سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استهلاك الفرد العربي من الورق أقل من 14 كيلوغراماً سنوياً مقابل 334 للاميركي . تغييرات جوهرية تواجه صناعة الورق في العالم وأميركا الأكبر دولياً في الانتاج والاستهلاك
من المفارقات الطريفة في المجتمع الأميركي أن الأميركيين غالباً ما يجدون أنفسهم عرضة للتندر بجهلهم بما حولهم من شؤون العالم وشعوبه وسياساته وحتى جغرافيته على رغم أنهم شديدو السخاء في الانفاق، ليس فقط على المعلومات التي يستهلكون منها نحو 350 مليون مجلة وبليوني كتاب و24 بليون صحيفة سنوياً، بل أيضا على الورق الذي يستهلك الفرد الأميركي منه في عام واحد نحو 334 كيلوغراماً مقارنة بمتوسط لا يزيد على 183 كيلوغراماً للفرد الأوروبي. وتعتبر أميركا فعلياً أكثر بلدان العالم استهلاكاً للمنتجات الورقية، وتستهلك السوق الأميركية، حسب أحدث المعطيات المتوافرة لسنة 1998، نحو 28 في المئة من اجمالي الاستهلاك العالمي وضعفي ما تستهلكه أي منطقة أخرى من العالم وثلاثة أضعاف استهلاك كل من الصينواليابان، ثاني وثالث أكبر المستهلكين للمنتجات الورقية على التوالي، وزهاء 30 ضعف استهلاك الدول العربية التي يبلغ متوسط استهلاك الفرد لديها أقل من 14 كلغ سنوياً. لكن أميركا هي أيضا أكبر مصنع للمنتجات الورقية في العالم وتضم لائحة أكبر خمس شركات ورق عالمية في أحدث عدد خاص لمجلة "فورتشن" أربع شركات أميركية. وتنفرد شركات الانتاج الأميركية بنحو 29 في المئة من اجمالي الانتاج العالمي وترتفع هذه النسبة الى 36 في المئة عند جمع القدرات الانتاجية للولايات المتحدةوكندا اللتين تشكلان عملياً سوقاً إقليمية واحدة تتميز بالترابط العميق في العمليات الانتاجية والتسويقية لشركات البلدين المتجاورين. وتشكل الامكانات الانتاجية والاستهلاكية في أميركا مفارقة في حد ذاتها. اذ لاحظ المعهد الأميركي لعلوم الورق وتقنياته أن صناعة الورق الأميركية صناعة حديثة بالمقارنة مع مثيلاتها في القارة الأوروبية، بل دأبت طيلة أعوامها المئتين الأولى على استخدام تقنيات طورها الوراقون في بغداد وانتقلت إليها عبر طريق طويل مر بدمشق والقاهرة وفاس والأندلس وهولندا وبقيت حتى الستينات تعتمد على صناعة الورق الكندية لتأمين احتياجاتها من لباب الخشب الألياف، المنتج الرئيسي الذي تقوم عليه صناعة الورق الحديثة. الا أن صناعة الورق الأميركية امتلكت منذ البداية المقومات الضرورية لتطور سريع وقوي أهمها توافر المواد الأولية والطلب على المنتجات الورقية. وباتت تنتج من الألياف كميات ضخمة تفوق احتياجاتها بقليل اضافة الى نحو 97 في المئة من احتياجات سوقها المحلية من الورق والكرتون. وتمتلك شركات الورق الأميركية، خصوصاً في المناطق الغابية المنبسطة على امتداد حدودها الشمالية مع كندا وولاية كاليفورنيا في الجنوب الشرقي 537 مصنعاً للورق و190 وحدة لانتاج الألياف. وحسب أرقام الانتاج والاستهلاك تبدو أميركا مكتفية ذاتياً ومحيدة عن تجارة الورق العالمية لكنها تلعب دوراً مهماً في إطار صناعة الورق العالمية لأنها تمثل واحداً من كبار اللاعبين الذين يمتلكون مصالح انتاجية متكاملة في الأنواع الستة الرئيسية من المنتجات الورقية