كان "اتفاق الجزائر" مفاجأة كبيرة لكثيرين من الاثيوبيين. ولم يُظهر اي من الذين استطلعتهم "الحياة" امس في اديس ابابا اي شعور بالارتياح لوقف الحرب التي استمرت نحو عامين وقتل فيها عشرات الآلاف من الجانبين. وعبر عدد منهم عن استياء واضح وعدم رضا عن هذه النهاية "غير السعيدة" للحرب، إذ كانوا يأملون على الأقل بالاستيلاء على ميناء عصب الاريتري الذي يفتح لبلدهم منفذاً الى البحر. في موازاة ذلك، ابدى اريتريون في اسمرا لا مبالاة إزاء الاتفاق، وتحدثوا عن ثغرات كثيرة فيه، وطرحوا اسئلة كثيرة يشكك معظمهما بنيات الاثيوبيين من دون ان يستبعدوا احتمال استئناف الحرب. ويتفق اريتريون تحدثت اليهم "الحياة" في اسمرا على ان "شبح الحرب لا يزال يخيم على الاجواء". وتلقى هؤلاء خبر التوقيع على الاتفاق ببرود شديد ولا مبالاة واضحة على رغم تشوقهم الى سلام دائم ظل مفقوداً في المنطقة لسنوات. وعبروا عن عدم ثقتهم بالاتفاق، لعدم اطمئنانهم الى الجانب الاثيوبي. وبدا الاحباط على وجوه غالبية الاريتريين في في شوارع العاصمة اسمرا، وقال احدهم :"لا ندري لماذا يبتسم وزير الخارجية الاريتري هايلي ولد تنسائي وهو يصافح نظيره الاثيوبي سيوم مسفن؟" بعد التوقيع على "اتفاق الجزائر". وذكر صحافيون ومواطنون اريتريون: "ان الاتفاق مليء بالثغرات". وتساءل احدهم :"متى تصل القوات الدولية؟ واين ستكون مواقع انتشارها؟ ولماذا وافقت اريتريا على الانسحاب 25 كيلومتراً داخل اراضيها؟". وركز آخرون على السؤال: "لماذا تحتفظ اثيوبيا، حتى بعد توقيعها الاتفاق، بعدد من المدن الاريترية، خصوصاً منها الأخصب في الزراعة مثل قلوج وام حجر"؟ وتخشى فئة اخرى من اندلاع الحرب مجدداً، وتقول :"نحن لا نثق في وياني الاسم الذي يطلقه الاريتريون على جبهة التغراي الحاكمة في اديس ابابا فهؤلاء لديهم سبعة قلوب". وفي اديس ابابا، بدا الاثيوبيون في حيرة إزاء اتفاق بدا لغالبيتهم بداية لحرب كامنة جديدة بين بلدين تربط بينهما ديانات ولغات وتقاليد مشتركة. لكن كثيريين غير سعداء بوقف القتال، وكانوا يأملون باسقاط النظام في اسمرا او الاستيلاء على ميناء عصب. وتقول مسكرام هايلي :"لست سعيدة بوقف المعارك، واكره الاريتريين من كل قلبي شعباً وحكومة، لأنهم يكرهوننا وفضلوا الانفصال عنا بعدما كنا شعب واحد. لا ارغب في ان تكون بيننا اي علاقة لا حاضراً ولا مستقبلاً، فلا يمكن التعايش معهم ابداً، انهم يحتقرونا ويستحقون الهزيمة". ويستبعد عدد من الكتاب والمثقفين الذين تحدثوا الى "الحياة"، احتمال توقف الحرب بين اثيوبيا واريتريا بهذه السرعة التي تمت عبر الاتفاق الاخير. ويشددون على ان العلاقة بين "الجبهة الشعبية" الحاكمة في اريتريا و"جبهة تحرير تغراي" الحاكمة في اديس ابابا، يسودها نوع من الغموض "ولا احد يستطيع ان يتنبأ ما يمكن ان يحدث بين البلدين خلال الايام المقبلة".