سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إسهاب القول في الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا ... فماذا عن الجزء الجنوبي ؟ . خط الإنسحاب الى شاطىء طبريا ليس مائياً .. والحدود داخل فلسطين الانتدابية
تتابعت الأخبار والمقالات عن الشاطئ الشمالي الشرقي لبحرية طبريا ودوره في توقف المفاوضات على المسار السوري - الاسرائيلي واخفاق وساطة الرئيس كلينتون مع الرئيس الأسد في قمة جنيف. ونشرت "الحياة" اقتراحاً للصحافي السيد باتريك سيل يقضي بإقامة منطقة سياحية مشتركة على ما هو موضع خلاف بين سورية واسرائيل على الشاطئ الشمالي الشرقي للبحيرة. ولم تتناقل الأخبار وما تناولت المقالات شيئاً عن باقي الشاطئ الشرقي لها أي الجزء الجنوبي منه والذي كان يوم 4 حزيران يونيو 1967 في عداد المناطق المنزوعة السلاح بين سورية واسرائيل، وله عمق يصل الى منتصف منحدرات الجولان شرقاً بخلاف الجزء الشمالي من الشاطئ الشرقي الذي لم يتجاوز عمقه عشرة أمتار. وسأحاول في هذه المقالة القاء الضوء على الاشكالات المتعلقة بالشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا، وتبيان سلامة ما رشح من الموقف السوري ازاءها. إذ قد أصرت سورية على انسحاب اسرائيل الى خط الرابع من حزيران عام 1967، ورشح انها طالبت بالسيادة على الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا، ولم يصدر عن أي من الطرفين المتفاوضين موقف لأيهما حيال الجزء الجنوبي من الشاطئ الشرقي للبحيرة. أ الحدود الدولية وخطوط الرابع من حزيران يونيو لدى دخوله دمشق واندحار قوى الامبراطورية العثمانية بمساعدة من قوات الثورة العربية الكبرى عام 1918 أصدر القائد البريطاني ادموند اللنبي مرسوماً بإدارة البلاد وفق التقسيمات الادارية العثمانية. وكانت كامل بحيرة طبريا تابعة لقضاء طبريا التابع بدوره لسنجق عكا من أعمال فلسطين، وكانت حدود القضاء تتجاوز البحيرة شرقاً لتشمل سهولاً الى الشرق منها شمال نهر اليرموك وجنوبه. وأبرمت دولتا الانتداب فرنسا وبريطانيا بروتوكولاً عام 1923 عينتا بموجبه الحدود بين سورية وفلسطين استناداً الى تقرير لجنة الحدود لعام 1922. ونص ذلك التقرير على أنه "بدءاً من مدخل نهر الأردن وحتى الينابيع الكبريتية في ميسفير حيث العلامة الحدودية الرقم 61 تتبع الحدود خطاً على الشاطئ موازياً لطرف بحيرة طبريا ويبعد عشرة أمتار عنه، وتتم ملاءمته مع أي تغيير في المنسوب ناتج من ارتفاع مياهها بسبب بناء سد على نهر الأردن الى الجنوب من البحيرة". واستهدف هذا التعيين للحدود إبقاء كامل بحيرة طبريا ضمن حدود فلسطين مع شريط ساحلي بعرض عشرة أمتار. وكان متوقعاً رفع منسوب مياه البحيرة في ضوء الامتياز الذي منحه وكلاء التاج بتاريخ 21 أيلول سبتمبر 1921 للمهندس اليهودي بنحاس روتنبرغ لاستغلال مياه نهري اليرموك والأردن في توليد الطاقة الكهربائية، ونص الاتفاق على بناء سد على نهر الأردن لدى خروجه من بحيرة طبريا ضمن اعمال المشروع الذي تقدم به المهندس المذكور، واشترطت المادة الرابعة ص - 6 من اتفاقية الامتياز الا يزيد ارتفاع منسوب مياه البحيرة عن أقصى منسوب بلغته خلال ثلاث سنوات تسبق تاريخ الأول من تشرين الأول اكتوبر عام 1921. وبين التقرير الفني