تتصدر مسائل الديموقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون، بما في ذلك تعزيز دور المجتمع المدني في الدول الافريقية، المواضيع التي يعرضها الاتحاد الأوروبي اليوم أمام القمة الافريقية - الاوروبية في القاهرة، ضمن محور "قضايا سياسية". وكانت الدول الغربية، خصوصاً خلال السنوات العشر الماضية، تطالب الأفارقة بتطبيق هذه المسائل كشرط لاستمرار مساعداتها لدول القارة. لكن تبين خلال هذه السنوات العشر، ان الدول الغربية ترى أهمية تطبيق الديموقراطية في افريقيا تبعاً لمصالحها وليس انطلاقاً من حرصها على حقوق الانسان في افريقيا. فاوغندا، على سبيل المثال، تنتهج نظام الحزب الواحد، ويقول رئيسها يويري موسيفيني بصول عال إن الديموقراطية ونظام تعدد الاحزاب لا يصلح لبلده. في حين صنفت الدول الغربية هذا البلد ضمن لائحة "الدول الأكثر فقراً ومديونية" نحو 40 دولة في العالم بينهم 36 دولة افريقية على هذه اللائحة، وصارت المساعدات تتدفق عليها حتى صارت نسبة معدل التنمية فيها الأعلى في افريقيا، وكانت الدولة الاولى التي تتلقى مساعدات في هذا الشأن ربما لان اوغندا تأتي ضمن استراتيجية الغرب لترتيب اوضاع سياسية معينة في منطقة البحيرات الكبرى وسط القارة. والى جانب اوغندا، لم يعترض الغرب على تفرد رئيس الكونغو الديموقراطية لوران كابيلا في الحكم ومنع المعارضة السياسية في البلاد من النشاط. كما لم يفرض الغرب عقوبات اقتصادية على نيجيريا ايام حكم الرئيس العسكري الراحل ساني اياشا، عندما قتل داعية حقوق الانسان والديموقراطية سار ويووا، ولم يعترض على اقصاء اباشا الرئيس مشهود ابيولا الذي فاز في انتخابات ديموقراطية في البلاد العام 1993. اما عن سبب عدم الاعتراض، فهو في حال الكونغو الديموقراطية، الاستثمارات الغربية، خصوصاً لشركات اميركية في مجال استخراج الاحجار الكريمة والمعادن. وفي حال نيجيريا هناك سيطرة للشركات الغربية، خصوصاً البريطانية على استخراج النفط وتسويقه. لكن في المقابل تسمح الدول الغربية بفرض عقوبات على دول مثل السودان، وان كانت هذه العقوبات تأتي تحت مسميات اخرى غير الديموقراطية مثل "الحكم العسكري" او "مساعدة الارهاب". الرئيس الغامبي يحيى جامع، نقيب سابق في الجيش استولى على السلطة بانقلاب العام 1994، واجرى انتخابات رئاسية العام 1996 وفاز فيها. ويقول الرئيس الغامبي: "ليس من قواعد الديموقراطية ان يطلب الغرب من الدول الافريقية ان تتحول الى الديموقراطية استناداً الى مفاهيمه، فذلك تناقض واضح مع مفهوم الديموقراطية الغربية ... فبعدما نهبوا ثروات قارتنا، يبدون وكأنهم يوثقون يدي رجل خلف ظهره بعدما استولوا على كل ممتلكاته ويقولون له، الآن وقبل ان نُعيد لك ممتلكاتك يجب ان ترقص على اللحن الذي نؤلفه لك ... فافريقيا لديها انظمتها الخاصة بها الموجودة قبل ان يستعمرها الغرب. إذ يوجد في مجتمعاتها حكومات موسعة تضم كل المشارب والشرائح، فزعماء القبائل لديهم مجالس وممثلون ومستشارون ... لذلك يجب ان لا تُفرض الصيغة الغربية للديموقراطية على الافارقة الذين يجب ان يقرروا الافضل لانفسهم. يجب ان نعيش كما يحلو لنا استناداً الى تقاليدنا وحضارتنا". اليوم، تفتتح اعمال القمة الافريقية - الاوروبية، وغداً يعرض الاوروبيون برنامجهم عن القضايا السياسية في القارة، فأي ديموقراطية يريدون لافريقيا؟.