التي تبدأ عند صناعة الألياف واعادة استخدامها وتمر عبر ورق الصحف والطباعة الحديثة والقرطاسية ومتطلبات المكاتب والمحارم الصحية وتنتهي عند أكثر المنتجات الورقية تخصصا في التطبيقات التجارية والصناعية. وتكمن أهمية هذا الدور في التطورات التي شهدتها العقود الأربعة الماضية على صعيد صناعة الورق العالمية. وبدأت أول التطورات في الستينات عندما سجل الطلب على المنتجات الورقية في الدول الصناعية ارتفاعاً اعتبر قياسياً آنئذ وبلغ معدله السنوي نحو خمسة في المئة. وفي محاولة للاستفادة من تنامي الطلب باشرت صناعة الورق الأميركية ومثيلتها في معظم الدول الصناعية توسعات ضخمة خصوصاً في مجال انتاج المنتجات الأساسية وبعض المنتجات المضافة القيمة مثل ورق النشر والتعبئة والقرطاسية. واعتمدت التوسعات على كندا والدول الاسكندنافية التي تتمتع بقدرات انتاجية ضخمة في مجال انتاج الألياف وورق الصحف. ولعبت كندا الدور الأكبر في هذا المجال اذ احتكرت شركاتها في نهاية الستينات نحو 40 في المئة من السوق العالمية للألياف وورق الصحف وتوزعت صادراتها على السوق الأميركية في درجة أولى ثم أسواق دول الاتحاد الأوروبي التي كانت تلبي جزءاً من احتياجاتها من الألياف وورق الصحف من الدول الاسكندنافية. وكان الفائض الكندي والاسكندنافي يجد طريقه الى آسيا وخصوصاً اليابان. وتبعت ازدهار الستينات تحديات السبعينات واخفاقاتها ومنها تشبع أسواق ورق الصحف وورق الكتابة وارتفاع أسعار الورق عموماً ثم انخفاض الطلب على المنتجات الورقية من خمسة في المئة الى اثنين في المئة كنتيجة حتمية لارتفاع الأسعار واضطر المستهلكون الى خفض استهلاكهم عن طريق اللجوء الى الوسائط الالكترونية التي بدأت بالانتشار حديثاً. وأدى ذلك كله الى تباطؤ حركة نمو صناعة الورق على رغم ظهور بدايات تحرير التجارة بين الدول الصناعية. إلا أن السبعينات شهدت في الوقت نفسه نقلة نوعية في صناعة الورق العالمية اذ تحول كبريات العمليات الانتاجية من مصالح عائلية محلية في الغالب الى شركات متعددة الجنسيات تديرها أطقم محترفة ذات طموحات عالية وخطط استراتيجية بعيدة المدى. وفي مرحلة التنفيذ لجأت الشركات الطموحة الى دعم مواقعها عن طريق صفقات الدمج والتملك وانفردت الشركات الأميركية والكندية والاسكندنافية بالقسم الأعظم من النشاط العالمي. ويشير المعنيون بصناعة الورق الى أن الشركات أرادت من عقد صفقات الدمج والتملك على وجه الخصوص تحقيق غرضين أساسيين اولهما تأمين عمليات تكاملية تغطي انتاج الألياف والمنتجات الورقية وثانيهما التمدد جغرافيا بغية الوصول الى أسواق الاستهلاك وخدماته. ويضيف بعضهم الى المخططات الاستراتيجية البعيدة المدى غرضاً ثالثاً يتمثل في رغبة صعبة التحقيق هدفها التأثير في الأسعار إن لم يكن التحكم باتجاهاتها. وتلت أزمة السبعينات فترة ثانية من الازدهار امتدت من عام 1983 الى عام 1989 وتميزت بنمو قوي في الطلب على المنتجات الورقية المضافة القيمة. ووجدت شركات صناعة الورق في التطورات المستجدة فرصة لتوسيع حصتها في أسواق الاستهلاك لكنها انتهجت لذلك استراتيجية يعتبرها المراقبون واحدة من أخطر مثالبها وهي زيادة إمكاناتها الانتاجية بما يفوق