تدرس البحرين إطلاق شركة طيران وطنية خاصة بها، على غرار شركات الطيران الوطنية التي سبق ان شجعت دولة الامارات وقطر وسلطنة عمان على قيامها في السنوات الماضية. ويتخوف مراقبون من التأثير السلبي في عمليات "طيران الخليج" التي كانت تعتبر الناقلة الوطنية للدول الاربع المالكة لها وهي البحرين وقطر وعمانوالامارات، بسبب توسيع نطاق المنافسة الجوية لها داخل اسواقها الوطنية خصوصاً البحرين التي تعتبر المقر الرئيسي لعملياتها. وينتظر ان تنتهي وزارة المواصلات البحرينية في السادس من الشهر المقبل من اعداد نص دراسة جدوى اقتصادية أُعدت استجابة لطلبات المستثمرين المحليين الذين دعتهم الوزارة أخيراً إلى المساعدة في تمويل مشروع تأسيس شركة الطيران. وكان وكيل الوزارة السيد ابراهيم الحمر، وجّه دعوات الى اصحاب ثماني شركات رئيسية في البحرين قبل نحو ستة اسابيع للبحث في تمويل الشركة. واستجاب هؤلاء وبينهم مندوبو "شركة محمد جلال" و"شركة المؤيد" و"شركة يتيم" وشركة "كانو". وطلب المستثمرون الذين عرضت عليهم الفكرة في اجتمعاع قصير لم يستغرق اكثر من 15 دقيقة ان يبدوا موقفهم من المسألة. فأعلنوا جميعهم ترحيبهم المبدئي بإقامة شركة طيران وطنية، الا انهم ربطوا موقفهم النهائي بتقديم دراسة جدوى اقتصادية ينتظر ان تُسلّم اليهم في اجتماع يعقد في السادس من ايار مايو الجاري. وقالت مصادر مطلعة تحدثت اليها "الحياة" ان الموضوع لم يُحسم بعد على المستوى الرسمي وان هناك آراء مؤيدة واخرى معارضة لفكرة اقامة شركة طيران بحرينية ستكون منافساً ل"طيران الخليج" التي واجهت في السنوات الاخيرة مصاعب قوية بسبب منافسة شركات الدول الثلاث الاخرى، علاوة على ظروف السوق. وتعتبر "طيران الخليج" احد كبار ارباب العمل في البحرين، اذ يعمل فيها قرابة 2500 موطف يشكلون نحو 50 في المئة من مجموع عدد موظفي الناقلة. وتشتري الشركة بقيمة 100 مليون دولار سنوياً من السوق البحرينية، وتضخ في الاقتصاد المحلي نحو 25 مليون دينار، في صورة غير مباشرة، ليصل حجم مساهمتها السنوية في الاقتصاد البحريني الى 152 مليون دينار نحو 410 ملايين دولار. فضلاً عن أنها تتخذ من مطار المنامة الدولي مركزاً لعملياتها وتساهم بذلك في تفعيل الدورة الاقتصادية في القطاعات المرتبطة بحركة النقل الجوي والسفر. وكانت "طيران الامارات" التي تملكها حكومة امارة دبي وتأسست عام 1985 اول شركة منافسة عملت على اقتحام حقل النقل الحصري الذي كان يعود الى "طيران الخليج" باعتبار الاخيرة شركة الطيران الوطنية للدول الاربع المالكة. وتبعتها بعد ذلك "الخطوط القطرية" التي تملكت الحكومة القطرية حصة غالبة فيها قبل ثمانية شهور. وكانت شركة "الطيران العماني" التي تأسست عام 1995 آخر الواصلين الى مسرح النقل الجوي الوطني في الدول الثلاث الاخرى. وبدا جلياً في الفترة الاخيرة ان تفكير المسؤولين في البحرين تغير تدريجاً اذ بدأت "طيران الامارات" منذ شهرين تسيير رحلاتها مباشرة من دبي الى مطار البحرين الدولي، في حين بدأت "الخطوط القطرية" الاسبوع الماضي رحلاتها بين الدوحةوالمنامة وسط تآكل متواصل لقدرة "طيران الخليج" على