تسارعت وتيرة تفاعلات الازمة السياسية في السودان وخيمت أجواء إعتقالات وخطوات أمنية إتخذها الرئيس عمر البشير في حق قادة حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم إثر قراره إبعاد الامين العام للحزب الدكتور حسن الترابي ونوابه ومساعديه وجميع أمناء قطاعات الحزب المركزية وأمناء الحزب في الولايات ونوابهم ومساعديهم. وإحتلت قوات الامن وشرطة الاحتياطي المركزي مقرات الحزب في العاصمة والاقاليم. وبات الترابي في شبه حال إعتقال تحفظي مساء أمس إذ أحاطت قوة من الشرطة بمنزل كان موجوداً فيه في مدينة بورتسودان بعد إلغاء سلطات الامن ندوة كان مقرراً أن يتحدث فيها في المدينة الساحلية. وقالت مصادر أن طائرة عسكرية أرسلت لإعادته تحت الحراسة الى الخرطوم، لكن لم يمكن التأكد من حصول ذلك. وشهد الشارع السياسي هدوءاً شديداً أمس في ظل حالة ترقب وتردد الاشاعات. وتردد أن البشير يعتزم إحلال مساعده البروفسور إبراهيم أحمد عمر محل الترابي. وقدم مسؤولون في معسكر الرئيس تبريرات سياسية لقراراته، لكنهم اقروا بأنها "ليست الاجراء القانوني الطبيعي". وإستخدمت حكومة البشير القوة وسلطتها الحكومية لتمرير قرار الرئيس تجميد عمل الامانة العامة للحزب وأماناته في ولايات البلاد ال 26 وأمانات الحزب المركزية في خطوة تجاوزت قانون الحزب الاساسي الذي يعطي المؤتمر العام للحزب فقط صلاحية تعديل وضع رئيس الحزب وأمينه العام ورئيس هيئة الشورى فيه. تفاصيل ص 5 وقال الترابي ل "الحياة" في إتصال أجرته معه من لندن في مقره في بورتسودان عن الحراسة التي اخضع لها مقره: "المنزل محاصر، لكن الامر سبب حرجاً لمن أرسلوا فقالوا إنها حراسة. المنزل لا يحتاج الى حراسة". وتابع "قد أعود الى الخرطوم هذا المساء، ولا أستبعد أن نتعرض للإعتقال". وعلق الترابي على قرارات البشير قائلاً إنها جاءت "على النهج ذاته الذي إتخذه في التعامل مع النظام الدستوري متجاوزاً إختصاصاته، إذ أملى طوارئ إستغلها لغير ما ورد في الدستور لحل البرلمان وحل الحكم الاتحادي الذي يقتضي تعديلاً دستورياً بالاستفتاء". وتابع "هو النهج ذاته، إذ قال إنه سينقلب على النظم لأنه لا يحتمل مشاركة في السلطة في الاقاليم أو من مجلس تشريعي، كذلك ينقلب الآن على الحزب إذ أدخل معينين يمثلون نصف هيئة قيادة المؤتمر الوطني. وحتى ذلك لم يكفه فتجاوز الآن الامانة المنتخبة من مؤتمرات". وأوضح أن قرارات الرئيس الصادرة أمس "ليست واردة في قانون ولذلك أخذ السلطة العسكرية وأوقف كل طرق التعبير. وحتى الندوة التي كنا نعتزم المشاركة فيها هنا في بورتسودان قيل للأجهزة أن أي محاولة لعقد ندوات يجب إعتقال من يشارك فيها". وفي رد على سؤال عما يعتزم عمله قال الترابي "القادة المنتخبون في المؤتمر سيعقدون جلسات بعد يومين لإتخاذ قرار حتى لو منعت الصحف كما حصل الآن. سيمضي المؤتمر ويتخذ إجراءات في حق من يخرجون على النظم". واصدرت الامانة العامة للحزب بياناً في الخرطوم أمس ردت فيه على قرارات البشير على النحو الآتي: "أولاً: قرار الرئيس غير شرعي وسلطوي ويعد خروجاً سافراً على نظم المؤتمر ولوائحه. ثانياً: ستظل أجهزة المؤتمر الشورية المنتخبة قائمة وعاملة ولا يستطيع أحد أن يسلبها هذا الحق. ثالثاً: نؤكد لجماهير المؤتمر العريضة والشعب وفتية الايمان المجاهدين المرابطين أن المسيرة قاصدة ومستقبلة قبلتها ولن تحيد".