قال رسول الله ص: "اذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول الى النار". قلنا: "هذا شأن القاتل يا رسول الله. فما بال المقتول؟" قال: "لأنه كان أحرص على قتل صاحبه". هذا المنطق النبوي يفترض وقوف الطرفين على جانب واحد من الحق، وتساويهما في الاحقية. وعدم قدرتهما على تجاوز الخلاف، وبالتالي الوقوع في الفتنة المرفوضة. ووضاح شرارة "الحياة" 10/3 يطبق على الصراع العربي - الاسرائيلي الفتوى ذاتها، اعتماداً - حتى لو لم يشأ الاعتراف - على تساوي الاحقية بيننا وبين اليهود ولنقل الصهيونية لكي لا يزعل. وبالتالي فإنه يرى تعبير "صراع الوجود" - المستمد حسب رأيه من موقف الحزب السوري القومي الاجتماعي وحده، وملغياً امكانية واحقية تبني موقف كهذا من دون الانطلاق من موقف حزبي - على انه يعني: اما ان نفنيهم او يفنونا. وما جرى هو، ببساطة لا تستدعي ان يحرّ احد دمه من اجله، انهم سبقونا الى الافناء، وحموا انفسهم منا طبعاً. وما تم تجاهل حقيقة معنى العبارة في اقتطاع مزاجي لكي تزبط الامور مع استنتاجاته وتقييماته. ولعل اكثر منحاز للدعاية الصهيونية لم يخطر له ان عبارة كهذه، او اي موقف مشابه، يمكن ان تنطلق من الرغبة في افناء اليهود. بينما كان من الممكن تجنب هذه الانتقائية التصنيفية المتعالية بردها الى مفهوم "صراع الوجود "على هذه الارض بالذات". وهذا يعني انه صراع على الحق في الارض. وهو لا يقبل باقتسامها. بالمناسبة هناك الكثير من الصهيانة يتبنى هذا الموقف دون ان يحشرهم احد في "خانة اليك" ويعتبرهم متطرفين او داروينيين او… لا اعرف ماذا. بعد توضيح ذلك اصل معه الى موقفي غير المتسامح مع نهر الدم العربي المستمر في تدفقه طوال قرن كامل، والذي يتجاوز فعلاً مسألة الاحقية في الارض، ولا يكتفي بالمطالبة باستعادتها. ولعل الانتباه الى مسألة الحق في المسألة الحق في الوجود على هذه الارض كان سيجنبنا المزيد من النقاش البيزنطي. وكان من الممكن ان نهتدي كمثقفين - اذا سمح لنا السيد شرارة بالانحشار بينهم - الى مأسوية هذا الصراع بحيث نستطيع ان نستمر في الظهور كمثقفين موضوعيين باردي الاعصاب. فاليهود يرون ان لهم وحدهم الحق في هذه الارض. ونحن نرى ذلك من حقنا وحدنا، على الرغم من التراجعات التي قام بها التفكير العربي المنهزم. وهنا مأسوية الصراع الذي تدور رحاه في منطقتنا: مأسوية تنطبق عليها وصفة هيغل: "تتبع المأساة - التراجيديا لكي يفهم علينا المتأجنبون - من صراع طرفين يرى كل منهما انه صاحب حق". لكن السيد شرارة بدل ان يفعل ذلك فإنه يقوم، وبحياد مخبري بارد، بتقرير مشروعية مريبة حتى الانحياز، وبراحة ضمير. اذ يرى ان رغبتنا في التخلص من العدو الغازي لبلادنا تتعادل مع رغبته في تنظيف الارض منا لكي تخلو له. هذا يعني ان الهنود الحمر كان يجب ان يُذبحوا عن بكرة ابيهم وبعدالة شرورية لأنهم أرادوا التخلص من الابيض الغازي. وهذا يعني ايضاً ان الابيض المستعمر والسارق للأفارقة، لكي يشحنهم في السفن، ويبيع من يصل منهم سالماً، رقيقاً في المزارع الاميركية "البيضاء"، يتعادل مع الافريقي الذي كان يقاوم استرقاقه وبيعه. وبداية - ان كان يصلح ان اقول ان البداية هي هنا - اريد ان اعترف انني لم افهم الكثير من مقالة السيد وضاح شرارة مما يجعل من المشروع