تشابكت خيوط الأزمة التي تفجرت في مصر بسبب اعادة نشر رواية "وليمة لأعشاب البحر"، إذ تضاربت معلومات عن ملابسات البيان الذي صدر مساء أول من أمس حاملاً توقيع شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، وانتهى الى إدانة الرواية وتحميل المسؤولين عن نشرها مسؤولية تبعاتها، فيما اتسعت حملة حكومية استهدفت قواعد جماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة، إذ دهمت قوات الأمن فجر امس منازل 10 من عناصر الجماعة واعتقلتهم واحالتهم على النيابة ليرتفع عدد المعتقلين من عناصر التنظيم خلال الأيام القليلة الماضية إلى 40 شخصاً. وتذكر الحملة الجديدة بأحداث عام 1995. ووضع بيان الأزهر المسؤولين عن نشر الرواية أمام أمر واقع، وعلمت "الحياة" ان اتصالات جرت لإقناع طنطاوي بتأجيل إعلان البيان كي يعرض على رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد الموجود في بيروت، وهو كان رفع أزمة الرواية الى طنطاوي لبتها، لكن تسريب البيان الى وسائل الاعلام حال دون ذلك. واستغربت أوساط صدور البيان قبل أقل من 24 ساعة على عودة طنطاوي من الخارج بعد فترة غاب خلالها عن تفاعلات الأزمة التي فجرتها صحيفة "الشعب" لسان حال حزب العمل ذي التوجه الاسلامي. واثيرت تساؤلات عن أمور بروتوكولية كان يجب ان تتبع بإحالة الرأي الشرعي في الرواية على الجهة التي طالبت بذلك، أي رئيس الحكومة. ولم تجد الصحف القومية المصرية أمس بداً من نشر البيان في الطبعات الثانية، لكنها لم تبرزه، ويبدو ان مفاجأة الأزهر اجبرت وزير الثقافة فاروق حسني على التوجه أمس ومعه البيان الى النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد. ولم يُكشف ما جرى في اللقاء، لكن مصادر أوضحت ان غياب عبيد عن البلاد ونشر بيان الأزهر في وسائل الاعلام حتّما قيام شخصية حكومية بتسلم البيان الى النائب العام كون قضية التحقيق في ملابسات نشر الرواية في مصر ما زالت مفتوحة، واحال عبدالواحد البيان على نيابة أمن الدولة التي تحقق في القضية. ولم تتوقف مفاجآت الأزهر عند ذلك الحد، إذ خرجت صحيفة "صوت الأزهر" أمس بتصريحات لطنطاوي تضمنت انتقاداً حاداً للوزير حسني. واعتبر طنطاوي انه "كان من الواجب على الوزارة ان ترسل نسخة عن الرواية إلى الأزهر لمعرفة رأي الدين فيها، فإذا غفلت عن ذلك كان من الواجب على السيد وزير الثقافة ان يعترف بهذه الغفلة ويتعهد محاسبة المسؤولين، ولو فعل ذلك لانتهى الأمر". وبعدما أشار الى انه سافر الى السعودية قبل ان يقرأ الرواية، تناول ملابسات البيان قائلاً: "أثناء وجودي في السعودية طلبت من وكيل الأزهر ان يطلب نسخة من وزارة الثقافة ويحوّلها على مجمع البحوث الاسلامية لدرسها، وتم ذلك والحمد لله، وارسلنا التقرير الى الجهات المعنية"، ثم اضاف: "نقول رأينا فإذا أخذوا به فمرحباً وإن لم يأخذوا به فإنهم يتحملون المسؤولية". وتداول صحافيون أمس نسختين متطابقتين من بيان الأزهر لكن الأولى حملت توقيع طنطاوي والثانية خلت منه، مما يشير إلى ان البيان سرّب قبل ان يوقعه. وعلى رغم ان تطور الأحداث عقب بيان الأزهر صّب لمصلحة القائمين ضد الحملة على الرواية، كان اللافت ان جماعة "الاخوان" تعرضت أمس لضربة جديدة، يعتقد مراقبون أنها "تأتي في اطار اجراءات عقابية رداً على موقف التنظيم من قضية الرواية". وقال المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود ل"الحياة" إن السلطات اعتقلت عشرة من عناصر الجماعة في محافظتي الاسكندرية وبني سويف.