الملحق باتفاقية الامتياز أن أقصى منسوب بلغته مياه البحيرة في الفترة المنوه عنها هو كونتور ينخفض بمقدار 80 سنتيمتراً عن منسوب سكة حديد الحجاز الواصلة بين درعا وحيفا عند محطة سمخ جنوب بحيرة طبريا. وأكد تقرير لجنة الحدود لعام 1922 كما أكدت اتفاقية حسن الجوار لعام 1926 حماية الحقوق التقليدية للسكان المحليين في الملاحة والصيد بصرف النظر عن جنسياتهم. تنحرف الحدود الدولية هذه عند ميسفير والعلامة الحدودية الرقم 61 الى الشرق باتجاه منحدرات الجولان ثم تتجه بعد ذلك الى الجنوب باتجاه نهر اليرموك وتنحرف قبل وصول النهر باتجاه الشرق لتتجاوز قرية الحمه قليلاً وتلتقي بالنهر عند أول جسر لسكة حديد الحجاز شرق الحمه. استقلت سورية عام 1946 ولم تعترف بالحدود الدولية التي حددها الانتداب، ثم نشبت حرب 1948 اثر اعلان قيام دولة اسرائيل، وتوقفت العمليات اثر الهدنة الأولى ونشب القتال ثانية وأعلنت الهدنة الثانية. وكانت سورية آخر طرف يوقع على اتفاقية للهدنة مع اسرائيل في 20 تموز يوليو 1949 بعد كل من مصر ولبنانوالاردن على التوالي. رسمت اتفاقية الهدنة خطوطاً لا تتجاوزها القوات المتحاربة، وهي خطان حيثما كانت تلك القوات في مواجهة مع بعضها، وخط واحد حيثما لم تكن هناك مواجهات عسكرية. ومناطق الخطين المشار اليهما كانت ثلاث مناطق: الأولى في اصبع الجليل، والثانية عند بحيرة الحوله وجسر بنات يعقوب، والثالثة غطت الجزء الجنوبي الشرقي للبحيرة وامتدت جنوباً باتجاه نهر اليرموك وإصبع الحمه. وكان الخط الشرقي يتطابق مع "الحدود الانتدابية" ويحظر على القوات السورية تجاوزه كما حددت الاتفاقية أنواع الأسلحة التي يمكن للقوات السورية اقتناؤها بالقرب من ذلك الخط. أما الخط الغربي فكان يقع بكامله داخل أراضي فلسطين وتعين موقعه ليكون في منتصف المسافة بين القوات المتواجهة ويحظر على القوات الاسرائيلية تجاوزه وحددت الاتفاقية كذلك انواع أسلحتها، وتم تحديد المساحات بين الخطين على أنها مناطق منزوعة السلاح. ويتطابق الخطان ليشكلا خطاً واحداً حيثما لم تكن هناك قوات متحاربة، وكان التقاء الخطين متطابقاً مع الحدود الانتدابية بين سورياوفلسطين. وجدير بالذكر ان اتفاقية الهدنة لم تصف خط الهدنة بمحاذاة بحيرة طبريا كما وصفته لجنة الحدود لعام 1922، وانما حددته بذكر احداثيات بعينها يعتقد أنها تعكس موقع الحدود الانتدابية على الشاطئ الشمالي الشرقي، ولا تنص اتفاقية الهدنة على مواءمة خط الهدنة هذا مع طرف بحيرة طبريا. خطان حدوديان وعلى رغم وجود شريط ضيق على الشاطئ الشمالي الشرقي للبحيرة يقع داخل اسرائيل مع كامل سطح البحيرة، إلا أن سورية أحكمت سيطرتها على ذلك الشريط ومنعت القوات الاسرائيلية من الاقتراب منه. وكان السوريون يسبحون في مياه البحيرة ويصطادون الأسماك وحتى ركوب قواربهم بالقرب من الشاطئ، وكان الاسرائيليون يتحدون الوجود السوري ما أدى الى اشتباكات بين الطرفين، كما عملت سورية على احكام سيطرتها على بلدة الحمه الواقعة في المنطقة المنزوعة السلاح وعلى أجزاء من إصبع الحمة المحاذي لنهر اليرموك. الا أن اسرائيل كانت تدعي حقها في السيادة على المناطق المنزوعة السلاح كافة على اعتبار انها اجزاء من أراضي فلسطين الانتدابية وقاومت محاولة سورية السيطرة على