ان نتساءل حول صلاحية التفلسف للسياسة. وبما يزيد عن صلاحية الشعر لها. ولكنني احسست انه بأستذية، لا أملك إلا ان احسده على الطمأنينة التي تتكئ عليها، راح يزج بي وسط معمعة من الاضداد والمضادات، لم افهم ايها لي، وأيها لعدوي، وبالتالي لم افهم ايضاً السلبي الذي ينتقدني عليه، ايها الايجابي الذي قد يمتدحني عليه. ولكنني عرفت، بما مكنني منه ذكائي، انه يردّ عليّ ويستنكر الحاحي على الدم والهوية والقومية. ويستذكر انني آخذ من هذا وذاك من المرجعيات الثقافية التي يعرفها ويمنّ عليّ بذكرها، ثم يحيلني احالات سياسية بعثية وقومية اجتماعية واسلامية ثم مكيافيلية وداروينية وفيلمبرية، وما الى ذلك… حتى لم اعد افهم قرعة ابي من اين. والله يا جماعة لن يعيب عليكم احد ان تكتبوا ما نستطيع فهمه والتعامل معه. انظروا ما احلى شعر محمد الماغوط. اقصد ان عدم التفهيم - الذي هو الاسم الحقيقي لما قال النقاد انه "غموض" او "إبهام" - لانعدام الرغبة في التفهيم، او انعدام القدرة عليه، قد انتهت موضته حتى في الشعر. وبعدها يستبصر انتمائي الى كربلاء ومدينة السد - التي اكتشفها شرارة فيّ، ثم، بعده طبعاً، اكتشفها الاسكندر المكدوني على الارض - ومن "لا شغل لهم الا البكاء والحزن على موتاهم وقتلاهم" وسأورد بعد قليل نموذجاً من كتابته التي لم افهمها. ويبدو انه لكي يتمكن من هذه الحيادية المخبرية يتعمد ان يصل الى نتائج في كتابتي من غير مقدمات موجودة فيها سنحيل هذا الى سوء القراءة بعد سوء الكتابة. فهل قلتُ، فعلاً، اننا يجب ان نطلّق السياسية ونتبرأ منها؟ لا اظن. قلت ان السياسي يشتغل غير شغلنا، ويتعامل مع الواقع ومعطياته. بينما نحن نتشبث بالذاكرة الجمعية لانها ضابط الايقاع لعمل السياسي. فنعرف ببساطة بماذا فرّط، وعن ماذا اضطر، او اختار، ان يتنازل، وبالتالي فنحن نستطيع ان نحمل بقية مطالبنا ومعرفتنا بحقوقنا الضائعة والمهدورة، والتي يجب ان لا تُنسى، مهما كانت الظروف غير ملائمة لها الآن، الى زمن آخر. وليكن الى جيل آخر ايضاً. واذا كان هناك من سيسخر من امكانية توريث كهذه فلنذكّره ان اليهود قد حلموا طويلاً ولأجيال متعاقبة، ومتوارثة، بمشروع كان يبدو اكثر من مستحيل. فاسمحوا لنا بالحق في الحلم فقط. وليفعل السياسيون ما يستطيعونه الآن. ثم ينتقل نقلة عجيبة حين يتنازل بالتطلع الى مقالي، ليرى توصيفي لبعض سمات الاضطهاد الاعلامي - وغير الاعلامي - الذي نتعرض له، ليقول: "فلا تخلص المقالة - يقصد مقالتي - من وصفها تسلط المسؤولين وانحراف السياسيين الى وجوب مقاومتهم والى الحق في مقاومتهم ومعارضتهم على نحو ما ذهب اليه الفكر السياسي والحقوقي الاوروبي في القرن السابع عشر وتذهب اليه المواثيق الدولية المتحدرة". ولا ادري من اين خرج بنتيجة نفيي للحق في الاعتراض والمعارضة والمقاومة للمسؤولين والسياسيين المتسلطين والمنحرفين، ولا لماذا يحتاج الى زجّ هذه المرجعية الاوروبية والقرنية السابعة عشرية، فلو انه قرأ مقالتي جيداً، او قرأ اعداداً متتالية من "الحياة" بعدها، والتي جاء فيها انني، ومنذ سنوات، كنت ممنوعاً من الكتابة آخر اشارة الى هذا الامر كانت في تذييل مقاله ذاته لعرف طبعاً انني كنت مُعاقَباً بوصفي كاتباً، وليس لأنني سائق شاحنة تجاوز شارة المرور، او لأنه قد