإصلاح طرق في البقاع والجنوب ومنها طريق بعلبك التوفيقية في البقاع وإعادة بناء مؤسسات متعددة". ترميم 36 منزلا.. وودائع لدعم الاقتصاد شدد رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية السعودية ايلي رزق في تصريح ل"اليوم" على ان "المملكة التي دأبت على مساعدة لبنان في كل محنة توجت هذه الهبات والمساعدات التي بلغت 70 مليار دولار، ناهيك عن دعم ترميم 36 ألف منزل في 44 قرية جنوبية إبّان الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على لبنان في العام 2006، اضافة الى ان الاستثمارات السعودية في القطاعين العقاري والسياحي منذ العام 2007 الى 2010 بلغت10 مليارات دولار". وسأل: "من هو المستفيد من قطع العلاقات السياسية والاجتماعية والأخوية بين المملكة ولبنان؟ وخاصة اننا نعلم انه اصبح هناك حركة بيع للممتلكات العقارية التي يملكها سعوديون ناهزت ال 70 بالمئة في المناطق الجبلية، و34 بالمئة في المناطق الساحلية، وتدنى مستوى المساهمات السعودية في وسط بيروت من 18 بالمئة الى 3 بالمئة، واصبح هناك فقط عدد من شركات سعودية يعملون في لبنان". واكد رزق ان "ايران لم تقم ابداً بمساعدة لبنان، بل كانت دائماً تدعم فصيلا سياسيا لبنانيا مسلحا بالعتاد والسلاح لكي ينقلب على الدولة، بينما المملكة دعمت لبنان والشعب والدولة والمؤسسات". واوضح ان "وديعة المليار دولار في مصرف لبنان ليست الوحيدة للمملكة، فلقد أكد لنا الرئيس نجيب ميقاتي انه في العام 2006 بناء على طلب وتمنٍ منه، قامت المملكة بإعطاء لبنان وديعة بلمليارين و850 مليون دولار بناء على طلب حاكم مصرف لبنان آنذاك إبّان الاعتداء الإسرائيلي، حيث كان مصرف لبنان بأمس الحاجة الى احتياطات بالعملة الأجنبية، وهذا يؤكد ان المملكة لم تتوان ابداً عن دعم لبنان عندما يطلب ذلك". بالأرقام.. تقديمات المملكة للبنان بعد حرب تموز فلقد خصصت المملكة العربية السعودية 550 مليون دولار لإعادة اعمار 208 قرى في مختلف المناطق اللبنانية، و36 مبنى مدمرا بالكامل في الضاحية الجنوبية، حيث بلغ مجموع الوحدات السكنية المدمرة والمتضررة التي جرى تقديم مساعدات لأصحابها من قبل المملكة العربية السعودية: (55,190 وحدة سكنية). وهذا المبلغ يشمل ما أسهمت به المملكة في إصلاح البنى التحتية المدمرة جراء العدوان الإسرائيلي وأسهمت أيضا المملكة بمبلغ خمسين مليون دولار في كلفة أعمال الإغاثة العاجلة التي قامت بها الهيئة (وتشمل إغاثة النازحين وإصلاح الأضرار وإزالة الأنقاض ودفع المساعدات لذوي الشهداء والجرحى وغيرها)، وكذلك في تنفيذ واستكمال عدد كبير من مشاريع البنى التحتية في مختلف المناطق اللبنانية. كما قدمت المملكة مساعدات إضافية بمبلغ 84 مليون دولار لدعم تلاميذ المدارس الرسمية على مدى السنوات من 2006 - 2009 ومائة مليون دولار لدعم وتجهيز الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. وأودعت المملكة العربية السعودية مبلغا بقيمة مليار دولار أميركي لدى مصرف لبنان لدعم الاستقرار النقدي في لبنان. إجمالي الاستثمارات ويبلغ اجمالي الاستثمارات السعودية في لبنان ما يقارب نحو 4،5 مليار دولار اميركي، والتي اتخذت أشكالاً عدة، أبرزها: * منح مباشرة للخزينة اللبنانية بلغت قيمتها حتى آخر العام 2010 نحو 1،2 مليار دولار. * منح مالية لتمويل مشاريع عاجلة ومواد غذائية ومشاريع إنمائية. * منح دعم للخزينة من خلال مؤتمر ستوكهولم في العام 2006 ومؤتمر "باريس 3". * وديعة قيمتها مليار دولار لدى مصرف لبنان لدعم الليرة اللبنانية. * قروض ميسرة من الصندوق السعودي للتنمية لتمويل المشاريع الإنمائية بلغت قيمتها حتى آخر 2010 نحو 1،2 مليار دولار اميركي. * دعم طلبات لبنان للحصول على قروض إنمائية ميسرة من مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية التي تساهم فيها المملكة، ولا سيما البنك الإسلامي للتنمية، الذي تبلغ مساهمة الحكومة السعودية فيه 24 في المئة، والمؤسسات التابعة له وكذلك الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الذي تمتلك السعودية مع الكويت نحو 50 في المئة من رأسماله. ولقد بلغ مجموع القروض والمنح المباشرة التي حصل عليها لبنان من المملكة العربية السعودية منذ عام 1980 وحتى نهاية 2010 نحو 2،53 مليار دولار اميركي، يضاف إليها القروض الواردة من مؤسسات التمويل الإقليمية التي تقدّر بنحو 2،2 مليار دولار اميركي. إضافة إلى ذلك، فإنّ دور المملكة في دعم لبنان يتعدّى الدعم المباشر، لجهة قدرتها على تحريك التدفّقات المالية لمؤسّسات التمويل الإقليمية والدولية، فالمملكة تحتل مركزاً مالياً مرموقاً في مؤسّسات تمويل كبيرة كالبنك الإسلامي للتنمية، علماً بأنّ إجمالي قروض البنك الإسلامي للتنمية بلغت ملياراً و106 ملايين دولار أميركي منذ العام 1995. المساعدات العينية ولم تقتصر الهبات والمساعدات السعودية على الامور المادية، بل تخطتها الى مساعات عينية للشعب اللبناني من خلال: * الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب اللبناني، جمعية الهلال الأحمر السعودي، بالاضافة الى "منظّمة الغذاء العالمي"، حيث إنّ الحملة الشعبية السعودية تدعم ميزانية هذه المنظّمة بنسبة 50 %، وعبر منظّمة "اليونيسيف"، وأيضاً عبر مركز التنسيق لنزع الألغام في الجنوب التابع للأمم المتحدة. * أما التبرّعات العينية من المواد الغذائية فلقد جاءت معظمها من مواطني المملكة العربية السعودية ومن جمعياتها الخيرية، حيث بلغت 4975 طناً من مجمل التبرّعات الغذائية البالغة 11040 طناً، أي بنسبة 45 %. دور المملكة تجاه لبنان في الهيئات الدولية علاوة على ما ذكر، فلقد عملت المملكة كونها عضوا فاعلا في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على دعم لبنان من خلال حصول لبنان على قروض ومنح من الصندوق العربي، أتت على الشكل التالي: * ما يزيد على المليار و100 مليون دولار أميركي، أضف إلى ذلك دور المملكة في البنك الدولي وفي صندوق النقد الدولي، حيث إنّ لها مقعداً وقوّة تصويتية تصل إلى 1.8% في كل منهما. * تأثير المملكة في قرارات مؤسّسات التمويل كصندوق الأوبك للتنمية، وأيضاً في كل من البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد العربي، حيث استخدمت المملكة نفوذها وعلاقاتها في هذه المؤسّسات الإقليمية والدولية لصالح لبنان والشعب اللبناني للحصول على القروض للمشاريع التنموية. * التبرّعات النقدية في عام 2006 معظمها من مواطني المملكة، حيث بلغت حوالى 105 ملايين دولار أميركي، بنسبة 77 %، من مجمل التبرّعات النقدية البالغة 136 مليون دولار، والتي جاءت من أرجاء العالم. .. وللصحة نصيب أيضاً استقبل المستشفى الميداني السعودي في بيروت أكثر من 120 ألف حالة مرضية، وآلاف الحالات في مستشفى تعنايل في البقاع، إضافة إلى استقبال بعض الحالات التي تحتاج إلى عمليات أو علاج لا يتوفّر في لبنان في المستشفيات الخاصة في المملكة. كما قدمت الاحتياجات من الأدوية والمُعدّات الطبية وسيارات الإسعاف إلى وزارة الصحة اللبنانية، والصليب الأحمر اللبناني، والجيش اللبناني، كما تم توزيع الأدوية وبعض المستلزمات الطبية على بعض الهيئات الصحية العاملة في لبنان، وتم تقديم مساعدات تتعلق باللقاحات الخاصة بالأطفال من خلال منظمة اليونيسف. الدعم للجيش اللبناني منحت السعودية الجيش اللبناني مبلغ 3 مليارات دولار لدعم تسليحه من فرنسا، وتبعه الإعلان عن تقديم مليار دولار للجيش والقوى الأمنية في آب / أغسطس 2014، وقد بدأت طلائع المساعدات العسكرية تصل إلى الجيش اللبناني، الا ان هذا الدعم توقف نتيجة لسيطرة "حزب الله" على قرار الدولة.