أعلن الرئيس السوداني عمر البشير في الخرطوم أمس إلغاء قانون تنظيم الاحزاب السياسية المعروف ب "قانون التوالي السياسي" في خطوة تستجيب مطالب المعارضة السودانية. وقرر قبول استقالة أعضاء الحكومة وشاغلي المناصب الدستورية بهدف تشكيل حكومة جديدة بما يسمح بتنفيذ قراراته الاخيرة في شأن توحيد القيادة السياسية في البلاد. في غضون ذلك احرز مفاوضون من الحكومة وفصائل معارضة تقدماً في محادثات تهدف الى تحقيق المصالحة. وعلمت "الحياة" أن عقبات لا تزال تقف في وجه الاتفاق خصوصاً مسألة مدة رئاسة البشير وتشكيل حكومة قومية أو إنتقالية. في الدوحة "الحياة" أكد الامين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الدكتور حسن الترابي أن "قرارات الرئيس لن تؤثر في مسيرة المشروع الاسلامي في السودان". وقال إن "الازمة الاخيرة مع البشير مهدت ، على عكس ما يتوقع الجيران، لإتساع كفة الحريات". تفاصيل ص 5 وقال البشير في خطاب ألقاه مساء أمس في ساحة القصر الجمهوري في ذكرى استقلال السودان الرابعة والاربعين، التي تحل اليوم، إنه قبل استقالة أعضاء الحكومة وشاغلي المناصب الدستورية لاعطائه المجال لإعادة هيكلة الدولة بموجب قراراته الاخيرة التي حد فيها من نفوذ الامين العام ل"المؤتمر الوطني" الحاكم الدكتور الترابي. ووصف البشير قراراته بأنها "أحدثت تحولات كبرى في الداخل والخارج". وكلف البشير وزراءه الاستمرار في تسيير شؤون الحكم لمنحه وقتاً لتشكيل الوزارة الجديدة، لكنه لم يلزم نفسه بموعد محدد. وأعلن البشير ايضاً إلغاء "قانون التوالي السياسي" المثير للجدل، الذي سجلت على اساسه الاحزاب القائمة حالياً وفتح الطريق أمام تسريع خطوات المصالحة. ووعد باستبدال "التوالي" ب "قانون التنظيمات السياسية" بعد التشاور مع الفعاليات السياسية. وشكل الغاء "قانون التوالي" أحد مطالب المعارضة. وأكد البشير التزام حكومته التفاوض مع المعارضة على مساري مبادرة "إيغاد" والمبادرة المصرية - الليبية وحضور جولات المفاوضات الافريقية والمشاركة في مؤتمر الحوار الجامع. على صعيد آخر، علمت "الحياة" أن مفاوضات تجريها الحكومة السودانية سراً مع قياديين معارضين في شأن تحقيق مصالحة وطنية قطعت أخيراً شوطاً بعيداً، وأنها توقفت عند فكرة تشكيل حكومة انتقالية وتحديد مدة رئاسة الرئيس عمر البشير. ويتمسك الجانب الحكومي بأن البشير سيبقى لإكمال مدة ولايته الحالية في نيسان أبريل 2001 وأنه مرشح الحزب الحاكم لدورة ثانية تمتد خمس سنوات اخرى. وافادت مصادر مطلعة على سير المفاوضات التي عقدت في عاصمتين عربية واوروبية أن الجانب الحكومي متمسك بالمدة الكاملة ست سنوات، لكنه لا يمانع من تشكيل الحكومة الموسعة التي تضم العناصر التي توافق على الدخول في "جبهة وطنية عريضة". غير أن المصادر ذاتها أكدت أن عناصر عدة في الحل السياسي بات متفقاً عليها ومنها قضية النظام الرئاسي والحكم الاتحادي وعلاقات السودان الخارجية واقرار إجراءات تهيئة المناخ للمصالحة مع المعارضة. وأشارت المصادر الى ارتياح في اوساط المفاوضين المعارضين لاعلانات متكررة من الحكم السوداني عن عزمه على المضي قدماً في مسيرة الوفاق والحل السياسي وعقد المؤتمر الجامع في مصر او ليبيا أو السودان. وتحدثت خصوصاً عن نتائج ايجابية لخطوات الحكم ومنها السماح للاتحاديين بإقامة احتفال كبير في ذكرى الاستقلال امام منزل الزعيم اسماعيل الازهري واعلان حزبي الامة والاتحادي عزمهما على عقد مؤتمريهما العامين داخل السودان.