بلدة الحمة عام 1951 حين دفعت بحملة اسرائيلية الى البلدة اجهضتها القوات السورية وكبدتها ستة قتلى. وجدير بالذكر ان قرار هيئة الأممالمتحدة الرقم 181 لعام 1947 قرار التقسيم قد خصص كامل بحيرة طبريا والمناطق المجاورة لها من أراضي فلسطين للدولة اليهودية، وتشمل هذه المساحات المناطق المنزوعة السلاح الموصوفة أعلاه. ولم تقبل سورية مثلها في ذلك مثل الدول العربية الاخرى قرار التقسيم الذي أعطى شرعية دولية لدولة يهودية تقام على أجزاء محددة من أراضي فلسطين. وقد أفادت بعض التقارير أن حسني الزعيم الذي قاد أول انقلاب عسكري سوري بعد الاستقلال قاده عام 1949 ارسل في نيسان ابريل من ذلك العام عرضاً الى أول رئيس وزراء اسرائيلي ديفيد بن غوريون فحواه استعداد الزعيم لابرام صلح مع اسرائيل وتوطين عدد لا بأس به من اللاجئين الفلسطينيين وتشكيل ميليشيات مشتركة على الحدود مقابل تنازل اسرائيل عن نصف بحيرة طبريا لسورية واجراء تعديلات طفيفة أخرى على الحدود. ولم يستجب بن غوريون لذلك العرض مفضلاً ابرام اتفاقية هدنة. وقد انتهى حسني الزعيم نهاية مأسوية بالاغتيال بعد 156 يوماً من حكمه المطلق لسورية. وهكذا فقد كان هناك خطان عشية الرابع من حزيران، الشرقي منهما يتطابق مع الحدود الدولية الانتدابية وقفت عنده القوات السورية، والغربي منهما يقع بالكامل داخل اراضي فلسطين الانتدابية وقفت عنده القوات الاسرائيلية، ويلتقي الخطان في بعض المناطق ويتطابقان مع الحدود الدولية. ويشاع أن قوات كل من الجانبين سيطرت على اجزاء من المناطق المنزوعة السلاح قبل حرب 1967. ونرجح أن طلب سورية الانسحاب الى خط الرابع من حزيران يعني أن تنسحب القوات الاسرائيلية الى حيث كانت عشية اندلاع الحرب حيث لا يترتب عليها أية مكاسب حدودية جراء استعمالها القوة، أي أن تعود قواتها الى الخط الغربي الموصوف اعلاه. ويعزز توقعنا هذا امران آخران: الأول: ان سورية المستقلة لم تعترف أصلاً بالحدود التي عينتها لها سلطات الانتداب. والثاني: وحتى لو اعترفت سورية بحدودها الانتدابية مع فلسطين ولو قبلت بالقرار 181 لسنة 1947، فإن اعترافها هذا يعني تطبيق قاعدة توارث الدول على اسرائيل وهي قاعدة نافذة في القانون الدولي، الا ان تطبيقها على اسرائيل كوريثة لدولة الانتداب مشوب بعيبين رئيسين: 1 - تخطي اسرائيل حدود الرقعة من فلسطين المحددة لها بموجب قرار التقسيم. 2 - تنكر اسرائيل لواجباتها كوريثة لدولة الانتداب حيال اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا من بيوتهم وأراضيهم جراء العنف الاسرائيلي نحوهم إثر اعلان قيام دولة اسرائيل، وحقوق هؤلاء الفلسطينيين من مسؤولية الدولة المقامة على أراضيهم أي دولة الانتداب ووريثتها. واستئناف المفاوضات على المسار السوري كفيل بتوضيح المطالب السورية والمواقف الاسرائيلية حيالها. ب المستجدات على الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا. ونتحول الآن الى قضية الشاطئ الشمالي الشرقي للبحيرة لنرى ما الذي استجد عليه قبيل الاحتلال عام 1967 وبعده، ولتسهيل الأمر على القارئ سنفترض أن سورية تقبل خط الهدنة عنده الذي يبتعد عشرة أمتار من طرف البحيرة كحد لها مع اسرائيل مع ان هذا الافتراض خاضع للتفاوض، كما سنفترض جدلاً أن سورية