} أكد رئيس الحكومة اللبنانية سليم الحص أمس، "أن الدولة عازمة العودة الى المناطق المحررة في الجنوب اللبناني والبقاع الغربي، بقوة، وستتحرك على كل المستويات لتثبيت الأمن والاستقرار"، في وقت تواصل زحف المواطنين والوفود والسياسيين الى هذه المناطق. للمرة الثانية في أسبوع، جال رئيس الحكومة سليم الحص على القرى المحررة في الجنوب وكانت محطته أمس قضاء حاصبيا، وألقى كلمة أمام فاعليات وحشود التقاها "ان الدولة ترحب بكم، وتبارك لكم عودتكم الى حضن الشرعية، وتبارك لنفسها عودتها إليكم"، وقال "إنه تعتزم العودة اليكم بقوة، وستشعرون قريباً إن شاء الله أنها تتحرك على كل المستويات لتثبيت الأمن والاستقرار في هذه البقعة العزيزة من لبنان، بتحقيق المشاريع العاجلة والملحة التي تلبي حاجات المواطنين في مناطق حرمت خدمات الدولة طويلاً". وتابع: "ستجدون الدولة منهمكة في التخطيط لإنهاض هذه المناطق من خلال خطة إنمائية وإعمارية، وستكون معكم بكل فاعلياتها وإداراتها ومؤسساتها. إننا نجد فيكم أبطالاً حرروا هذا الوطن الذي هو وطن الأبطال". وانتقل الحص الى الموقع السابق لقوات الاحتلال في تلة زغلة، ومن هناك الى خلوات البياضة، وقال "يسعدنا جداً أن نكون معكم في هذا اليوم المبارك، يوم يحتفل لبنان بأسره بعرس الحرية وعيد التحرير، نحن كلنا معكم واكبناكم عندما كنتم ترزحون تحت الاحتلال واليوم جئنا لنهنئكم ولنبارك لكم الحرية المتجددة". وأضاف: "لبنان كله يحتفل بهذا العيد ويتطلع الى منعطف جديد في حياته العامة نحو الأفضل"، آملاً "بأن يكون تحرير الجنوب اللبناني من رجس الاحتلال الإسرائيلي منعطفاً نحو حياة أفضل على كل الصعد". ثم توجه رئيس الحكومة الذي رافقه عدد من الوزراء الى بلدة شبعا، والتقى أهاليها. وجال نائب الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم على القرى المحررة في منطقتي مرجعيون وبنت جبيل على رأس وفد من قيادة الحزب واستقبل في الخيام بالزغاريد والرز والورود. وألقى كلمة في حسينية البلدة أكد فيها أن "حزب الله سيكون أقوى في المستقبل بعد الانتصار الذي حققته المقاومة الإسلامية على الاحتلال"، مشدداً على "أن هذا النصر شكل منعطفاً تاريخياً لا بد من أن تستفيد منه شعوب الأمة، خصوصاً الشعب الفلسطيني". وأكد "أن المقاومة مستمرة حتى تحرير آخر شبر من أرضنا المحتلة في مزارع شبعا"، داعياً الدولة الى "الاهتمام الحقيقي بالأسرى المحررين" وواعداً "بتقديم اقتراح قانون في هذا الشأن الى المجلس النيابي". وبعد تفقده معتقل الخيام ألقى كلمة أكد فيها "ضرورة إنزال أشد العقوبات بالعملاء اللحديين لغسل العار الذي مارسوه سنوات طويلة، عمالة وخيانة للوطن". ورأى "أن أي تساهل مع العملاء سيفتح الباب أمام عمليات انتقام لا يمكن أحداً وضع حد لها"، داعياً كل المسؤولين الى زيارة الزنازين المظلمة "ليتأكد لهم أن لا بد من إنزال أشد العقوبات بالعملاء الذين خدموا الاحتلال وضد شعبهم ونكّلوا بالأسرى على مدى سنوات". وهنا طالب زوار المعتقل بضرورة وضع العملاء المستسلمين في زنزانات المعتقل لمعرفة ما عاناه المعتقلون من عذابات طويلة"، وتمنوا على رئيس الجمهورية إميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والسيد حسن نصرالله "أن يعامل العملاء معاملة قاسية وتنزل بهم أشد العقوبات، بحسب القانون اللبناني، لأنهم خانوا الوطن وارتكبوا أبشع المجازر". وكانت المحطة الثانية لقاسم في مطرانية الروم الأرثوذكس في جديدة مرجعيون حيث استقبله المطران الياس الكفوري وحشد من أبناء المنطقة. ورحب الكفوري بوفد "حزب الله" مشيداً "بدوره الطليعي في تحرير الأرض"، ونوه بالمواقف التي أطلقها نصرالله في بنت جبيل "فأدخلت الطمأنينة قلوب المواطنين بعدما كنا خائفين الى حد ما". وشدد قاسم على "العيش المشترك" مشيراً الى "الانتصار العظيم الذي لم تعقبه اي ردود فعل بحكمة المجاهدين". وشدد على أن هذا الانتصار لكل الوطن وليس لطائفة من دون أخرى". ورأى "أن اللصوص الذين حاولوا استغلال التحرير هم خونة العملاء، ويجب محاكمتهم أمام القضاء". وقال "إن الطوائف في لبنان بتعلقها بلبنان انتصرت والمنهزم هو واحد فقط: إسرائيل والعملاء". ثم زار قاسم بلدة القليعة حيث استقبله حشد من الأهالي وعدد من المطارنة في كنيسة البلدة. وتم خلال اللقاء تأكيد العيش المشترك واستتباب الأمن والتنديد بمحاولات البعض إخافة المواطنين خدمة للدعاية الصهيونية". بعد ذلك، توجه قاسم الى بنت جبيل وألقى كلمة في حشد من المواطنين أكد فيها "أن الانتصار الذي تحقق على أيدي المجاهدين سيترك تداعيات كبيرة مستقبلاً على صعيد الأمة"، مشدداً على "أن المقاومة باقية في جهوزية تامة لمواجهة أي تهديد صهيوني" ثم زار بلدتي عين ابل وحانين". وفي بلدة القليعة عقد لقاء بين مسؤولين من "حزب الله" يتقدمهم رئيس المجلس السياسي النائب محمد رعد مع الأب منصور الحكيّم تم خلاله قرع الأجراس وإقامة قداس في كنيسة البلدة. وقال رعد خلال جولة على المنطقة "نحن لم نعتد على أحد ولا داعي كي نخاف من شعبنا حتى عوائل العملاء، يجب أن يطمئنوا ويبقوا آمنين في بيوتهم لأننا لا نقبل أن تتحول شريحة من شعبنا لاجئين لدى الكيان الصهيوني، ولا أن يصبح أي لبناني إسرائيلياً ويذل وتهان كرامته". وأكد "أن حب الوطن يتسع لعوائل هؤلاء والقضاء اللبناني يجب أن يحاكم الذين لم يسلموا أنفسهم، وإذا أرادوا أن يسلموا أنفسهم فليعودوا الى القضاء اللبناني، لقد تسامحنا الى أبعد الحدود ونحن نعرف أن بين هؤلاء مجرمين وقتلة وسفاحي دماء". واعتبر نائب رئيس "حركة أمل" النائب أيوب حميد بعد جولة على القرى المحررة أن "الحكومة لا تملك حتى اللحظة خطة إنمائية فعلية للمناطق المحررة حديثاً على رغم كل ما يقال ويعلن" وقال "إن هذه المناطق تحتاج الى التفاتة تساوي ما قدمته الى الوطن". لافتاً الى "أن النصر الذي تحقق ثمرة تضحيات كل اللبنانيين". وأكد "أن تشكيل لجنة وزارية لا يكفي لبلسمة جراح هذه المنطقة والمطلوب إنشاء وزارة تعنى بشؤونها". وكان وفد من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى برئاسة الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين جال اول من امس على نحو عشرين قرية جنوبية محررة، بدءاً من الناقورة، وانتهاء بالخيام، وعقد لقاءات مع فاعليات هذه القرى وأبنائها، ورأى شمس الدين أن الانتصار الذي