طوكيو - رويترز - تشهد اليابان التي تندر فيها التحولات السياسية الجذرية، تغيراً اساسياً يجري الآن في هدوء في الاستراتيجية التجارية للبلاد. فاليابان التي تؤيد وتنادي بالتحرير التجاري متعدد الاطراف تعكف الان على مناقشة موقف جديد يجمع بين دعم منظمة التجارة الدولية وبين عدد من الاتفاقات الثنائية للتجارة الحرة. ومن المتوقع ان تكتمل في الأشهر المقبلة دراسات الجدوى الخاصة باتفاقات من هذا القبيل مع سنغافورة وكوريا والمكسيك. وقال المسؤولون ان السياسة الجديدة لا صلة لها بفشل محادثات سياتل التي عقدت في كانون الاول ديسمبر الماضي وكانت ترمي الى بدء جولة جديدة من محادثات التجارة العالمية، إذ اتخذ قرار دراسة اتفاقات التجارة الحرة قبل ذلك بكثير. وعلى رغم ذلك ذلك يأمل المسؤولون ان تحافظ هذه المبادرة على القوة الدافعة للتحرير التجاري سواء على المستوى الاقليمي ام على النطاق العالمي. وقال نابورو هاتاكياما رئيس منظمة التجارة الخارجية اليابانية: "موقف الحكومة اليابانية من اتفاقات التجارة الحرة تغير على الاقل فيما يتعلق بدراسة امكان عقد مثل هذه الاتفاقات مع دول اخرى". واضاف في كلمة القاها في طوكيو الاسبوع الماضي: "امل شخصياً ان تطرح الحكومة اليابانية - لا ان تدرس فقط بل ان تطرح - اتفاقاً حقيقيا ً للتجارة الحرة يناسب العولمة الجديدة التي يشهدها العالم من البدايات الاولى للقرن الحادي والعشرين". وينعكس التزام اليابان بالجهود متعددة الاطراف في انها واحدة من اربع دول فقط بين الدول الثلاثين صاحبة اكبر الاقتصادات في العالم التي لا ترتبط باتفاق ما للتجارة الحرة. والدول الثلاث الاخرى هي الصين وتايوان وكوريا. لكن المسؤولين شددوا على ان التوجه الجديد ذا المسارين يهدف الى تعزيز منظمة التجارة الدولية لا اضعاف دورها. ويتفق شون كوسوجي المحلل التجاري في المعهد الياباني للشؤون الاجتماعية والاقتصادية مع ذلك قائلاً: "اليابان ترى ان منظمة التجارة الدولية والنظام التجاري متعدد الاطراف هما اولويتها الاولى وان اتفاقات التجارة الحرة وسيلة لتكملة ذلك". ويشعر صناع السياسة الخارجية بالارتياح على ما يبدو لميل اليابان للاتجاه نحو التكامل الاقليمي. ففي النهاية هناك بالفعل 198 اتفاقاً للتجارة الحرة واتحاداً جمركياً في العالم. وقال المفوض التجاري للاتحاد الاوروبي باسكال لامي في مؤتمر ياباني - أوروبي عقد اخيراً: "اعتقد اننا نتحول الان الى نظام تجاري عالمي اقرب الى نظام دولي للحكم وفي هذا المقام يكون لقدرة التحرير التجاري الاقليمي على معالجة مشاكل اختلاف القواعد والثقافات والانظمة اهمية كبيرة". غير ان صياغة تفاصيل اي اتفاق للتجارة الحرة قد تنطوي على صعوبات كبيرة. والاتفاق الاقرب للتحقق هو الاتفاق مع سنغافورة، وقد عقدت مجموعة عمل مشتركة اجتماعها الاول اخيراً وحددت تشرين الاول نوفمبر المقبل موعداً مستهدفاً لاستكمال دراستها. وقال وزير تجارة سنغافورة جورج يو إن الهدف هو الوصول الى اتفاق للتجارة الحرة مع اليابان يفتح "عصراً جديداً" ويركز على القطاعات الخدمية ذات النمو المرتفع مثل الاتصالات والخدمات المالية والمعلومات. وفي تباين مع ذلك يتوقع ان يستغرق الوصول الى اتفاق للتجارة الحرة مع كوريا وقتا ًطويلاً للغاية. وقال هاتاكياما إن الانتعاش السريع لكوريا وانتخاباتها البرلمانية المقبلة "حدت من القوة الدافعة للاقتراح". لكن دبلوماسيين يقولون ان السبب الأهم هو ان سيول اجرت حساباتها ووجدت انها ستخسر من عقد مثل هذا الاتفاق. وأقر مسؤول كوري ان "هناك اختلالاً في الميزان التجاري يضيف الى حساسية الموضوع". وتأمل منظمة التجارة الخارجية اليابانية التي تقود الدراسة المتعلقة بالاتفاق مع كوريا ان تعلن نتائج دراستها بحلول الصيف. اما تقريرها فيما يخص المكسيك فيقول هاتاكياما انه سيكون جاهزاً في اوائل نيسان ابريل المقبل. ويعتقد الخبراء انه حتى لو اختارت اليابان الا تدخل في اتفاقات للتجارة الحرة فان الاتجاه نحو وضع ترتيبات تجارية ثنائية واقليمية في آسيا سيستمر. فعلى سبيل المثال اتفقت منطقة التجارة الحرة الآسيوية التي انشأتها الدول العشر الاعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا مع ممثلين لاستراليا ونيوزيلندا في اجتماع عقد في جاكرتا الشهر الماضي على العمل على الوصول الى منطقة للتجارة الحرة تلغى فيها الرسوم الجمركية تماماً بحلول سنة 2010. وقال مؤيدو العلاقات الاقليمية الاوثق ان مثل هذه الخطط محل ترحيب ما دام اعضاء اتفاقات التجارة الحرة يتركون الباب مفتوحاً لانضمام دول اخرى ولا يمارسون التفرقة ضد الدول غير الاعضاء.