قدرة الأسواق على الاستيعاب. وكانت النتيجة تلقيها صدمة قوية من الركود القاسي الذي ضرب الاقتصاد العالمي في مطلع التسعينات فانخفضت أسعار المنتجات الورقية بنسبة تقترب من 50 في المئة. لكن استعراض تطورات الأزمة الجديدة التي امتدت من 1980 الى 1994 يظهر أن صناعة الورق أجادت اللعبة هذه المرة ولم تسمح للأزمة بالاستمرار طويلاً بل انهتها بارتفاع أسعار الورق الى مستويات تاريخية لم تعرفها هذه الصناعة طوال تاريخها وقفز سعر الألياف من 380 دولاراً للطن في نهاية 1993 الى 1000 دولار في منتصف 1995 وتبعته أسعار المنتجات الورقية، وحققت الشركات المنتجة زيادات في أرباحها الصافية بلغت نسبتها في المتوسط نحو 130 في المئة. وإثر ارتفاع الأسعار في منتصف التسعينات تعرض المنتجون لانتقادات عنيفة بلغت حد التنبؤ بنهاية حتمية لصناعة الورق برمتها. ويحتمل أن تكون هذه الانتقادات فضلاً عن المخاوف الأولية من منافسة الوسائط الالكترونية لعبت دوراً في الهبوط السريع الذي سجلته الأسعار لاحقاً. لكن المؤكد أن صناعة الورق لم تشهد فقط دعم اللاعبين التقليديين مواقعهم بجولات جديدة من عمليات الدمج والتملكات والتمددات الخارجية بل سجلت أيضاً دخول لاعبين يمتلكون قدرات تنافسية عالية مثل اندونيسياوالبرازيل. اللاعبون الأميركيون يضم نادي اللاعبين المهمين في صناعة الورق الأميركية 21 مجموعة وشركة تراوح أحجام مبيعاتها السنوية بين 25 مليون دولار و300 مليون دولار. ويقدر اجمالي مبيعاتها بنحو 130 بليون دولار وأرباحها الصافية بنحو ستة بلايين دولار. وتشير الأرقام التي صدرت حتى الآن الى أن غالبية هذه المجموعات والشركات حققت أداء جيداً العام الماضي وسجلت زيادات كبيرة في المبيعات والأرباح فبلغ متوسط الزيادة في مبيعاتها 7.5 في المئة وفي أرباحها 59 في المئة. ويسيطر اللاعبون المهمون على القسم الأعظم من امكانات صناعة الورق الأميركية. ولكن على رغم أن كميات الانتاج المحلي التي بلغت عام 1999 نحو 60 مليون طن من الألياف و76.4 مليون طن من الورق والكرتون تعادل نظرياً كميات الاستهلاك المحلي الا أن غالبية هذه الشركات المنتجة 81 في المئة حسب بعض الدراسات تسوق بعض انتاجها في الأسواق الخارجية وتقيم عمليات انتاجية في الخارج علاوة على نشاطها الرئيسي في السوق المحلية. ويعزو المعنيون بصناعة الورق تمدد الشركات الأميركية الى تطورات العقدين الأخيرين اللذين فرضا على المنتجين ايجاد توليفة من المبيعات المحلية والخارجية تحسباً لتقلبات الأسعار. لكن ذلك لا ينطبق تماماً على كل الشركات الأميركية من واقع أن الشركات العملاقة تمددت في الأسواق الخارجية منذ وقت مبكر بفضل ما امتلكته من شبكات التوزيع الضخمة والتنوع الكبير في المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، ولا سيما المنتجات المدعومة بماركات مشهورة. وتقود صناعة الورق الأميركية خمس شركات ضخمة تنفرد بزهاء 50 في المئة من اجمالي كل مبيعات اللاعبين المهمين وأرباحهم الصافية. وتأتي في المقدمة وفق حجم المبيعات للعام الماضي شركة "انترناشيونال بيبر" التي بلغت مبيعاتها 24.6 بليون دولار ثم "جورجيا باسيفيك" 17.8 بليون دولار و"كمبرلي كلارك" 13 بليون