اتهم الامين العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان الدكتور حسن الترابي الحكومة بممارسة ضغوط على انصاره وعقد "مؤتمرات وهمية" لتغيير قيادات الحزب في ولايات البلاد ال 26. وقال الترابي في مؤتمر صحافي عقده في منزله أمس ان التقارير التي وصلته من عواصمالولايات تقول ان الذين عينهم الرئيس عمر البشير بعد إعفاء الولاة المنتخبين "عقدوا مؤتمرات وهمية، لسحب الثقة من امناء الحزب المنتخبين واختيار آخرين في محلهم". وكانت قرارات البشير شملت تجميد منصب الامين العام ونوابه ومساعديه وأمناء القطاعات المركزية للحزب وأمنائه في الولايات. وتتخذ المعركة على الولايات اهمية لانها تعطي المسيطر قدرة على التأثير على أي عملية إنتخابية في ظل النظام الاتحادي القائم في البلاد. واضاف الترابي أن "قواعد المؤتمر رفضت التعامل مع القيادات الحكومية الجديدة"، مؤكداً أن "بعض قادة المؤتمر وقياداته المنتخبة فضلوا التخلي عن العمل السياسي واتجهوا للجهاد في مناطق العمليات". وسألت "الحياة" الترابي عما تردد من عزم شخصيات اسلامية من خارج السودان القيام بوساطة جديدة، فأجاب ان تجمعاً للاسلاميين في الكويت "يعتزم القيام بوساطة وإيفاد الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ عبدالمجيد الزنداني وآخرين". وشن امين "المؤتمر الوطني" في ولاية الخرطوم ياسين عمر الامام أثناء المؤتمر الصحافي هجوماً حاداً على والي الخرطوم الدكتور مجذوب الخليفة واتهمه ب"ممارسة نفوذ السلطة لمنعه من العمل السياسي". وقال ياسين :"تجاوزت السبعين من عمري وعملت في السياسة لأكثر من نصف قرن ولن اتوقف وسألجأ لكل الوسائل لممارسة عملي". واتهم الجهات الرسمية العسكرية والامنية ب"محاباة السلطة وتضييق الخناق علي معارضي الحكومة". وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه الترابي في شرق الخرطوم، كان الرئيس عمر البشير يخاطب حشداً نظّمه اتحاد نقابات العمال في ساحة القصر الجمهوري في وسط المدينة. ووصف البشير قراراته الاخيرة بتجميد نشاط الترابي وقادة الحزب بأنها "ساهمت في وحدة الحزب الحاكم". ووعد في خطابه بالمضي قدماً في سياسته من اجل الوفاق والمصالحة السياسية. ودعا الاحزاب المعارضة للعودة للبلاد كما دعا "الجيش الشعبي لتحرير السودان" للجلوس الى طاولة المفاوضات. ومعارضي حكومته للعودة الى السودان للبحث في شأن برنامج عمل وطني يحدد شكل الحكم. ووعد بأن تخصص الحكومة ايرادات النفط السوداني للتنمية، وبحل مشاكل العمال التي وردت في كلمة رئىس اتحاد العمال تاج السر عابدون وتتلخص في التزام دفع الرواتب في موعدها، ووقف تشريد العاملين تحت شعار تخصيص مؤسسات القطاع العام. وقال ان حكومته تعمل حالياً "لتوحيد اهل السودان بعد ان وحدت حزب المؤتمر الوطني" في اشارة الى قرارات تجميد الامانة العامة للحزب وامانات الولايات. وكان رئىس اتحاد عمال السودان طالب البشير بحسم أمر المرتبات غير المنتظمة، ووقف تشريد العاملين تحت شعار الصالح العام ووقف تخصيص المؤسسات الانتاجية ودعم خدمات الكهرباء والمياه. ودعا عابدون الى اعادة النظر في المفصولين من العمل في القطاع العام والعمل على ايجاد فرص العمل والعدالة في الاستخدام على ان يكون الاساس في الحصول على الوظيفة الكفاءة وليس الولاء الحزبي. على صعيد آخر أ ف ب اعلن عبداللطيف عربيات الامين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي الاردني المنبثق عن جماعة "الاخوان المسلمين" ان الجبهة مستعدة للقيام بوساطة "من اجل اصلاح ذات البين" بين البشير والترابي. واوضح عربيات انه استفسر عن الوضع في السودان خلال لقاء أخيرا مع ديبلوماسيين سودانيين في عمان، مضيفاً "اكدنا اننا ما زلنا على استعداد للتوسط والتدخل من اجل اصلاح ذات البين وتوفيق الآراء" بين البشير والترابي. وتابع: "لم يصلنا اي رد حتى الآن غير اننا نعتبر ان الاصلاح والتوفيق بين المسلمين واجب وفريضة شرعية على كل مسلم". وكان البشير اعلن في 12 كانون الاول ديسمبر الماضي حال الطوارئ وحل البرلمان الذي كان يرأسه الترابي. وذكر عربيات بأنه توجه خلال هذه الازمة الى الخرطوم برفقة وفد اسلامي اردني. واضاف ان الوفد حقق حينذاك "نتائج طيبة ونجح في تهدئة الاوضاع". وتابع "لكن تصعيداً جديداً حدث بعد ذلك، لذلك نرى ان من واجبنا ان نعرض مساعينا الحميدة وان نذكر بأهمية عدم التنازع بين المسلمين".