استنكر رئيس الحكومة اللبنانية سليم الحص التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع الفرنسي آلان ريشار عن العلاقات اللبنانية - السورية، معتبراً ذلك "تدخلاً في الشؤون الداخلية اللبنانية يرفضه لبنان ولا يرتضيه". وطلب من مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السفير ناجي أبي عاصي استدعاء السفير الفرنسي في لبنان فيليب لوكورتييه واستيضاحه حقيقة الموقف الفرنسي في الموضوع. وعقد أبي عاصي اجتماعاً مع لوكورتييه واستوضحه هل تصريحات الوزير ريشار تمثل سياسة الحكومة الفرنسية. وعلمت "الحياة" ان لوكورتييه اكتفى بتسجيل الاستيضاح. واجتمع السفير الفرنسي مساء مع الرئيس الحص، بناء على موعد مسبق من أجل البحث في عدد من الأمور المتعلقة بالتعاون الاقتصادي بين البلدين، وتطرق الى تصريحات ريشار. وكان ريشار قال في حديث الى اذاعة "فرانس انتير" ان "سورية لا تريد اتفاقاً مع اسرائيل يهدد هيمنتها على لبنان، وما أخشاه انها تعتبر الهيمنة على لبنان من بين أوراقها الأساسية، وبالتالي فإن أي حل، حتى ذلك الذي يعيد اليها اراضيها لكنه يؤدي الى تهديد هيمنتها على لبنان، لا يناسبها". واطلع الحص من السفير الروسي في لبنان بوريس بولوتين على الموقف الروسي من القرار الاسرائيلي الانسحاب من الجنوب ومن التطورات في المنطقة. وأوضح بولوتين "ان موسكو تعتبر ان الانسحاب الاسرائيلي من كل الأراضي اللبنانية خطوة ضرورية في الطريق الى الحل الشامل العربي - الاسرائيلي في المنطقة، وروسيا بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن وأحد راعيي المسيرة السلمية مستعدة للتنسيق مع أعضاء مجلس الأمن الآخرين ومع الأمين العام للأمم المتحدة والأطراف المعنيين للمساهمة في تنفيذ قرارات مجلس الأمن المذكورة، لكنها في الوقت نفسه تعتبر ان الحل الجوهري للمشكلات في اسرائيل ولبنان وسورية لا يمكن الا باستئناف المفاوضات على المسارين السوري واللبناني والتقدم المتلازم الى الحل النهائي، وتلح روسيا في هذا الصدد على ضرورة استئناف الحوار السوري - الاسرائيلي في أسرع وقت ممكن". ووصف الحزب التقدمي الاشتراكي تصريح ريشار وقبله تصريح رئيس الوزراء ليونيل جوسبان بأنهما "انحياز مشبوه الى اسرائيل، ويجافيان مبادئ الحرية والمساواة وحقوق الانسان". ورأى انهما يخدمان اهداف اسرائيل ويصبان في خانة العداء للعلاقات والمصالح العربية - الفرنسية". وانتقد حزب الكتلة الوطنية "حال الضياع التي تسود الأوساط السياسية حيال احتمال تنفيذ القرار 425، والتي تظهر طغيان نزعة الاستئثار بالارادة الوطنية اللبنانية بما يتعارض مع التوجه العربي المعبر عنه بالمقررات الصادرة عن اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت، واعتماد هذا الطغيان على استبداد سياسي يغيّب دولة القانون ويلغي المبادئ الأساسية للسيادة الوطنية والاستقلال وقيام المؤسسات الديموقراطية البرلمانية والفصل في ما بينها وتعاونها، حتى غدت مطية لمراكز نفوذ ادارية ما يشكل انتهاكاً للدستور وكل المواثيق وحقوق الانسان والحريات العامة. وأشار الى "أن لبنان دفع ثمناً باهظاً وما زال يتحمل فوق طاقته نتيجة السعي الى تذويب القرار 425 وسائر القرارات الأخرى الصادرة عن مجلس الأمن بما فيها القرار 520، بمسار السلام الشامل والتسوية التي عقد من أجلها مؤتمر مدريد وسائر المؤتمرات التي تلت". وأيد دعوة العميد ريمون اده الموجهة الى رئيس الجمهورية اميل لحود للانتقال الى نيويورك ومطالبة مجلس الأمن كي يحصل على قرار مبني على الفصل السابع الذي يجيز لقوات الطوارئ استعمال القوة عملاً بالمادتين 41 و42 من هذا الفصل لوضع حد للحال المأسوية التي يعيشها الشعب اللبناني". واستغرب المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني "بعض الارتباك الذي ما زال يطبع الموقف الرسمي في شأن موضوع الانسحاب". ودعا الى تأمين افضل أداء في مواجهة العدو ومناوراته بالتنسيق مع سورية". وطالب حزب الوطنيين الأحرار الحكومة اللبنانية بتحمل مسؤولياتها كاملة عن استحقاق الانسحاب عبر "تكثيف اتصالاتها بالمرجعية الدولية الشرعية ومتابعة التطورات في أدق تفاصيلها". ودعا الحكم والحكومة الى "الكف عن اطلاق الاشارات القابلة للتأويل والتفسير كربط تنفيذ القرار 425 بشروط أخرى وتحميله ما لا يحمل أساساً".