دولار و"ويرهاوزر" 12.3 بليون. ويقوم هذا الترتيب على إجمالي المبيعات التي تشمل منتجات غير الألياف والورق مثل الأخشاب ومواد البناء والمركبات الكيماوية ونشاطات التوزيع. لكن حصر المبيعات بالمنتجات الورقية يضيف الى الشركات الرئيسية مجموعة "بروكتر آند غامبل" العملاقة التي تمتلك قسماً ينفرد بثلث اجمالي مبيعاتها ويتخصص في تصنيع منتجات عالية القيمة مثل المناديل والمحارم الصحية وحفاضات الأطفال ويقدر حجم مبيعاته السنوية بزهاء 12 بليون دولار. وعلى رغم ضخامة عملياتها تتميز الشركات الخمس بالتركيز على جوانب منتقاة من سوق المنتجات الورقية وعلى هذا الصعيد تتخصص "كمبرلي كلارك" علاوة على "بروكتر آند غامبل" بمنتجات النظافة والصحة بينما تنشط "انترناشيونال بيبر" في انتاج المنتجات الورقية من مستلزمات المكاتب والمطابع والاستخدامات الخاصة. وتعطي "ويرهاوزر" و"جورجيا باسيفيك" مساحة كبيرة للمنتجات التقليدية مثل الألياف والكرتون. وتحتل الشركات العملاقة مواقع متقدمة ليس فقط على صعيد صناعة الورق والصناعات الأخرى الأميركية بل أيضاً على الصعيد العالمي، وحققت غالبيتها زيادات كبيرة في مبيعاتها في الأعوام الخمسة الأخيرة 94-99 رغم أنه لم يطرأ تغيير كبير على أصول أي منها. وبلغت نسبة نمو المبيعات في حال "انترناشيونال بيبر" على سبيل المثال 24 في المئة وفي حال "جورجيا باسيفيك" 14.3 في المئة. وسجلت الشركات الأخرى نسباً أقل. الا أن مواقع هذه الشركات على لائحتي الشركات الأميركية والشركات العالمية ال500 في تراجع مستمر. فبين عامي 1997 و1998 تراجع موقع "انترناشيونال بيبر" على لائحة الشركات الأميركية من 44 الى 71 وتراجع موقع "جورجيا باسيفيك" من 100 الى 122 "كمبرلي كلارك" من 95 الى 136. وتقهقرت "ويرهاوزر" من 122 الى 152 وكانت النتائج أكثر وضوحاً على اللائحة العالمية ففي الفترة من 1995 الى 1998 تراجعت "انترناشيونال" من 95 الى 192 و"جورجيا" من 163 الى 192 و"كمبرلي" من 280 الى 367 و"ويرهاوزر" من 363 الى 415. وتسوق الشركات الأميركية العملاقة منتجاتها في الشرق الأوسط بماركات مشهورة على نطاق واسع وأقامت اثنتين منها على الأقل حتى الآن وحدات انتاجية ومشاريع مشتركة في عدد من الدول العربية. فهناك ثلاثة مشاريع أقامتها "بروكتر آند غامبل" في السعودية على فترات اعتباراً من منتصف الستينات وثلاث وحدات انتاجية في اليمن والمغرب ومصر، وأقامت "كمبرلي كلارك" وحدتين انتاجيتين في السعودية والبحرين. ولدى شركة "ويرهاوزر" نشاط تسويقي ملحوظ في بعض الدول العربية. اللاعبون الكنديون تختلف صناعة الورق الكندية عن مثيلتها الأميركية بحجم قاعدتها الانتاجية. فعلى رغم أن المصادر الغابية المتوفرة لكندا لا تقل ضخامة عن جارتها الأميركية الا أن عدد مصانع الورق والألياف الكندية لايزيد على 153 مصنعاً مقابل 727 مصنعاً في الولاياتالمتحدة كما أن قيمة اجمالي انتاج صناعة الورق الكندية التي تضم 38 شركة رئيسية بلغ في العام الماضي نحو 15.6 بليون دولار أميركي، مايعادل، نظرياً، حجم مبيعات شركة واحدة من الشركات الأميركية العملاقة. وتتفرد صناعة الورق الكندية في المقابل بما تملكه من إمكانات التصدير والتخصص