بعد 24 ساعة من اخلاء عناصر "جيش لبنان الجنوبي"، الموالي لاسرائيل، موقع شيّار عازور في منطقة جزين، اخلوا فجر أمس موقع عرمتى القريب منه وانسحبوا من البلدة كلها في اتجاه موقع بئر كلاب. وبعدما نال قائمقام جزين نبيه حمود اذناً بدخول البلدة من رئيس الحكومة سليم الحص الذي رحّب بذلك، مباركاً "هذه الخطوة"، اتصل بالصليب الاحمر الدولي واتجه مع مندوبين منه الى البلدة بعدما ازالت جرافة الساتر التراب الذي اقامه "الجنوبي" على الطريق، بعد نحو 10 ايام على اثر تدمير موقعهم هناك ومقتل 5 منهم في عملية للمقاومة الاسلامية - الجناح العسكري ل"حزب الله". العجوز التي قطفت وروداً من امام منزلها، لم تستطع بلوغ الطريق العامة اثناء مرور سيارة الصليب الاحمر لتستقبل من فيها ب"الورد والحبق"، وهي التي لم يبلغها الخبر باكراً كسواها من اهل البلدة الذين تنادى بعضهم الى مشاهدة ازالة الساتر من مقلبها الشمالي. العجوز بدت تعبة ولاهثة ومتلعثمة في قول كلمات تعبر فيها عن فرحها بعودة بلدتها الى حضن الوطن بعد احتلال دام اكثر من 17 عاماً، إذ رابط طويلاً جنود الاحتلال الاسرائيلي و"الجنوبي" وشغلوا بعضاً من منازلها وروابيها المرتفعة التي اخلوها الا واحدة ابقوا فيها موقعاً يعرف ببئر كلاب. وما كادت الجرافة التي رفع عليها علم الصليب الاحمر تزيل الساتر وترفع ركامه وحواجز حديداً كانت بوابة عبور بقيت في المكان، في نحو ساعة، حتى استفاقت على الفرحة البلدة الغارقة في وحشة الاحتلال ومرارته وما استتبعه من تهجير وخوف وانفصال عن الوطن اضافة الى جعل المحتلين اهلها دروعاً ومنازلها متاريس حملت جدرانها كثيراً من آثار القذائف والرصاص. خرج كل سكان البلدة الى الطريق مستقبلين الوافدين ناثرين الورود والرز، وأطلقت النسوة زغاريد ارتجلت "أبياتها" سريعاً وفي شكل مفاجئ يشبه تحرير البلدة. كان عدد الناس قليلاً، ومعظمهم عجائز ونساء وبضعة اطفال في ساحة البلدة التي تشكل احدى بوابات الوصل بين الجنوب والبقاع الغربي وتبعد عن بيروت 90 كيلو متراً. ولا يزال يسكنها 130 شخصاً 48 عائلة من اصل نحو 3500 هجّروا منها، أو هجروها، في سنوات احتلالها. وبلغ انقطاع بعض السكان عن اقاربهم خارج البلدة نحو 25 عاماً. الفرح كان بادياً عليهم ففتحوا ابواب منازلهم واحضروا شراباً للآتين مرحبين بهم في عرمتى، ومتلقين التهانئ منهم ومتحلقين حول القائمقام حمود الذي جال ومن رافقه على بعض الاحياء. وطمأنهم في لقاء في مدرسة البلدة الرسمية عدد تلامذتها 7 فقط أن "الدولة بكل مؤسساتها جاهزة لتلبية كل احتياجاتها"، موضحاً لهم ان "الطريق فتحت بين عرمتى وجزين مباشرة، ولم يعد قاصدها مضطراً الى سلوك طريق الريحان، وان في امكان المقيمين خارجها العودة اليها مع شيء من الحذر والترقب من وجود ألغام". الاسرائيليون من ناحيتهم اعترفوا بالانسحاب، وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان "سواتر التراب التي كانت تسد طريق جزين - عرمتى ازيلت ظهراً". وذكرت معلومات من منطقة حاصبيا ان "اللحديين" زياد محمد خطار من عين قنيا، وقاسم سعيد ابو غيدا من حاصبيا وفاضل قاسم حميد من عيحا، غادروا مع عائلاتهم المنطقة المحتلة الى اسرائيل ومنها الى دولة اوروبية"، مشيرة الى ان "اللحديين" جهاد كنج ابو رافع وسمير ابو رافع من عين قنيا، تركا الخدمة في موقعهما العسكري والتزما منزليهما". وافادت مصادر امنية ورسمية في بيروت ان "عشرات المسؤولين والعناصر في "الجنوبي" من بلدات دبل ورميش وعين ابل لجأوا الى اسرائيل".