اطلقت القمة السورية - الاميركية عملية "عض الاصابع" مجدداً بين سورية واسرائيل، وذلك بعدما نقل الرئيس بيل كلينتون الى الرئيس حافظ الاسد مطالبة رئيس الوزراء الاسرائىلي ايهود باراك للقيام ب "اجراءات لبناء الثقة" لمساعدته باراك في العملية السياسية داخل اسرائىل، وهو ما رفضه الجانب السوري. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان عملية "عض الاصابع" ستستمر الى ايار مايو المقبل قبل بدء الاجراءات العملية للانسحاب الاسرائىلي من جنوبلبنان، وان المنسق الاميركي لعملية السلام دنيس روس وليس مادلين اولبرايت كلف ابلاغ الجانب الاسرائىلي مضمون محادثات الاسد - كلينتون. وزادت ان الاسبوعين المقبلين سيكشفان النتائج الفعلية للمحادثات، واشارت الى ان الجانب السوري تحدث عن استعداده لانتظار "الاجيال المقبلة للحصول على الانسحاب الكامل مقابل عدم التنازل عن اي جزء من الارض"، وذلك عندما "هدد" كلينتون بلسان باراك ب "ضيق نافذة الفرصة". الى ذلك، نقل مصدر عن كلينتون قوله للاسد: "شاهدتك عندما كنت تنزل سلم الطائرة، اتمنى لو كنت اتمتع بحيويتك وشبابك". لكن المصادر اكدت ان نتائج القمة "لم تكن في مستوى الفشل" الذي عبر عنه الناطق باسم البيت الابيض جو لوكهارت مساء اول من امس. واوضحت "ان الجانبين لم يتمكنا من وضع بيان نهائي يجمل نتائج المحادثات لأن كلينتون نقل مطالبة اسرائىلية باجراءات بناء الثقة تساعد باراك على تمرير اي التزام لاحق يقدمه الى السوريين في الاسبوعين المقبلين" وزادت :"ان كلينتون عرض خلال اللقاء صيغة عامة لاستئناف المفاوضات لا تتضمن مطلب دمشق موافقة باراك على ترسيم خطوط الرابع من حزيران يونيو 1967، على اساس ان باراك ابلغه انه قدم الى السوريين اقصى ما يستطيع سواء خلال محادثات شيبردزتاون، او عبر اقراره في اجتماع لحكومته بان رؤساء الوزراء الاسرائيليين السابقين تعهدوا الانسحاب الكامل من الجولان وانه لن يخرج عن هذه السياسة، او بموافقته على اجراء محادثات في شيبردزتاون مع وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع من دون مصافحة علنية". وتابعت المصادر ان الجانب السوري "تحدث بالتفصيل عن المبادرات التي قام بها وعن وجود رأي عام سوري يلزم المفاوض والقيادة بمبادئ عامة لا يمكن الخروج عنها، وبالتالي فإن اجراءات بناء الثقة هي ورقة تفاوضية لا يقدمها الجانب السوري قبل حصوله على تعهد واضح بالانسحاب الكامل من الجولان وترسيم خطوط 4 حزيران". وقالت المصادر: "صحيح ان الجانب السوري لم يتوقع ان يجلب كلينتون معجزة، لكنه لم يكن يتوقع ايضاً ان يتبنى الموقف الاسرائىلي تماماً"، وزادت :"ان مشكلة كلينتون هي مع باراك وليست مع الجانب السوري الذي ابدى تعاوناً ايجابياً، في حين رفض رئيس الوزراء الاسرائىلي الاستجابة لاتصالات كلينتون في اطار لعبة عض الاصابع واللعب على الزمن". يذكر ان دمشق تطالب بتعهد باراك ب "ترسيم" خطوط 4 حزيران والانسحاب الكامل من الجولان بما في ذلك شواطئ بحيرة طبريا، فيما يطالب الاسرائىليون ب "تنازلات سورية" في مجالات "علاقات السلم العادية" والامن والمياه قبل تقديم تعهد كهذا. وقالت المصادر ان باراك لم يعطِ كلينتون الآن "التعهد بالانسحاب الكامل الى خطوط 4 حزيران"، وزادت ان الجانب السوري "مرتاح الى نتائج المحادثات في شقها المتعلق بين دمشقوواشنطن". وكان لافتاً عدم صدور بيان سوري - اميركي او اجراء مؤتمر صحافي مشترك، مقابل صدور بيان رئاسي سوري متشدداً يحمّل اسرائىل مسؤولية "وضع العقبات" امام استئناف مفاوضات السلام. وقال السيد جبران كورية ان الجانبين اكدا "ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل على جميع المسارات، خصوصاً المسارين السوري واللبناني، وفق القرارين 242 و338 ومبدأ الارض مقابل السلام"، وان الاسد "اكد اهمية انطلاق عملية السلام على المسار السوري بالانسحاب الاسرائىلي الكامل الى خط 4 حزيران وترسيم الحدود على هذا الاساس"، وانه "نوّه" بجهود الرئيس كلينتون لايجاد صيغة لاستئناف المفاوضات بين باراك والشرع المجمدة منذ 10 كانون الثاني يناير الماضي، بعدما شددا على "تلازم المسارين السوري واللبناني وايجاد حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني تحقيقاً لشمولية السلام ولاستقرار الاوضاع في المنطقة". روس في اسرائيل وفي القدس اف ب اجتمع باراك والمبعوث الاميركي روس في القدس في حضور مستشار باراك للشؤون الامنية داني ياتوم والسفير الاميركي في اسرائيل مارتن انديك. وردد ياتوم في تصريح صحافي ما كان اعلنه باراك من ان اسرائيل "لم تغلق الباب امام استئناف المحادثات مع سورية" واضاف انه يأمل في ان تستأنف قريباً. وكان باراك قال ان سورية "ليست مستعدة في ما يبدو لإقرار سلام مع اسرائيل في الوقت الحالي". واضاف معلقاً على فشل قمة جنيف ان اسرائيل "لم تغلق الباب" أمام استئناف المفاوضات مع سورية. بن عامي يحضّ عمّان على التدخل وفي عمان دعا وزير الامن الداخلي الاسرائيلي شلومو بن عامي الاطراف المعنية بدفع عملية السلام في الشرق الاوسط الى التدخل من اجل "اغلاق الفجوة" في المواقف ما بين سورية واسرائيل والتي قال انها "ليست كبيرة". واكد الوزير الاسرائيلي، عقب لقائ مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، ضرورة "عدم اليأس" من فرص تحقيق اختراق في المسار السوري - الاسرائيلي، مشدداً على ان "حكمة الملك عبدالله ستكون مفيدة جداً في الايام المقبلة في خدمة المصلحة العامة لنا جميعاً لإعادة احياء عملية السلام في كل المسارات". وبعدما اشار الى إن الانباء من جنيف "ليست مشجعة على الاطلاق"، قال ان العاهل الاردني "حصل على ايجاز حول ما حدث في القمة بالطرق المناسبة"، وان "على كل اللاعبين في الشرق الاوسط مضاعفة جهودهم لضمان عدم ضياع هذه الفرصة السانحة". واضاف: "الجميع يعرف العوائق، وكلنا يريد ان يصل الى اتفاق من خلال الادارة الاميركية الحالية ليس في المسار السوري فحسب، بل ايضاً في المسار الفلسطيني". واعاد الوزير الاسرائيلي التأكيد على انه "لا يزال هناك بعض الوقت" لإنقاذ المفاوضات، وأن "هناك هامشاً معقولاً للمناورة يتوجب علينا استغلاله الى اقصى درجة وبكل قدراتنا حتى نكون في وضع نعود به الى مواطنينا ونقول لهم أننا بذلنا كل جهد ممكن". واعتبر الوزير القريب باراك ان الخلاف "يمكن تجسيره، لكن علينا ان نحصل اولا على الصورة الكاملة للوضع". وعكس وزير الاعلام المصري صفوت الشريف، في تصريح ادلى به في واشنطن ليل الاحد، رغبة مصر في التريث قبل التعقيب على نتائج قمة جنيف، وقال: "لا بد ان افكاراً طرحت خلال هذه القمة ... ولا بد ان يحمل المبعوث الاميركي دنيس روس هذه الافكار الى اسرائيل. يجب الا نتسرع في الحكم بالفشل او النجاح". واشار الى التصريحات الاميركية التي اكدت الحاجة الى مزيد من الوقت لتقريب موقفي الجانبين قائلاً: "ان المواقف كانت متباعدة منذ البداية، واذا لم تتنازل اسرائيل عن الشروط المسبقة، ولم يكن هناك التزام بمبدأ السلام مقابل الارض، والمبادىء المتفق عليها في مؤتمر مدريد 1991 فلن يكون هناك سلام". من جهة اخرى اعتبرت وزارة الخارجية البريطانية ان اتفاق سلام بين سورية واسرائيل يبقى "في متناول اليد" رغم فشل قمة جنيف. وقال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بيتر هاين في بيان: "لا احد يقلل من اهمية المصاعب. وفي اطار عملية بهذا التعقيد تسعى الى تجاوز عقود من الحذر لا يمكن تجنب العثرات". واعتبر ان ابرز المشاركين في عملية السلام "لا يزالون يدعمون" مبدأ التوصل الى اتفاق سلام، مضيفاً: "جميعهم يملك من الشجاعة وبعد النظر ما يكفي للتوصل" الى هذا الاتفاق. وبدأ هاين امس جولة في منطقة الشرق الاوسط تستمر ثلاثة ايام. وهو سيجري اليوم محادثات في اسرائيل، وينتقل غداً الى الاردن قبل ان ينتقل الى الاراضي الفلسطينية للالتقاء بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.