في منتجات رئيسية. وتنتج شركات الورق الكندية نحو 20 مليون طن من الورق والكرتون و28 مليون طن من الألياف وتصدر 73 في المئة من المنتجين الأولين و40 في المئة من المنتج الثاني. ويعرض هذان المنتجان كندا لسلبيات تقلبات الأسعار والطلب بسبب طبيعتهما السلعية في ذات الوقت الذي يكسبانها فيه ثقلاً في أسواق التصدير يتمثل بما نسبته 32 في المئة من السوق العالمية للالياف وحصة بنسبة 29 في المئة من سوق ورق الصحف. لكن قاعدة الانتاج الكندية تعاني من التشرذم بشكل مزمن اذ تنتج كندا سنوياً نحو عشرة ملايين طن من ورق الصحف وتصدر منه نحو 6.6 مليون طن، أي ما يعادل 60 في المئة في اجمالي الانتاج في أميركا الشمالية. ويناهز في الوقت نفسه إجمالي صادرات كبار المنتجين الآخرين: السويدوفنلندا وكوريا الجنوبية والمانيا واندونيسيا، الا أن طاقاتها الانتاجية موزعة على عدد كبير من المنتجين، وينطبق الحال ذاته على المنتج الرئيسي الثاني لصناعة الورق الكندية، الألياف الذي تصدر منه سنوياً نحو عشرة ملايين طن. ويعتبر التشرذم أحد الأسباب غير المباشرة لما تعانيه صناعة الورق الكندية من صعوبات في تحقيق الأرباح الصافية. ويتضح من استعراض أرقام الأعوام الأربعة الماضية أن أداء الشركات الكندية جاء سلباً بمبلغ 400 مليون دولار أميركي في العامين الأولين بينما لم تتعد الأرباح الصافية للعامين التاليين مبلغ 625 مليون دولار ما يعني أن متوسط العائد على رأس المال الذي حققته صناعة الورق الكندية في الفترة المذكورة لم يتجاوز 2.8 في المئة وهو اقل بكثير من العائد الممكن تحقيقه من الاستثمار في السندات الحكومية. الا أن التحسن الطفيف الذي تحقق للشركات الكندية في العامين الأخيرين جاء بعد موجة أولى من عمليات الدمج والتملكات وكان أبرز نتائجها حتى الآن ظهور شركة "ابيتيبي كونسولديتيد" أضخم الشركات الكندية وواحدة من كبريات الشركات العالمية في انتاج ورق الصحف وتصديره اذ بلغ انتاجها في العام الماضي 3.3 مليون طن، ما يعادل إجمالي الصادرات الفنلندية والسويدية أو نحو 20 في المئة من اجمالي انتاج هذا النوع المتخصص من الورق في أميركا الشمالية. وتشكلت "ابيتيبي كونسوليديتيد" من اندماج شركتين كنديتين وعرضت أخيراً عقد صفقة جديدة قيمتها 4.8 بليون دولار للاندماج مع شركة "دنهيو" ثالث أكبر منتج لورق الصحف في أميركا الشمالية ورابع أكبر منتج في العالم. ومن شأن نجاح مسعاها الجديد مع نظيرتها الكندية وتحالفها الحديث مع شركات غير كندية في آسيا أن يرفع طاقاتها التسويقية الى نحو 6.3 مليون طن من ورق الصحف و1.8 مليون طن من ورق الطباعة والكتابة ونصف مليون طن من الألياف وملكية كاملة أو جزئية في 29 مصنعاً للورق في كنداوالولاياتالمتحدة وبريطانيا وآسيا. وفي سياق عمليات الدمج الناشطة بين الشركات الكندية يعلن بين حين وآخر عن صفقات ضخمة بين شركات أميركية وكندية. وكان من أبرز هذا النوع من الصفقات تملّك شركة "باووتر" الأميركية لشركة "آفينور" الكندية لتشكيل ثاني أكبر منتج لورق الصحف في العالم. لكن عمليات الدمج بين الشركات الأميركية والكندية ليست تطوراً جديداً ويقدر أن التحالفات القائمة بين شركات البلدين تغطي ثلثي الانتاج في