زائر قصر مالغانينغ مقر الرئاسة الفيليبينية في مانيلا، لا يرى أي مظهر من مظاهر الأزمة التي تعصف بجنوب البلاد في مقاطعة مينداناو حيث يحتجز الرهائن الأجانب ال21، ومن بينهم الرهينة اللبنانية ماري معربس، فلا الاجراءات الأمنية مكثفة، ولا وجوه المسؤولين الفيليبينيين الكبار تبدي أي قلق. وفي أول لقاء مع صحيفة عربية تحدث الرئيس جوزيف استرادا الى "الحياة"، معرباً عن حرصه على سلامة الرهائن، آملاً في انقاذهم قريباً. كما تحدث عن علاقات بلاده مع الدول العربية ووصفها بأنها ممتازة، معرباً عن تأييده لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وعن تأييده لقرارات الأممالمتحدة. وفي ما يأتي نص الحديث: يعمل مئات الآلاف من الفيليبنيين والفيليبينيات في أنحاء متعددة من العالم العربي، فهل زرت أياً منها؟ وكيف تصف علاقة بلادكم بهذه الدول؟ - الواقع، ان علاقاتنا مع العالم العربي ممتازة، وعلى الصعيد الاقتصادي فإن التبادل التجاري وصل معهم الى درجات قياسية، فمئات الآلاف من عمالنا يعملون كما تقولين في الخليج ودول عربية أخرى ويرسلون مبالغ طائلة من العملة الصعبة الى عائلاتهم في الفيليبين. ما موقف بلادكم من الدولة الفلسطينية المستقلة، وعودة اللاجئين، والانسحاب من جنوبلبنان والجولان؟ - دورنا في عملية السلام في المنطقة بسيط وواضح، وهو التمسك بمبدأ حق تقرير المصير للفلسطينيين، والحل السلمي لكل النزاعات، ولطالما دعينا الى عودة اللاجئين الى المناطق التي عاشوا فيها قبل حرب العام 1967. وإدارتي وجميعنا في الفيليبين نعتقد بالنسبة الى جنوبلبنان والجولان أن السلام الدائم ليس مطلباً مرغوباً فيه فحسب، بل ضروري للسلام الشامل في المنطقة، ولا يمكن الوصول إليه إلا من خلال المفاوضات التي تأخذ في الاعتبار مشاعر ومشاكل الطرفين العميقة. الرهائن النزاع الدائر في مينداناو يهدد أمن المنطقة واستقرارها، خصوصاً جمهورية الفيليبين، فما الخطوات التي تنوي ادارتكم اتخاذها من أجل حل الأزمة الراهنة؟ وما خططكم بالنسبة الى هذه المنطقة؟ - النزاع الذي بدأت بتحريكه منظمة "مورو الاسلامية للتحرير" ومنظمة أبو سياف لا يشكل أي خطر على الاستقرار السياسي للفيليبين لأن هذا النزاع محصور في مناطق قليلة تعد على الاصابع، لا تشكل أكثر من واحد في المئة من مينداناو. وأصدرت أوامري الى القوات المسلحة بشن حرب شاملة على عناصر هاتين المنظمتين اللتين ضربتا مناطقنا الآهلة بالقنابل وخطفتا الأبرياء. ولا نستطيع السماح لهؤلاء الارهابيين بمواصلة أعمالهم البربرية من أجل تحقيق أهدافهم الانفصالية. وأنا لم ينتخبني الشعب لكي أقف متفرجاً على تمزيق الفيليبين. ولكن ماذا عن سلامة الرهائن، ألن تشكل مثل هذه الحرب الشاملة على هاتين المنظمتين خطراً على حياتهم؟ - نحن حريصون كل الحرص على سلامة وصحة هؤلاء الرهائن، ونفعل ما نستطيع من أجل اطلاق سراحهم سالمين. قال لنا وزير دفاعكم ان هذه الحرب في المناطق الاسلامية، ليست حرباً دينية، فماذا تقول لهؤلاء المسلمين الذين يعتقدون انهم يعاملون كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية؟ - الحرب المندلعة في مينداناو ليست دينية على الاطلاق، بل هي حرب البرابرة والخاطفين والسارقين. التقارير العسكرية تتحدث عن أن الخاطفين عذبوا وقطعوا رؤوس بعض المخطوفين من الرجال لا يعني الرهائن ال21 الذين خطفوا في 23 نيسان الماضي من ماليزيا. ومن بين هؤلاء كاهن فيليبيني، كما اغتصبوا بعض النساء الرهائن. وهذا يعني انهم لا يقاتلون من أجل غايات سياسية. اضطر جنودنا الى اخلاء الطريق الرئيسي نرسيسو راموس في قلب مينداناو، لأن "منظمة تحرير مورو الاسلامية" استولت على جزء كبير من هذا الشريان الحيوي وراحت تفرض خوة على المواطنين. والواقع ان المسلمين لا يعاملون مواطنين من الدرجة الثانية، فحكومتي نفذت عدداً من المشاريع من أجل تنمية جنوب الفيليبين، بما في ذلك مناطق الحكم الذاتي الاسلامية. لكن عدداً من زعماء المناطق في مينداناو قال لنا ان التنمية الاقتصادية تكاد تكون غير موجودة، وكل ما يحصلون عليه في هذا المجال يأتي متأخراً وقليلاً. -لا بد لي من أن أتساءل: هل الذين تتحدثين معهم هم بالفعل من منطقة مينداناو؟ لو كانوا من هذه المنطقة لعرفوا ان مشاريع عدة نفذتها الحكومة هناك، لقد حافظت على الوعد الذي أطلقته عام 1998 خلال حملتي الانتخابية لإنهاء عقود من الاهمال الرسمي من قبل حكومات سابقة لهذه المنطقة. كيف تتعاملون مع واقع امتلاك عدد من الدول في آسيا مثل الصين والهند وباكستان الأسلحة النووية؟ - ان ذلك يزيد مستوى التوتر في هذه المنطقة الحيوية، ويحفز دولاً أخرى على تطوير مثل هذه الترسانة. الفيليبين تعتقد بأنه يجب تكثيف الجهود من أجل التخلص من هذه الأسلحة. توصف علاقتكم بالولاياتالمتحدة بأنها مضطربة، هل هذا دقيق؟ - لا اعتقد ان علاقتنا مع الولاياتالمتحدة مضطربة، بل نمت وتطورت بعدما تحولت من علاقة وصاية الى علاقة شركاء متساوين. والمشاكل غالباً ما تحدث في علاقة الشركاء، لأن التوقعات غالباً ما يبالغ فيها. وبعد الغاء القواعد الأميركية واغلاقها في الفيليبين، كانت هناك بعض مشاعر الكراهية والحقد لدى الطرفين، ولكن مع الوقت لاحظ الفريقان الأميركي والفيليبيني، ان الغاء هذه القواعد لمصلحة الطرفين، خصوصاً انها كانت بداية لعهد جديد في علاقاتنا.