يصل الرئيس ياسر عرفات اليوم الى باريس في زيارة يلتقي خلالها على غداء عمل الرئيس جاك شيراك. وتتزامن هذه الزيارة مع انتقال رئاسة الاتحاد الاوروبي الى فرنسا. وكان وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين صرّح الاسبوع الماضي بأنه يجب الا ينتظر من فرنسا ان تقوم بمعجزات نتيجة رئاستها الاتحاد، وألا يُقوّم دورها بما يفوق قدرتها، مشيرا الى ان رئاسة الاتحاد تعني الأخذ بآراء 14 دولة قد تكون لديها توجهات مختلفة عن التوجه الفرنسي. لكن مجيء عرفات الى باريس لاستشارة اصدقائه الفرنسيين مهم جداً في هذه المرحلة، خصوصاً في اطار التوقعات المتعلقة بقمة ثلاثية بينه وبين رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك والرئيس بيل كلينتون. ونقلت مصادر فرنسية مطلعة عن وزير الثقافة الفلسطيني ياسر عبدربه الذي التقى المسؤولين الفرنسيين خلال وجوده في باريس الاربعاء الماضي قوله ان عرفات يدرك ان مشاركته في القمة المقترحة في واشنطن مشكلة، لأنه يعرف ان هذه المشاركة ستجعله عرضة لضغوط تُمارس عليه لحمله على القبول بأمور مستحيلة وصعبة، كما انه يدرك ان رفضه حضور القمة مشكلة، كونه عازم على الحفاظ على علاقة جيدة مع كلينتون الذي يستطيع ان يبذل جهداً لمساعدة الفلسطينيين. وتعتبر باريس ان زيارة عرفات في هذه المرحلة تهدف الى التأكد من استعداد فرنسا لمساعدته في اطار رئاستها للاتحاد الاوروبي، والتأكد ايضاً من حشد الجهود الفرنسية والاوروبية الى جانبه. وتدرك الاوساط الفرنسية المسؤولة الصعوبات التي يواجهها عرفات في مفاوضاته مع الجانب الاسرائيلي. ورأى مصدر فرنسي مطلع انه في حال اعلن عرفات الدولة الفلسطينية في 13 ايلول سبتمبر المقبل من دون اتفاق مع اسرائيل، فإن هذا الاعلان سيكون بمثابة أسوأ الاحتمالات. وكان فيدرين اكد خلال ندوة عُقدت قبل ايام ان فرنسا لا يمكنها القول منذ الآن ما سيكون عليه موقفها في حال اعلان الدولة في غياب اتفاق. ورأى مصدر فرنسي مطلع ان رئاسة فرنسا للاتحاد الاوروبي لا تعني انها تستطيع ان تملي سياستها على باقي الدول، فهي تستشير وتتحدث وتقنع فقط. وقال انه سبق لفرنسا ان لعبت دوراً اساسياً بالتوصل الى "اعلان برلين" الذي أصدره الاتحاد وأيّد خلاله خيار الدولة الفلسطينية وحق تطبيق هذا الخيار. وكان "اعلان برلين" دعاً ايضاً الى معاودة المفاوضات الخاصة بالوضع النهائي على ان تنتهي خلال فترة سنة، واعتبر ان انشاء دولة فلسطينية ديموقراطية وقابلة للعيش ومسالمة، يشكّل افضل ضمانة لأمن اسرائيل. وعادت فرنسا وبذلت جهداً لاعادة التذكير بهذه المبادئ خلال القمة الاوروبية التي عقدت في البرتغال منذ اسابيع. وتعلّق باريس اهمية على زيارة عرفات اذ انها تعتبر انها تأتي في مرحلة دقيقة وصعبة من المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية. وكان عبدربه وصفها بأنها مرحلة حاسمة. الى ذلك اف ب، اعلن مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل ابو ردينة امس ان عرفات سيبحث مع شيراك في "امكان دفع عملية السلام في المنطقة والدور الاوروبي في ذلك". واضاف ان عرفات "يطالب بدور اوروبي فاعل وناشط خصوصا في الاسابيع القليلة المقبلة لما لها من استحقاقات". وصرح مصدر فلسطيني آخر بأن "الرئيس الفلسطيني سيحض الاتحاد الاوروبي على تقديم الدعم للحق الفلسطيني في اعلان الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام الحالي".