تقبل بالنص الوارد في تقرير لجنة الحدود الانتدابية لعام 1923 من ضرورة مواءمة خط الحدود مع ارتفاع منسوب البحيرة بسبب ما كان سيبنى من سد وبوابات ضمن مشروع روتنبرغ. اشترط الامتياز الممنوح لبنحاس روتنبرغ في مادته الرابعة ص 6 منه على ألا يزيد ارتفاع سطح البحيرة بسبب السد المشار اليه عن أعلى مستوى بلغة سطح البحيرة بين 21 تشرين الأول اكتوبر 1918 و21 تشرين الأول 1921. ومن المعروف ان مشروع روتنبرغ أقرّ إثر حرب 1948 وتدمير ما هو موجود منه ضمن الأراضي الاردنية، وبذلك عاد منسوب سطح البحيرة الى سابق عهده قبل المشروع. واستجد على البحيرة أمر آخر. ففي محاولات اسرائيل عام 1953 تحويل جزء من تصريف نهر الأردن عند جسر بنات يعقوب اكتشفت ان منخفض البطون المعول عليه لتخزين وتنظيم ما ستحوله من مياه النهر قبل ضخها في الناقل الوطني الى السهل الساحلي وصحراء النقب لا يصلح لذلك الغرض لأسباب جيولوجية، فتحولت اسرائيل الى بحيرة طبريا لأداء تلك المهمة، الا انها اوقفت جهودها تلك لإعطاء الفرصة لجهود الوساطة الأميركية من خلال بعثة ايريك جونستون الذي بدأ جولته الأولى للمنطقة بزيارة لبنان في 11 تشرين الأول 1953. وحرصت اسرائيل في محادثاتها مع جونستون على التركيز على عدم اشراك أي طرف عربي معها في استعمال البحيرة مخافة أن تؤدي شراكة كهذه الى مطالبات عربية بالسيادة على بحرية طبريا، والاطراف العربية صاحبة المصلحة في ذلك هي سورية والاردن. ثم استأنفت اسرائيل مجهوداتها لتحويل جزء من مياه نهر الأردن من موقع على الشاطئ الشمالي الغربي لبحيرة طبريا عند قرية الطابقه، وعملت عام 1963 على بناء بوابات على نهر الأردن لدى خروجه من البحيرة هي بوابات دجانيا التي تعمل عمل السد وحولت بحيرة طبريا الى خزان كبير للمياه عمقه المفيد ما ينيف على أربعة أمتار، وبدأت اسرائيل بالتحكم في مياه النهر عن طريق بوابات دجانيا عام 1964 حين بدأت التشغيل الجزئي لمشروع تحويل مياه من نهر الأردن الى السهل الساحلي وصحراء النقب، ووصلت التشغيل الكلي عام 1968 بعد الاحتلال. وبالتشغيل الكلي وانكسار العرب استطاعت اسرائيل عن طريق بوابات دجانيا الاستئثار بكامل تدفق نهر الأردن قبل خروجه من بحيرة طبريا، ورفعت منسوب المياه فيها ما يقارب خمسة امتار عمودية، ويؤدي رفع المنسوب هذا الى تجاوز طرف البحيرة حدود الشريط الاسرائيلي المحاذي للشاطئ الشمالي الشرقي، والى غمر اراضي سورية شرقه بالمياه يقدر عمقها شرقاً بأكثر من مئة متر أفقي. وهنا بيت القصيد الذي يؤجج الخلاف على المسار السوري - الاسرائيلي. فالخلاف إذاً هو خلاف حدودي على الأراضي المحاذية للشاطئ الشمالي الشرقي وليس خلافاً مائياً كما ظن بعض المحللين، ولا ينفع في هذا الخلاف الذي اشتد تحويل الأرض موضوعه منتزهاً سورياً - اسرائيلياً مشتركاً كما اقترح السيد باتريك سيل، فالارض موضوع الخلاف تكون مغمورة بالمياه بعد تعبئة الخزان بحيرة طبريا شتاء، وتنحسر عنها تلك المياه تدريجياً بسبب الضخ الاسرائيلي من البحيرة الى أغوار بيسان والى السهل الساحلي وصحراء النقب، والى الاردن منذ صيف 1995. نقول انه ليس خلافاً مائياً لأن حقوق سورية في مياه حوض نهر الأردن محددة في جزء من مياه رافد بانياس 22 م م م وفي جزء من مياه نهر الأردن