الاحتفاظ بوضع مميز لعملياتها انطلاقاً من مطار المنامة، وبعيداً عن منافسة ناقلات البلدان المالكة لها. وما عزز التساؤلات عن مصير "طيران الخليج" اقدام الاجتماع الاخير لمجلس ادارتها الذي عُقد قبل ثلاثة اسابيع في مسقط على تعديل النظام الاساسي للشركة "الناقل الوطني" للدول الأربع على نحو يضفي شرعية على امتلاك هذه الدول حق انشاء ناقلات وطنية. فقد حذف التعديل "ال" التعريف واكتفى بجعل "طيران الخليج" مجرد "ناقل وطني" مما ساوى بينها وبين بقية الناقلات التي تملكها الدول الاربع، وزرع بذور غموض قانون خاص بحقوق الطيران التي بوسع هذه الشركة ان تستخدمها في المستقبل لبناء استراتيجية نمو حقيقية. وطلب التجار البحرينيون الذين تحدث اليهم وكيل وزارة المواصلات الشهر الماضي اعطاء فكرة واضحة عن طبيعة دور شركة الطيران البحرينية المستقبلية وقدرتها على النمو، وسبل ادارتها وعملها في ظل المنافسة التي لا بد من ان تجد نفسها فيها في مواجهة "طيران الخليج". وتعذر الحصول على توضيحات من السيد الحمر الذي عُقد الاجتماع في مكتبه. وقال عدد من التجار ممن تحدثت اليهم "الحياة" ان الشركة الجديدة ستكون تجارية غير حكومية. وذكرت مصادر مطلعة ان هناك صيغاً عدة بينها احتفاظ الحكومة بنسبة الثلث على غرار "الطيران العماني"، مع احتمال اللجوء الى اموال مؤسسة "التأمينات الاجتماعية" لتغطية حصة المساهمة الحكومية، على ان يقدم التجار الحصة الباقية في عملية اكتتاب تمهد لادراج سهم الشركة في سوق البحرين المالية لاحقاً. وقالت ان التصور الحالي ينص على وضع خطة لعمل الشركة يجعلها مكمّلة لنشاط "طيران الخليج" التي ستواصل القيام برحلاتها الدولية وتلك البعيدة المدى. وستكون الناقلة البحرينية شركة للطيران الاقليمي تعتمد على نشاطها في نقل المسافرين في الاسواق المجاورة في السعودية والكويت وعُمان واليمن، "مع احتمال اقامة خطوط مباشرة الى المدن العراقية بعد رفع الحظر عن العراق في الفترة المقبلة". وفي المقابل يمكن "طيران الخليج"، التي سترى نفسها مضطرة الى اعادة هيكلة خطوط شبكتها بعد فتح مطار البحرين امام رحلات "الامارات" و"القطرية" و"الطيران العماني" ان تفيد من الخدمة الرديفة التي يكفي ان تقدمها الشركة البحرينية لتقليص حجم شبكتها الاقليمية. ولم تستبعد المصادر بدء الشركة الجديدة عملها في كانون الاول ديسمبر المقبل، وهو ايضاً الموعد الذي سيبدأ فيه "الطيران العُماني" رحلاته المباشرة بين مسقطوالمنامة وفق ما ذكر ل "الحياة" المدير العام للشركة العمانية السيد عبدالرحمن البوسعيدي. وفي حين رفض بعض المستثمرين البحرينيين المعنيين بالمشروع ذكر اسمائهم قال ل"الحياة" عبدالعزيز كانو نائب رئيس "انفستكورب" نائب رئيس شركة "كانو": "مشروع اقامة شركة طيران بحرينية بالغ الاهمية. ونحن نأمل ان ينجح". وأبلغ المدير العام الشركة السيد خالد كانو "الحياة": "نحن وتجار غيرنا مستعدون للمشاركة في المشروع اذا كانت هناك جدوى تجارية. لدينا سوق مفتوحة لحركة النقل الجوي في المنطقة ولا بد من ان تكون لمشروعنا جدوى تجارية والا يكون بغرض اقامة شركة طيران بحرينية فقط".