أميركا الشمالية. ويرتبط عدد من الشركات الكندية بعقود توريد ورق الصحف لعدد من مؤسسات النشر في الدول العربية وتوريد نحو 50 ألف طن سنوياً من الألياف الا أن غالبية المبيعات تتم عن طريق الوسطاء. واعترف مسؤولو العديد من الشركات الكندية ل"الحياة" بأن منتجاتهم تواجه صعوبات جدية في الشرق الأوسط لأسباب عدة أهمها ارتفاع كلفة الشحن وتوافر منتجات منافسة لجهة السعر ولا سيما في منطقة جنوب شرق آسيا القريبة من الشرق الأوسط. البلدان الاسكندنافية وتواجه كندا وامكاناتها التصديرية منافسة أشد من قبل البلدان المنتجة في شمال أوروبا وعلى وجه الخصوص فنلنداوالسويد. وتأتي شدة المنافسة ليس فقط من الطاقات الانتاجية والتصديرية المتوفرة للبلدين بل أيضاً من التمدد الواسع لشركاتهما في المناطق الانتاجية والأسواق العالمية. وعلى سبيل المثال يقع ثلثي الطاقات الانتاجية للشركات الفنلندية خارج الأراضي الفنلندية بينما تملك الشركات السويدية 50 مصنعاً في السويد و180 مصنعاً خارجها. وبلغ انتاج صناعة الورق الفنلندية في العام الماضي نحو 13 مليون طن من الورق والكرتون وصدرت نحو 85 في المئة من انتاجها ما منحها حصة بنسبة 15 في المئة من السوق العالمية لكن انتاجها من ورق الطباعة والكتابة حصراً يرفع حصتها الى 25 في المئة علاوة على حصة بسيطة من سوق الألياف التي تقدر صادراتها منها بنحو 1.7 مليون طن. وتتمتع السويد بحصة أكبر قليلاً من سوق الألياف 2.7 مليون طن ولكن بحصة أصغر قليلاً من سوق الورق والكرتون. ومن أبرز تطورات صناعة الورق في شمال أوروبا صفقة الدمج التي تمت بين شركة "ستورا" السويدية وشركة "أنسو" الفنلندية أواخر عام 1998 وأنتجت هذه الصفقة شركة ضخمة بلغت مبيعاتها السنوية في سنتها الأولى زهاء 11 بليون دولار وتتمتع بموقع قوي في أسواق دول الاتحاد الأوروبي والعالم خصوصاً على صعيد المنتجات المتخصصة مثل ورق المجلات وورق الصحف وورق المحارم وكرتون التعليب. ويساهم المنتجون الاسكندنافيون مساهمة كبيرة في منح القارة الأوروبية، وتحديداً أوروبا الغربية، المركز الثاني على صعيد الانتاج في صناعة الورق العالمية 78 مليون طن سنوياً والمركز الأول في مجال التصدير 40 مليون طن بينما تحتفظ أميركا الشمالية بالمركز الأول في الانتاج 112 مليون طن والمركز الثاني في التصدير 24 مليون طن بمساهمة كبيرة من جانب كندا. وتنتج البلدان الآسيوية مجتمعة كميات مساوية للانتاج الأوروبي لكن صادراتها شديدة التواضع ولا تتجاوز ثمانية في المئة من اجمالي الانتاج. لكن الترتيب الراهن لكبار اللاعبين في صناعة الورق العالمية مقبل على تغيرات يحتمل أن تصبح جوهرية في المدى الطويل. فعلى رغم تأكيد منظمة الأغذية والزراعة أن الاستهلاك العالمي للمنتجات الورقية سيتضاعف بحلول نهاية العقد الجاري الا أن المنتجين الأميركيين والأوروبيين في درجة اقل يعترفون بصعوبة زيادة طاقاتهم الانتاجية لاسباب عدة أهمها محدودية المصادر الغابية وارتفاع كلفة الانتاج. وفي المقابل تتمتع مناطق عدة مثل أميركا الجنوبيةالبرازيل والأرجنتين وجنوب شرق آسيا اندونيسيا وتايلاند علاوة على روسيا الاتحادية بمؤهلات قوية للعب دور أكبر بكثير مما لعبته حتى الآن.