ضطبت معه مهربات، ولا اعتقد ان شرارة بريء او ساذج الى حد الظن بأنني كنت ممنوعاً من الكتابة لانني اخطئ في الاملاء، او لأنني اكره اسرائيل. وبعد ان أعفيه من عناء قراءة اشعاري ومسرحياتي ومقالاتي، اظن انه يعرف، دون هذا العناء، ان الكاتب يُمنع من الكتابة عقوبة له على رأيه الذي يعلنه، ولاعتراضه على ما يجري في بلده، وليس على ما يجري في القطب او في كواليس الاممالمتحدة. واذا كان المثقفون السوريون، الذين احشر نفسي بينهم، لم يكونوا يبدون آراءهم في عملية السلام، كما اكد السيد دجاني، فهل يستطيع السيد شرارة ان يخمن سبب معاقبة كاتب بالمنع من الكتابة لعدة سنوات؟ يبدو انه محكوم علينا، مؤبداً ومسبقاً، من قبل اساتذتنا. فهذا يتهمنا بالصمت عن عملية السلام ويفسّر صمتنا قبولاً. والآخر يتهمنا بالصمت عن اجحاف الحكّام ويصنّف صمتنا جهلاً بالاضطهاد او جبناً متحاشياً الاحتكاك به. واريد ان اخلص الى القول، بوضوح مرة اخرى، انني لا ادعو فقط الى مقاومة الحاكم العربي المستبد، والى التشكيك بمن يفرّطون بالقضية والانسان، والى مشروعية هذه المقاومة، والحق الطبيعي للانسان فيها، بل كنت امارس ذلك دون ان اعرف، كما تفضّل السيد شرارة بإعلامي، ان الامر يمتد الى "الفكر السياسي والحقوقي الاوروبي في القرن السابع عشر وتذهب اليه المواثيق الدولية المتحدرة منه". كنت امارس ذلك وادعو اليه لانني اراه، اولاً، ممتداً الى جذور انسانية الانسان، ومستمداً من رغبتي في الحياة، انا وشعبي، حياة حرة كريمة. وزيادة على ذلك اريد ان اقول ايضاً ان الحاكم العربي، وطوال فترة صراعنا مع عدونا، كان يخدم عدونا، بشكل مباشر او غير مباشر، وبحسن نية، او سوئها، اكثر مما يخدمنا. وهو الذي تسبب في ايصالنا الى هذه الحالة من التردي والانهزام ويكفي ان تقرأ ما كتبه هيكل مؤخراً عن الحكام العرب. وانا لم اغفل ذكر ذلك في مقالتي تواضعاً او خوفاً. فلكل مقام مقال، كما يعرف اي كاتب. والمقام، في مقالتي، كان الرد على تفسير السيد دجاني لصمت المثقفين السوريين عن التحدث حول عملية السلام بأنه صمت القابلين. وقد حاولت ان اوضح ان الامر ليس كذلك. وبالتالي لم تكن هناك ضرورة - في ذلك المقال ذاته - للتحدث حول الانظمة العربية ووجوب مقاومتها، ام الخضوع لها، باكثر من ايضاح ان هذ الانظمة لا تتيح لمواطنها الفرصة، ولا المنبر، لاعلان الرأي، الامر الذي ارجو ان اكون قد قلته بوضوح تام في حينه. يا رجل! اقول لك ان هناك رجلاً أذلني يوم امس. وقصف قريتي قبل شهر، وقتل اولادي واهلي قبل اسبوع سأسامحك بتاريخنا كله. فتحيلني الى الاسكندر المكدوني وكربلاء وعقدة البكاء على الماضي. الا يحق لي ان اصطادك - بالطريقة التي حاولت ان تصطادني بها، حين زعمت انني اتحدث عن العدو، ولا اتحدث عن السلطة، - واقول لك: لمَ لا تدين ذلك اليهودي الذي يقتل، وتدينني انا لأنك ترى انني لم أبد الشجاعة الكافية في الحديث عن السلطات. ثم تدينني انا الذي اتحدث عن قصف العدو يوم امس على لبنان، او اعتقاله لشباب الجولان، او تدميره للقدس من اجل تهويدها، وتحيلني الى داروين وكربلاء والاسكندر المكدوني والامراض النفسية، ولا تدين ذلك الذي يتحدث عن حق عمره ثلاثة آلاف سنة. هل احلامه او تصرفاته مبررة واحلامي انا وحدي مَرَضية؟ وهل نجاحه في تحقيق قسم كبير من حلمه يدين علاقتي بحلمي المهزوم؟ ماذا ستفعل بي اذن اذا اعترفت انني ما ازال مؤمناً بحق الهنود الحمر؟ وما زلت ادين بشدة عمليات اختطاف السود والأفارقة بالملايين من قارتهم لبيع من يصل منهم سالماً رقيقاً للمزارع الاميركية؟ يبدو لي انه لا بد من استفزازك اكثر من ذلك: تصور تلك الصالة الانيقة التي يلعب فيها الرجال لعبة البريدج، والنساء يطرّزن المنمنمات، وصبية جميلة، ترتدي السواريه الذي يبرز نصف نهديها، ستعزف لبيتهوفن على البيانو، وجنتلمان يشعل سيجاره الفاخر، في قاعة جميلة الديكور، وجزء من ديكور تلك القاعات فوق رؤوس الهنود الحمر! تصور اكثر من ذلك ان هندياً احمر، او اسمر مثلي، يرفض ان يسهر في ذلك الصالون، ويرفض ان يستمع الى بيتهوفن. وربما حاول افساد تلك السهرة الحضارية الناعمة بمتفجرة. كم هو متخلف ودارويني ونوّاح على الماضي و… ماذا قلت عني غير ذلك؟. وهنا لا بأس من التنويه بهذه النظرة المتعالية الموروثة من الغرب قطعاً والتي تنفي امكانية قيام معارضة للاضطهاد والقمع، او وجود مشروعية انسانية في التحدث عن الحق، او وجود كاتب حر متمرد، في اي بلد غير البلدان الاوروبية، او الذي تتبناه هذه البلدان، وحتى المقاومة - الشبيهة "أخلق منطق" بمقاومة الفرنسيين للاحتلال النازي - يكون اسمها ارهاباً ان كانت من العالم الثالث. أما حين تكون من منطقة اوروبية ضد سلطة اوروبية يصبح اسمها محيراً. هل سمع اي منكم تسمية فعلية للمقاومة الايرلندية؟ هي على الاقل ليست ارهابية في التسمية الاوروبية، كما هي المقاومة العربية والفلسطينية واللبنانية والجولانية للاحتلال الاسرائيلي. وكذلك ليست هناك معارضة للسلطات، يمكن الاعتراف بها، في العالم الثالث، الا اذا كانت تصبّ في المصلحة الغربية. وليس هناك ظلم اواضطهاد وقمع وتطاول على حقوق الانسان، الا عند الانظمة التي تعادي الغرب الظريف. والمؤسف ان هذه التسميات الغربية الاستعمارية العنصرية يتم تبنيها من قبل بعض المثقفين العرب عند التحدث عن مشاكلهم وبلدانهم لكي تتواءم مع "بوزاتهم وتفنيصاتهم الحضارية". فالمرأة في ايران مضطهدة لأنها تجبر على لبس الشادور. ويتم التشنيع على الحكومة الايرانية بأنها ضد حقوق الانسان والحريات الديموقراطية. لكن احداً منا لم يقرأ كلمة واحدة عن اضطهاد نساء اخريات. فهل الحرية في كل مكان احسن منها في ايران فعلاً؟ فسّر لي - داروينياً اذا سمحت - كيف يتم التركيز على ايران وحالتها الاجتماعية، بينما يتم تجاهل وضع المرأة في عشرات المجتمعات التي لم تسمح حتى الآن بفتح دور للسينما فيها، او بالمشاركة في انتخابات بلدها. وحتى ارهابية شامير - حسب التسمية البريطانية السابقة - تصبح نضالاً مشروعاً ل "الاستقلال" بينما يصبح كل عمل مقاوم من قبلنا ارهابا وعناداً غبياً وخلخلة للاستقرار في المنطقة وتشبثاً مَرَضياً بالماضي. ذات يوم شاهدت تجرية سينمائية لمخرجة انكليزية عرضت في لندن حول المرأة في غزة. واذا باضطهاد المرأة الاساسي نابع من الاسلام ومن "حماس" بالتحديد. وصدف ان جاءت المخرجة لعرض هذا الفيلم نفسه في عرض خاص في دمشق. ودعيت اليه. وبعد العرض فُتح باب الحوار. وكان رأيي ان وضع المرأة في غزة لا يختلف عن وضع المرأة في المجتمعات الاسلامية التقليدية في اي مكان. اي انه شبيه بوضع المرأة في المجتمعات التقليدية في دمشق او بغداد او الرياض او بنغلادش. فما معنى التركيز على اضطهاد المرأة في غزة، ومن قبل حماس بالذات؟ ثم ان الفيلم لم يوحِ بأن لدى المرأة في غزة اية مشكلة متعلقة بالاحتلال. مشكلتها الوحيدة هي مع حماس المتخلفة التي تخنق حرية المرأة في الزواج او لبس الحجاب. أتعرف ماذا جرى بعدها؟ عقدت ندوة اخرى لمناقشة الفيلم فقرر المعنيون استبعادي عن الندوة لأنني قليل الادب، لا أعرف كيف اتعامل مع الفنانين الحضاريين الذين يتفضّلون علينا بجلب افلامهم الينا. أريد ان اقول بوضوح للسيد شرارة وغيره اننا ضد المشروع الصهيوني من الفه الى يائه، وقد فعلنا ما استطعنا ضده، ولم ننجح. لكن هذا لا يلغي مشروعية محاولتنا، ومشروعية رغبتنا في الاستمرار في الرفض، حتى لو كان نصرهم ساحقاً على مشروعنا القومي والوطني. ونحن، ايضاً، ضد الاستبداد العربي "من طقطق الى السلام عليكم". وقد فعلنا ما وسعنا ايضاً لاثبات عدم رضوخنا، ولسرقة ما نستطيعه من هواء الحرية للعيش والتعبير، ولم ننجح كثيراً ايضاً. ولكن يحق لنا الآن ان نطرح التساؤل غير البريء التالي: هل الاعتراض على الحاكم تبرير للمحكوم ان يتناسى عداءه ويتعامل مع عدوه كمن يبول في ثيابه لكي يتحدى الطهارة؟ وكنموذج لما قاله السيد شرارة ولم افهم صياغته العربية جيداً، وفي حدود فهمي للغة العربية، سأورد عبارة وردت في مقاله، مع التنويه الى ان ما بين معترضتين هو تدخل مباشر مني في العبارة، ومع انني لم افهم العبارة جيداً، كما هو الحال مع مقاله كله الا انني احدس بما يريد ان يوحي به حين يقول: "والأرجح ان الجواب عن السؤال، على خلاف السؤال يمتنع. ولا يمتنع الجواب لنقص في شجاعة الشاعر "الشعرية" - كلمة الشعرية هذه بين قوسين من عنده طبعاً - على ما يقول اي على ما اقول انا عن نفسي. فهو لا يقولها لأنه لا يأخذها على مسؤوليته لكي لا يتورط في منحي براءة شجاعة مثلما تنصل عن مغبة الاعتراف بشعريتي حين وضعها بين قوسين - فهذا ما لا ازعم علماً به. ولكنه يمتنع او أزعم امتناعه، قياساً على مقالة الكاتب السوري واحكامها ونسيجها". انتهت العبارة. ارجو من القارئ ان يحذف تدخلاتي التي بين معترضتين وان يساعدني على فهمها. وعبارته دون تدخل مني هي: "والارجح ان الجواب على السؤال، على خلاف السؤال يمتنع، ولا يمتنع الجواب لنقص في شجاعة الشاعر "الشعرية" على ما يقول فهذا ما لا ازعم علماً به. ولكنه يمتنع، او ازعم امتناعه، قياساً على مقالة الكاتب السوري واحكامها ونسيجها". بصلاة محمد يا جماعة الخير، هل هذه لغة عربية فعلاً؟ فمن الواضح ان شرارة يريد ان يوحي انه لم يقرأني ربما لأنني لا استحق القراءة. ولكن اذا كنا لا نستحق ان نُقرأ، او ان يسمى عملنا معارضة او احتجاجاً او عدم قبول او مقاومة، فإننا على الاقل، لا نستحق ان نُدان. غير اننا، وهذا ما اريد أن اقوله للسيد شرارة وغيره من المتعالين علينا، كنا دائماً نفعل، ونكتب، ما يمليه علينا الواجب وقدرتنا، وحسب ظروفنا هنا في اوطاننا، وليس بالمراسلة ودون انتظار ان يوزع علينا شرارة او غيره شهادات حسن الأداء الشعري او السياسي: و… إنا نجاهد كي يرضى الجهاد بنا/ ولا نجاهد كي يرضى بنا او يصنّفنا… السيد وضاح شرارة أو غيره. * شاعر وكاتب سوري.