قد يكون المستثمرون جددوا اهتمامهم بأسهم ما يسمى "الاقتصاد القديم" نتيجة للاضراب الذي أصاب أسهم التكنولوجيا المتقدمة. غير أن الحماسة الحالية تجاه صناعة الفولاذ العالمية تكاد تكون فاترة. وتخضع صناعة الفولاذ لعوامل دورية معقدة مثل تقلبات أسعار العملات ومعدلات الفائدة والتغييرات في الطلب العالمي والطاقة الانتاجية. وعلى رغم الطلب القوي جداً على هذه السلعة في الأسواق الأميركية، إلا أن هناك حالياً قلة اهتمام بهذا القطاع في شكل عام. لكننا نعتقد أن شركات الفولاذ المختارة تعتبر استثماراً جيداً جداً. غير أن الاستثمار في صناعة الفولاذ ليس مناسباً لكل الناس. فالأسهم التي تتأثر بالدورات الاقتصادية وتؤلف نواة صناديق الاستثمار المبنية على القيمة، ضعيفة في الوقت الحاضر. إذ أن المستثمرين المحنّكين كالصناديق الاستثمارية التحوطية التي تلاحق التقلبات يركزون حالياً على أسهم التكنولوجيا. ويشارالى أن أسهم الفولاذ المسعرة باليورو في الاتحاد الأوروبي، هي أدنى مستوى من الأسهم المسعّرة بالدولار. وبالتالي، فإن بإمكان المنتجين الهامشيين ان يصدروا الى الولاياتالمتحدة بعملات تعوّض عن تكاليف النقل. وقد خلق هذا الأمر المناخ المناسب والزخم اللذين شاهدناهما في أسهم الفولاذ التي تحسنت في الربع الأخير من العام الماضي. لكن الآن ثمة اشارات تدل على هبوط في أسعار بعض المصنوعات الفولاذية وتراكم في المخزون في وقت تتأثر السوق الأميركية بالعوامل الموسمية. وفي الواقع، اذا زاد مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الأميركي سياسة التشدد النقدي فإنه يمكننا عندئذ الظن أن أسعار الفولاذ الملفوف على الحرارة قد يهبط من مستواه الحالي الذي يراوح عند 320 دولاراً. اما البديل، فهو تباطؤ يضبطه البنك المركزي مضافاً الى دولار آخذ بالضعف، يمكن في الواقع ان يدعم أسعار الفولاذ الأميركي. وفي كلتا الحالين، فإن البنك المركزي الأميركي مرشح ان يلعب دوراً رئيسياً في تطور أسواق الفولاذ في الأشهر القليلة المقبلة. في المقابل، تعاني أوروبا ضعفاً في أسعار الفولاذ يسبق فترة نمو بدلاً من أن يتبعها. ومردّ ذلك الى أن اليورو لا يزال ضعيفاً إزاء الدولار، وهذا ما يعوّض الصناعيين الأوروبيين عن مصاريف شحن الفولاذ الى الولاياتالمتحدة. لكن إذا استعاد الطلب عافيته في أوروبا مشفوعاً بارتفاع في سعر صرف اليورو وتراجع في سعر الدولار، فإن الاستيراد ينجذب الى أوروبا بدل الولاياتالمتحدة ويرتد الانتاج متوجهاً نحو الاتحاد الأوروبي. ونعتقد انه قد تحصل زيادة في تجديد التخزين بمعدل 15 الى 30 في المئة من قبل مشتري الفولاذ في أوروبا ويحصل نمو حقيقي في المبيعات بمعدل يراوح بين 4 و6 في المئة السنة الجارية. وتفيد الأرقام التي جمعتها "ميريل لينش" ان الطلب العالمي على الفولاذ المصقول سيزداد من 746 مليون طن السنة الجارية الى 771 مليون سنة 2001. وفي رأينا ان الاستهلاك في أوروبا سيرتفع من 139.6 الى 144 مليون طن ومن المستبعد أن يتغير حجم الانتاج في الولاياتالمتحدة العام المقبل. وفيما يبقى الانتاج في الولاياتالمتحدة مستقراً عملياً، ينتظر أن يرتفع الانتاج الأوروبي من 147 الى 152 مليون طن. أما الصين التي تنتج 33 في المئة أكثر من اليابان، فانها ستزيد انتاجها من 122 الى 124 مليون طن. وفي سوق عالمية مجزأة يعمل فيها أكثر من 100 شركة مسجلة اسهمها في البورصة، لا تنتج كبراها أكثر من 4 في المئة من الانتاج الكلي، يصبح تحديد القيمة ضمن شركة معينة ضرباً من التحدي. وتنصح "ميريل لينش" المستثمرين أن لا "يشتروا المجموعة" بل ان يعتمدوا الاستثمار في الشركات ال16 الكبرى التي تنتج الفولاذ غير القابل للصدأ والفولاذ الكربوني. وتتخذ تلك الشركات خطوات طليعية لتحسين ايرادات المساهمين ورفع قيمتها. كما نتوقع تماسكاً في أوروبا وفي نهاية الأمر في الولاياتالمتحدة، حيث الزبائن يدفعون مورديهم الى التعولم. ونعتقد انه من المرجح أن يتحرك المنتجون الأوروبيون غرباً في وجه التماسك الأميركي ذي القاعدة الواسعة. ان أسهم شركات الفولاذ الأوروبية التي تختارها "ميريل لينش" وتنصح بها تضم "تيسّن كروب" في المانيا و"اسيرنوكس" في اسبانيا. كما يتوجب على المستثمرين العالميين ان يأخذوا علماً كيف رتّبت شركة صنع الفولاذ الفرنسية "اوزينور" أمورها ناحية تقليص الأكلاف لتصبح في طليعة الشركات المنافسة على الصعيد العالمي. في الولاياتالمتحدة، ننصح ب"اليغاني تكنولوجي" وب"يو إس ستيل". وفي البرازيل تبرز "غردو" و"اوزيميناس". أما في افريقيا الجنوبية فإننا ننصح ب"إسكور ليمتد" وفي تايوان ب"فولاذ الصين". ان سياسة مجلس الاحتياط ونسبة الصرف بين الدولار واليورو وعلى وجه الخصوص الطلب الآسيوي هي كلها عوامل ستلعب أدواراً مهمة في تطور قطاع الفولاذ العالمي في النصف الثاني من السنة الجارية والخلاصة، نحن مستمرون في رأينا بأن قطاع الفولاذ هو جذّاب على أساس القيمة. * محللون في صناعة الفولاذ في دار الوساطة العالمية "ميريل لينش".