واشنطن، القدسالمحتلة، بيروت - رويترز، أ ف ب - قال المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط دنيس روس إن الفجوات بين مواقف سورية وإسرائيل من السلام "غير واسعة على الاطلاق"، لكن غياب الثقة يجعل من الصعب تضييقها. وفي غضون ذلك، أكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في حديث صحافي نشر أمس في بيروت، أن قمة الرئيسين حافظ الأسد وبيل كلينتون في جنيف اصطدمت بالخلاف حول مدى الانسحاب الإسرائيلي من الجولان والسيطرة على بحيرة طبرية. وقال روس، الذي كان يتحدث اثناء مأدبة غداء في واشنطن الخميس تكريماً لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق شمعون بيريز، إن المحادثات بين سورية وإسرائيل حققت تقدماً كبيراً وان ثمة أسباباً وجيهة تدعو الولاياتالمتحدة إلى مواصلة مساعيها للتوسط من أجل التوصل إلى اتفاق. وتابع يقول: "إذا نظرت إلى المسار الاسرائيلي - السوري فإنه تحقق في الواقع تقدم. وطبيعة الفجوات التي توجد على هذا المسار غير واسعة على الاطلاق". وأضاف: "من المنظور العملي، فإنها غير كبيرة، ولكن من المنظور النفسي فإنها ما زالت كبيرة". وكان روس شارك في اجتماع القمة غير الناجح الذي عقده الرئيس بيل كلينتون مع الرئيس السوري حافظ الأسد في جنيف الأحد الماضي ثم ذهب إلى اسرائيل لإحاطة رئيس الوزراء ايهود باراك علماً بنتيجة القمة. ونقل كلينتون إلى الاسد أحدث عرض من اسرائيل بشأن الحدود بعد الانسحاب الاسرائيلي من مرتفعات الجولان، لكن العرض لم يلب طلب سورية ان تنسحب اسرائيل إلى خطوط ما قبل الحرب العربية - الاسرائيلية عام 1967. ويقول ديبلوماسيون إن الفجوة بشأن الارض تقلصت إلى نحو 100 متر على امتداد الساحل الشرقي لبحيرة طبرية. وقال كلينتون مرتين خلال اليومين السابقين إنه يريد ان يعرض الرئيس مقترحاته لمعالجة المخاوف الإسرائيلية بشأن مطالب سورية المتصلة بالأرض. وقارن روس بين المفاوضات الاسرائيلية - السورية والمحادثات الاسرائيلية - الفلسطينية التي انتهت جولة منها في واشنطن هذا الاسبوع بوساطة الولاياتالمتحدة. وقال روس: "هناك علاقة... بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ومهما كانت صعوبة القضايا، فإن وجود درجة من الثقة يجعل حتى من اكثر القضايا تعقيداً قضايا قابلة للحل". وأضاف روس: "على المسار الاسرائيلي - السوري فإن القضايا نفسها واضحة، لكن لا توجد علاقة بين الجانبين وهذا يجعل حتى الصعوبات الصغيرة من الصعب تذليلها". واستدرك قائلاً: "ولكننا الولاياتالمتحدة لن نيأس، لأن هناك أسباباً وجيهة تدعو إلى عدم اليأس". وقال بيريز، وهو وزير التعاون الاقليمي في حكومة باراك، مشيراً إلى فشل اجتماع قمة جنيف: "يجب ألا نستبعد سورية من على الخريطة". وهون بيريز من شأن تحذير سورية من ان انسحاباً اسرائيلياً من جانب واحد من جنوبلبنان سيكون "انتحاراً" لإسرائيل. وقال: "ميلنا إلى الانتحار ليس كبيراً للغاية، لكننا بلد سيحترم تماماً استقلال لبنان وسلامة أراضيه". نفي أميركي ونفى الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جيمس فولي نبأ نشرته صحيفة "هآرتس" أول من أمس أكدت فيه أن الرئيس كلينتون اقترح على إسرائيل وسورية تعيين موفد خاص للسعي إلى استئناف المفاوضات بينهما. وقال فولي رداً على سؤال: "هذا ليس صحيحاً"، وأضاف: "انها عملية صعبة لكننا سنواصل العمل لتخطي الصعوبات القائمة بين الطرفين". باراك إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي باراك مساء الخميس للتلفزيون الاسرائيلي ان اسرائيل لا تقفل "الباب امام استئناف المفاوضات مع سورية"، على رغم فشل القمة السورية - الاميركية في جنيف الاحد الماضي. وقال باراك: "إن سورية مسؤولة عن فشل جنيف، إلا أن مما لا شك فيه ان هناك امكانية للتوصل الى اتفاق"، مضيفاً: "نحن لا نقفل الباب أمام استئناف المفاوضات، إلا أننا لا نستطيع فرض ارادتنا في الحوار". كما كرر باراك القول إن الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان سيحصل في تموز يوليو في اطار اتفاق مع لبنان وسورية أو من دونه. وتابع قائلاً: "سنقطع الجسور مع لبنان في تموز حيث قتل أكثر من ألف من جنودنا". واعتبر ان "إسرائيل لن تبقى في لبنان بحجة ان سورية او حزب الله يرغبان بالمضي في اهراق دماء جنودنا". الشرع من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في مقابلة صحافية نشرت أمس الجمعة في بيروت ان الرئيس السوري في صحة جيدة، وانه ونجله بشار لن يقبلا بسلام "غير مشرف". وقال الشرع لصحيفة "المستقبل" اللبنانية: "إن صحة الرئيس الأسد ممتازة وقد لمس كلينتون ذلك بنفسه في جنيف". وأضاف: "أبلغني العقيد الركن بشار الأسد اكثر من مرة ان الرئيس الأسد لا يقبل ان يورثه سلماً غير مشرف ولا هو يقبل ذلك أيضاً، فهذه المسألة اذن خارج الموضوع". يشار الى ان بشار الاسد لا يتولى حتى الآن أي منصب رسمي، لكنه غالباً ما يقدم على انه الخليفة المحتمل لوالده. وأوضح الشرع ان خيار دمشق هو "السلام العادل والشامل والمتكافئ والمشرف... لكن الاستهانة بسورية مرفوضة. سورية مستعدة وجاهزة لتوقيع سلام، ولكن ليس أي سلام، الكرامة لها أولوية بالنسبة الى الرئيس الاسد وسورية". وأكد الشرع مجدداً أن قمة جنيف بين كلينتون والأسد الاحد الماضي اصطدمت بالخلاف حول مدى الانسحاب الاسرائيلي من الجولان والسيطرة على بحيرة طبرية. وقال إن "الكرة ليست في ملعب الرئيس الأسد، بل هي في الملعب الاسرائيلي، ولو اردنا التصعيد لقلنا إنها في الملعب الاميركي أيضاً". وتابع يقول: "ليس هناك ما اجهضته سورية في القمة، بل هناك تراجع اسرائيلي عن شيبردزتاون"، موضحاً ان اسرائيل طرحت في محادثات شيبردزتاون التي عقدت في 11 كانون الثاني يناير الماضي "السيادة على الضفة الشمالية الشرقية من بحيرة طبرية، واذا بها تطمح عبر ما حمله الرئيس كلينتون الى السيطرة على نهر الاردن والبحيرة معاً". وكشف الوزير السوري الذي شارك في قمة جنيف ان سورية اقترحت حتى بعد تبلغها الأفكار الإسرائيلية ان تنتهي القمة باصدار بيان سوري - أميركي مشترك "كي لا يفسح في المجال للتأويلات"، وهو ما وافقت عليه أولاً وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت، على ان يكون بياناً "يتضمن التزاماً بالقرارات الدولية ومرجعية مدريد والمبادئ العامة"، لكنها غيرت رأيها لاحقاً "ربما بسبب اتصالات مع الجانب الاسرائيلي الذي رفض مبدأ البيان المشترك". ورداً على سؤال عن سبب عقد القمة اذن، تحدث الشرع عن احتمالات عدة منها "هل ان اسرائيل ورطت الولاياتالمتحدة؟ هل تريد اسرائيل توتير العلاقات السورية - الاميركية؟ هل تريد اسرائيل عبر افشالها للقمة الايحاء بأن سورية هي من أفشلها لتجد تغطية اميركية ودولية لنهجها؟". وأكد ان سورية لن تنجر الى ما تريده اسرائيل "التي تتوخى إحداث شوشرة في العلاقات السورية - الاميركية، وتريد ان نشتبك مع الولاياتالمتحدة لتستفيد هي". ولم ير الشرع مبرراً للمبالغة في تفسير تصريح الرئيس الاميركي بيل كلينتون بعد قمة جنيف مع الرئيس السوري حافظ الاسد "ان الكرة باتت في ملعب الاسد"، معتبراً "أن هذا التصريح في سياقه العام يشير الى انتظار أجوبة سورية عن افكار مقترحة". ورداً على سؤال عما اذا كانت سورية ستقدم اجوبة عن الافكار المقترحة اكتفى الشرع بالقول: "سنكون ايجابيين في التعاطي مع كل ما يخدم تحقيق سلام حقيقي عادل وشامل مع سورية ولبنان وفقاً لثوابتنا المعروفة. وسنرى ما اذا كان الاميركيون في توجه واحد مع اسرائيل، في أي حال نحن لم نقطع الاتصال بالولاياتالمتحدة وسنرى". واعتبر "ان كلينتون لم يتصرف حيال سورية بأسلوب خاطئ"، مشيراً إلى ود شخصي يربطه بالرئيس الاسد "عبر عنه في قمة جنيف عندما قال له إننا لو امضينا عشرين ساعة معاً فأنا متأكد من انك ستكون في نهايتها أكثر حيوية ونشاطاً". وأشار الشرع الى ان سورية "تقدر الجهد الذي يبذله الرئيس كلينتون... الذي أكد لنا شخصياً رغبته في متابعة عملية السلام حتى آخر يوم من ولايته، أي حتى كانون الثاني يناير المقبل".