قبل دخوله بحيرة طبريا 20 م م م، وفي نهر اليرموك 90 م م م. ولا نتوقع أن يكون هناك خلاف حول حقوق المياه السورية في المياه شمال بحيرة طبريا. إلا أننا نتوقع أن تطلب اسرائيل التزاماً سورياً مضموناً بعدم إقدام سورية تحويل أكثر من حصتها في هذه المياه والا تشجع غيرها على تحويل أكثر من حصته في رافد الحاصباني لبنان، وان تطلب التزاماً بحماية مياه الحوض من التلوث من الأراضي السورية واللبنانية بعد انسحابها. وهذه طلبات يمكن التفاوض حولها وهو ما يفسر تصريحات الوزير فاروق الشرع الأخيرة من ان شؤون المياه قابلة للتفاوض. وسارع البعض الى تفسير هذا التصريح بأنه تنازل سوري، وهو رأي غير صائب. ولا نعتبر هذا التصريح تنازلاً سورياً بل هو تصريح طبيعي واعتيادي في ضوء قبول العرب بالقرار 242 والقرار 338 اللذين تضمنا اعترافاً ضمنياً عربياً بدولة اسرائيل، وهو التنازل الذي قدمه العرب عامي 1967 و1973 وخصوصاً بعد ذهابهم الى مدريد للتفاوض مع اسرائيل استناداً للقرارين المشار اليهما. والمطالب السورية الحدودية هذه قابلة للتحقيق على الشاطئ الشمالي الشرقي لبحرية طبريا، وذلك بادخال بعض التعديلات على مأخذ الناقل الوطني للمياه، أو حتى بإبقائه على وضعه الحالي مع بناء ساتر ترابي على الشاطئ الشمالي الشرقي حيثما يلزم لحماية خط الحدود الدولية والأراضي السورية عبره من الغمر بمياه البحرية. ويمكن بذلك حل الخلاف من دون خسارة لأي من الطرفين. وقد رشحت أنباء لم تنشر مفادها ان سورية تطالب بالعودة الى الخطوط التي كانت تسيطر عليها قوات كل من الجانبين كأمر واقع بعد اتفاقية الهدنة وقبل اندلاع حرب حزيران، وهذا يعني شمول الشريط الساحلي على الشاطئ الشمالي الشرقي بما تطالب به سورية، وكذلك أجزاء من المنطقة الجنوبية المنزوعة السلاح، مقابل شمول ما سيطرت عليه اسرائيل من الأراضي المنزوعة السلاح قبل اندلاع الحرب كأمر واقع، ويصعب تحليل هذه المطالب من دون تأكيد هذه الأنباء وتحديد المناطق المعنية بها. وقد بدأت الضغوط على سورية بالظهور للعلن، وما الدعوات لسحب قواتها من لبنان، وكذلك تصريحات المسؤولين الاسرائيليين بشمول القوات السورية ضمن اهدافهم التي سيقصفونها بقساوة في ردهم على أي اعتداء من الأراضي اللبنانية إلا ضغوط في اتجاه اقناع سورية باستئناف المفاوضات. وجاء قرار الحكومة الاسرائيلية يوم 2 حزيران 2000 بالتوسع في بناء المستوطنات في الجولان ليؤكد تلك الضغوط ويزيد من حدتها. واقترنت هذه التطورات بتصريحات سورية مفادها ان السلام هو خيار استراتيجي لسورية وبتصريحات اميركية بأن الباب لم يقفل أمام المفاوضات على المسار السوري وبأخرى اسرائيلية يوم 4 حزيران 2000 تعبر عن الأمل في استئناف المفاوضات مع سورية. وإذا ما استؤنفت ستتركز أنظار المراقبين على كيفية التغلّب على خلاف الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا وعلى مصير المناطق المنزوعة السلاح وعلى شروط وترتيبات الانسحاب الاسرائيلي الى الحدود المتفق عليها، وربما على كيفية معالجة مصير اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وتبقى قناعاتنا الى جانب عدالة المواقف السورية ونياتنا مركزة على نصرتها، فأنا وابن عمي على الغريب. * خبير مياه أردني ووزير المياه السابق.