تحقق "هو لجميع اللبنانيين". و قال في بلدة علما الشعب "نريد أن يعي الجميع أن لبنان من دون مسيحيين ليس لبنان، ولبنان من دون مسلمين ليس لبنان، فقد أراد الإسرائيليون مسخه وجعله على شاكلة كيانهم، والقول للمسيحيين فليكن لبنان لكم، لكن المسيحيين رفضوا". ودعا الدولة الى رفع الحرمان عن هذه المنطقة بتلبية حاجات مواطنيها على كل الصعد، وناشد "العملاء النازحين أن يسلموا أنفسهم الى عدالة لبنان، لأنهم أخطأوا حين تعاملوا مع إسرائيل أما أهاليهم وعائلاتهم فلا يتحملون هذا الخطأ. وأخطأوا مرة أخرى حين أخذوا أبناءهم وعائلاتهم إلى إسرائيل واستمروا في تعاملهم معها". وشدد على لبنانية مزارع شبعا. وفي كنيسة عين إبل، أقيم قداس حاشد حضره عدد من النواب والفاعليات ترأسه راعي أبرشية صور ومرجعيون للموارنة المطران مارون صادر وألقى عظة شدد فيها على العيش المشترك والوحدة الوطنية بين أبناء المنطقة وخصوصاً المحررة حديثاً، وقال "لا يحل أحد محل الدولة في تسلم الأمن وتقديم المتطلبات"، داعياً إياها الى "بسط سلطتها الأمنية على المنطقة وتأمين الحاجات الضرورية". وفي جديدة مرجعيون، ترأس رئيس أساقفة صيدا وصور للروم الأرثوذكس المطران الياس كفوري قداساً في كنيسة القديس جاورجيوس. ودعا في عظته الدولة الى تعزيز القوى الأمنية، مهنئاً أهالي المنطقة بالتحرير. وناشد النائب عصام فارس الدولة القيام بالدور المطلوب منها في هذا المنعطف من تاريخنا، على مختلف المستويات، أمنياً وإدارياً وإنمائياً. ورأى أن تحرير الجنوب والبقاع الغربي هو "انتصار كبير تحقق لكل لبنان". وقال "إن في وسع لبنان، رئيساً وحكومة ومجلساً وشعباً ومقاومة، أن يفاخر بصموده وثباته ووحدته، وأن يدحر إحدى أكبر الترسانات العسكرية في المنطقة". ولاحظ أن ثمة من يحاول نصب الأفخاخ وتأجيج الفتن، متمنياً على الدولة إعداد نفسها لخطة الانتقال الى الجنوب، وأكد "أن الدولة هي وحدها ضمان الأمان ولا سلطة شرعية إلا بها، ولا بديل منها إلا هي، ودعا العرب الى الوفاء بالتزاماتهم حيال لبنان، والمجتمع الدولي الى إجبار إسرائيل على تعويض الأضرار التي تكبدناها نتيجة احتلالها واعتداءاتها". ومن الوفود الحزبية التي زارت الجنوب، وفد مصلحة الطلاب في حزب الكتائب، وموكب حاشد ل"المؤتمر الشعبي اللبناني" ترافقه قافلة "الاسعاف الشعبي"، انتهى به المطاف في بلدة شبعا، وأعلن "المؤتمر" أن رئيسه السيد كمال شاتيلا أهدى شبعا مستوصفاً وسيارة إسعاف. وقال في كلمة ألقيت نيابة عنه، "ان التحرير سيبقى ناقصاً من دون استعادة مزارع شبعا". واتهم الموفد الدولي تيري رود لارسن ب"الانحياز الى الموقف الإسرائيلي"، معتبراً أن بيان مجلس الأمن مرفوض من أحرار لبنان، لأن فيه انتقاصاً من القرار الرقم 425"، وناشد الدولة "الإسراع في إعادة بناء البلدات والقرى المحررة وتحقيق الإنماء المتوازن". وأقامت الجمارك اللبنانية حواجز في منطقتي صور وبنت جبيل تحسباً لإدخال بضائع إسرائيلية كانت لا تزال موجودة في المناطق المحررة حديثاً. وفي بلدة أرنون نصب عدد من أهاليها خياماً على أنقاض منازلهم، وباتوا ليلتهم فيها في انتظار ان تعوضهم المؤسسات الرسمية ما خسروه.