اعترفت موسكو بأن المقاومة الشيشانية استعادت هياكلها التنظيمية وأخذت توسع نطاق المعارك في المناطق الجبلية، فيما رفضت روسيا الوساطة الدولية وتنوي اعلان حال الطوارئ في الجمهورية الشيشانية الشهر المقبل. واعترفت القيادة الروسية بأن الشيشانيين "تمكنوا من إعادة توزيع قواتهم وإدارتها" من مركز واحد. وهذا التصريح ينفي عملياً ما ذكرته موسكو سابقاً عن "شرذمة" قوات المقاومة وتحولها الى "عصابات صغيرة" لا يسيطر عليها أحد. وعلى رغم التعتيم الإعلامي، وردت انباء من مصادر مختلفة عن استمرار القتال العنيف في منطقة جاني فيدينو الجبلية حيث نصب مكمن للروس دمرت خلاله مدرعات. وذكر الشيشانيون أنهم قتلوا أكثر من 100 عنصر من القوات الروسية. واضطر الناطق الرسمي باسم الكرملين سيرغي ياسترجيمبسكي الى أن "يعدل" تصريحات سابقة له. وذكر أمس ان عدد الجنود الروس الذين تسنى سحبهم من المنطقة التي حاصرها الشيشانيون هو "6 وليس 16". وأضاف ان البحث يجري عن 39 عنصراً آخر من رجال شرطة مكافحة الشغب الذين "فقدوا" نتيجة المكمن. وانتقدت اذاعة "صدى موسكو" السلطات لرفضها الاعتراف ب"تدمير طابور" من القوات الروسية. وحاول المسؤولون الروس في البداية التقليل من أهمية "الهجوم الربيعي" للشيشانيين وأكدوا ان عدد المهاجمين لا يتجاوز 150 عنصراً، إلا أن الكرملين اعترف أمس بأن هناك ألف عنصر بقيادة شامل باسايف وخطاب يقاتلون في المناطق الجبلية. وكان وزير الدفاع ايغور سيرغييف سخر من أحاديث عن احتمال اندلاع حرب فدائيين. وقال ان "قطاع الطرق، لا يملكون أي قاعدة شعبية، لذا فإن مقاومتهم ستنتهي سريعاً". لكن الأحداث الأخيرة برهنت العكس، وأكد الرئيس الانغوشي رسلان آوشيف ان حرب العصابات "ستستنزف القوات الفيديرالية وتستمر فترة طويلة وتؤدي الى مزيد من الضحايا بين المدنيين". وكرر آوشيف عرضه التوسط بين المركز الفيديرالي والرئيس الشيشاني اصلان مسخادوف. وكان وزير الخارجية الشيشاني الياس أحمدوف ذكر ان مسخادوف اشترط ان تجرى المفاوضات بوساطة طرف دولي واقترح تحديداً منظمة الأمن والتعاون الأوروبي. إلا ان ياسترجيمبسكي رد على هذا الاقتراح بقوله ان موسكو ترفض أي وساطة دولية. وأضاف ان "مسخادوف ليس في وضع يسمح له بأن يطالب بشيء". إلا أن المراقبين لا يستبعدون أن تقبل موسكو لاحقاً بنوع من الوساطة وذلك لوقف النزف المستمر ومواجهة الضغوط الدولية. وأورد النائب الأول لرئيس هيئة الأركان العامة فاليري مانيلوف أرقاماً جديدة عن خسائر القوات الروسية. وللمرة الأولى، تجاوز الرقم الاجمالي الألفين. وذكر الجنرال ان روسيا فقدت منذ بداية العمليات 2036 قتيلاً و6076 جريحاً. وكانت مصادر أخرى بينها "لجنة أمهات الجنود"، أكدت ان الخسائر الفعلية ربما تجاوزت الستة آلاف قتيل. وبهدف السيطرة "الهشة" على الأوضاع، تنوي موسكو فرض "الحكم الرئاسي المباشر" في الشيشان. وقال نائب رئيس الوزراء نيكولاي كوشمان المكلف الملف الشيشاني ان النية متجهة الى اعلان "فترة انتقالية" تعطل خلالها الانتخابات على كل المستويات وتفرض "قيود وتمنع التجمعات" وتعطل حريات أخرى. وذكر ان رئيس الجمهورية الشيشانية سيعين بقرار من المركز الفيديرالي، وتشكل هياكل فيديرالية للادارة المحلية. ولأن هذه الاجراءات تتعارض مع الدستور، توقع كوشمان ان تعلن في الشيشان حال طوارئ بعد تنصيب فلاديمير بوتين رئيساً للدولة في الاسبوع الأول من شهر أيار مايو المقبل.