عزز الأمين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان الدكتور حسن الترابي مواقعه داخل هذا التنظيم بتعيين أمناء أمانات الحزب السبع من أنصاره خلال اجتماع ترأسه الرئيس عمر البشير. وعكست الخطوة استمرار نفوذ الترابي الذي استهدفته قرارات أصدرها البشير في منتصف كانون الأول ديسمبر الماضي. وأعلن الترابي أمس بعد اجتماع مع الأمناء الجدد أنه وجههم ب"النزول الى القواعد، والتنسيق مع أمناء الحزب في الولايات حتى يتكامل العمل في أجهزة المؤتمر الوطني". والأمناء السبعة هم ابراهيم السنوسي للعلاقات الخارجية، ومحمد الأمين خليفة لأمانة الفئات، والفاتح عابدون للقطاع الاجتماعي، والدكتور اسماعيل الحاج موسى لأمانة القطاع الثقافي، وأوغشينو ريمو لأمانة الجنوب، وخليفة الشيخ للشؤون الاقتصادية والمالية، وآدم الطاهر حمدون للاتصال الجماهيري. وتضم كل أمانة في عضويتها الوزراء المعنيين اضافة الى من يختارهم الأمين المسؤول. وينتظر أن يكون للسبعة دور بارز في مرحلة الإعداد لعقد المؤتمر العام الثاني للحزب الحاكم المقرر خلال العام الجاري. وتكمن أهمية المسألة في تأثيراتها على النزاع بين البشير والترابي للسيطرة على الحزب بعد تمكن الرئيس من التحكم في الحكومة. وتحدث الى "الحياة" أمس أمين العلاقات الخارجية ابراهيم السنوسي مؤكداً ان "التحسن في علاقات السودان الخارجية له أسباب موضوعية، ولا أظن انه حصل بسبب فرض حال الطوارئ في البلاد" في اشارة الى قرارات البشير. وأعلن السنوسي أنه متحمس للعمل في أمانة العلاقات الخارجية برؤية جديدة وقال انه سيعقد اجتماعات مع وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وأمين مجلس الصداقة الشعبية العالمية أحمد عبدالرحمن محمد لمناقشة الدور الشعبي والسياسي في اصلاح علاقات السودان الخارجية. وأكد تأييده التحرك الديبلوماسي للحكومة وأشاد بعقد عدد من اجتماعات اللجان الوزارية مع اثيوبيا وأوغندا والأردن واليمن وليبيا وتشاد ومصر. وعلمت "الحياة" ان أمناء أمانات حزب المؤتمر الوطني الحاكم سيشرعون في تأسيس اماناتهم بعد إجازة برامج طلبها منهم الترابي. وستعرض هذه البرامج أمام اجتماع للهيئة القيادية يتوقع ان يعقد خلال الاسبوع الجاري. ويذكر ان اجتماع لجنة الاختبارات والمحاسبة الذي عقد برئاسة البشير اختار أمناء الأمانات وفقاً للترشيحات التي قدمها الترابي. من جهة اخرى، أثارت تصريحات وزير الخارجية السوداني عن اجراء الانتخابات قبل اكمال عملية المصالحة واتهامه المعارضة بعدم الجدية في الحل السياسي للمشكلة السودانية ردوداً غاضبة من قادة معارضين في الخرطوم. وقال اسماعيل لدى عودته من زيارة الى القاهرة "ان استمرار مماطلة المعارضة في التوجه نحو الحوار والمصالحة ربما يدفع الحكومة الى اعادة تحريك طلبها من القاهرة" ترحيل قادة المعارضة السودانية من أراضيها. ونقلت صحيفة "الرأي العام" السودانية عن معارضين بارزين اعتبارهم ان هذه التصريحات "تكشف نية الحكومة المناورة والمراوغة" في مسألة المصالحة. وقال القيادي في حزب الأمة آدم موسى مادبو أن كلام اسماعيل "غير موفق، ويؤكد عدم جدية الحكومة وصدقيتها في التوصل الى حل سياسي يستوعب تراكمات عشر سنوات من عمر حكومة الانقاذ أوجدت خلافات اساسية في النظر الى الحل الشامل". وحمل مادبو حكومة البشير مسؤولية تعثر جهود الوفاق. وكان يرد بذلك على قول اسماعيل ان "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض "غير قادر على حسم رؤاه في شأن عقد مؤتمر الحوار". واضاف مادبو: "على رغم بدء اجراءات لتهيئة المناخ السياسي للحوار الا ان القوانين المقيدة للحريات لا تزال قائمة". ولاحظ ان "لجنة الوفاق الحكومية لم تجتمع مع التجمع في الداخل سوى في لقاء واحد مع سكرتاريا اللجنة لم تناقش خلاله القضايا الاساسية". واتهم الحكوم ب"محاولة اجراء انتخابات في غياب الاحزاب الرئيسية ذات الثقل الجماهيري حتى تتمكن من الحصول على عدد كبير من النواب". واستغرب "ان يبدر هذا الحديث من وزير خارجية عاد للتو من اجتماع مع المسؤولين في دولتي المبادرة مصر وليبيا. المعارضة قدمت موقفها التفاوضي إلا ان الحكومة لم تقم بذلك بعد". وانتقد تعديل الحكومة قانون الاحزاب من دون التشاور مع القوى السياسية. ودعاها الى "عدم التعويل على الانفتاح الذي تحقق داخلياً وخارجياً وتبنى سياسة تهدف الى اقصاء الآخرين والانفراد بالسلطة". وقلل القيادي البارز في الحزب الاتحادي محمد اسماعيل الأزهري من أهمية تهديد الحكومة باجراء انتخابات عامة قائلاً ان "الشعب السوداني يعلم ان آخر ممارسة انتخابية حرة نزيهة جرت في العام 1986" خلال العهد الديموقراطي الأخير.