استبعد مصرف "سكوشا" الكندي احتمال ارتفاع اسعار ورق الصحف في الاشهر القليلة المقبلة لكنه توقع نجاح المنتجين في ممارسة قدر اكبر من السيطرة على تقلبات الاسعار في ضوء حركة التملكات والاندماجات النشطة التي تشهدها صناعة الورق في آسيا ومنطقة اميركا الشمالية، لا سيما في السوق الكندية، اكبر مصدر للمنتجات الورقية الأساسية. وأشار المصرف في احدث تقاريره عن اتجاهات اسعار المنتجات الورقية ان غالبية المنتجين الاميركيين والكنديين التي اعلنت نيتها فرض زيادة جديدة على اسعار ورق الصحف بمعدل 50 دولاراً اميركياً للطن الواحد اعتباراً من نيسان ابريل الجاري اضطرت الى تأجيل خططها الى الاول من أيار مايو المقبل وخفض مقدار الزيادة الى 40 دولاراً للطن الواحد. وقالت باتريشا مهر معدة التقرير ل "الحياة" امس "ان نجاح المنتجين في تطبيق الزيادة المشار اليها ليس مضموناً حتى في وضعها المعدل"، وهو ما أكده مسؤول لدى الاتحاد الكندي لمنتجي ورق الصحف وعجينة الورق من خلال الاشارة الى جملة من التطورات الطارئة التي تجعل من الصعب اقناع المستهلكين بتقبل اسعار مرتفعة. وشملت هذه الظروف الطارئة التي تساهم في اضعاف فرص رفع الاسعار، التراجع الحاد في الطلب على غالبية المنتجات الورقية في الاسواق الآسيوية بسبب الازمة الاقتصادية هناك وقيام كوريا الجنوبية، احد كبار المنتجين الآسيويين، بتصريف قسم كبير من انتاجها، خصوصاً ورق الصحف، خارج اسواقها التقليدية للسبب ذاته. وأشارت معطيات احصائية تتناول آثار الازمة الآسيوية على مبيعات ورق الصحف الى ان صادرات دول منتجة رئيسية مثل كندا الى الاسواق الآسيوية انخفضت في الربع الاول من السنة الجارية بنسبة 36 في المئة وفي المقابل ارتفعت المبيعات الكورية في السوق الاميركية بنحو ستة اضعاف وبلغت في كانون الثاني يناير زهاء تسعة آلاف طن في حين لم تتجاوز 5 آلاف طن في الفصل الاول من العام الماضي. وعلى رغم ان الصادرات الكورية تعتبر هامشية مقارنة مع الصادرات الكندية التي تشكل زهاء 95 في المئة من اجمالي واردات السوق الاميركية 7،5 مليون طن سنوياً أثار ازديادها قلق المنتجين الكنديين مما دفع احد مسؤولي الاتحاد الكندي الى اتهام المنتجين الكوريين ب "تعكير صفو هذه السوق" اعتماداً على تقارير ذكرت ان ورق الصحف الكوري يباع بأسعار متدنية تراوح بين 525 و535 دولاراً للطن بينما تراوح الاسعار المعلنة بين 590 و595 دولاراً للطن. وفسرت نائبة رئيس قسم الدراسات الاقتصادية لدى مصرف "سكوشا" دواعي قلق الاتحاد بالاشارة الى ان الاسعار المعلنة لورق الصحف تمنح المنتجين الكنديين هامش ربح بنسبة 20 في المئة، وهي نسبة يراها المنتجون مهمة بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج في السوق الكندية بالمقارنة مع المنتجين الآخرين، لا سيما الآسيويين. ويخشى المنتجون الكنديون والاميركيون تعرض اسعار ورق الصحف لما حدث لانتاجهم الرئيسي الثاني من عجينة الورق، حيث بقيت اسعارها في السوق الاميركية قوية لفترة طويلة قبل تعرضها لضغوط شديدة من جراء انخفاض مثيلاتها في الاسواق الاوروبية والآسيوية مما أدى الى تراجعها الشهر الماضي الى 550 دولاراً للطن من نحو 600 دولار للطن بداية السنة الجارية. وأوضحت مهر في الوقت نفسه ان اسعار عجينة الورق في السوق الاميركية بقيت أعلى من الاسعار المسجلة في غالبية الاسواق الاخرى على رغم التحسن الملحوظ الذي شهدته في الاسواق الاوروبية في الاسابيع الاخيرة وقيام اندونيسيا، احد كبار المنتجين الآسيويين، بتطبيق زيادة طفيفة على اسعار انتاجها الذي يقدر بنحو مليوني طن سنوياً. وبدأت حركة الاندماجات الحالية بتوصل الشركتان الكنديتان "ابيتيبي برايس" وستون كونسوليديتد" الى اتفاق لدمج عملياتهما في صفقة قيمتها 3.1 بليون دولار، ونجم عن الصفقة، التي اعلنت في فبراير شباط 1997، اكبر شركة منتجة لورق الصحف في العالم اذ يبلغ انتاجها السنوي نحو 3.5 مليون طن، ما يعادل ثلث اجمالي الانتاج الكندي. واتضح منذ البداية أن "ابيتيبي - ستون" التي أقامت مقرها الرئيسي في مونتريال انفردت بوضع مالي متين يؤهلها فرض هيمنتها على واردات السوق والمساهمة في رفع الاسعار مما شجع صناعة الورق حسب رأي احد المراقبين، على اعتبار مؤهلات الشركة الجديدة عاملاً ايجابياً يصب في مصلحتها لا سيما بعد انخفاض اسعار ورق الصحف الى مستوى تعتبره دون مستوى كلفة الانتاج عالمياً وهو 500 دولاراً للطن. لكن صفقة "ابيتيبي - ستون" فتحت الطريق واسعاً امام سلسلة من اتفاقات الاندماج والتملكات قادتها الشركة المذكورة بنفسها من خلال محاولة مفاجئة قامت بها الشهر الماضي تملك جارتها في مونتريال شركة "افينور انك" التي فضلت اخيراً قبول عرض اكثر اغراءاً تقدمت به شركة "بووتر انك" الاميركية وبلغت قيمته نحو 2.47 بليون دولار.