لن ينفذ فجر غد حكم الاعدام، وهو الأول من نوعه في عهد رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود في حق المجند فادي احمد مرعش ومحمد محمود الحسين، ارتكبا جريمتي قتل بعدما أثار مرسوم اعدامهما ضجة سببها رفض رئيس الحكومة سليم الحص توقيعه على قرار بإعدام أحد وتوقيع نائبه وزير الداخلية ميشال المر على المرسوم Lما اعتبر مخالفة دستورية. وكان نبأ عدم توقيع الحص على المرسوم وتوقيع المر عليه انتشر ليل أول من أمس عندما بادر رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الى الاتصال برئيس المجلس النيابي نبيه بري وبالمر ووزير العدل جوزيف شاول وطلب من الأمين العام لمجلس الوزراء السابق هشام الشعار بعد استيضاحه أن يلفت نظر الحص الى وجود مخالفة قد يترتب عليها الطعن أمام مجلس الشورى. واتصل الحريري بالوزير السابق الدكتور حسن الرفاعي للاستشارة فرد بأنها "هرطقة" ومخالفة واضحة. فتمنى الحريري عليه نقل الأمر الى الحص. وتلقى الحص اتصالات من بعض القانونيين يوضحون له عدم جواز توقيع نائب رئيس الحكومة على المرسوم دستورياً. في حين نقل شاول الى الرئيس لحود ما أبلغه اياه الحريري. واعتبر بعض الأوساط السياسية انه كان على الحص ألا يقبل بتوقيع المر عنه على رغم أن حجة الأول انسانية كون لديه موقف مبدئي برفض التوقيع على أي حكم بالاعدام. وذكّرت هذه الأوساط ان الحص نفسه كان قال ان نائب رئيس الحكومة هو منصب أُعطي لأسباب ادارية في ظل غياب رئيس الحكومة الأصيل، ولأن الدستور لا ينص عليه فإن نائب رئيس الحكومة ينوب عنه كوزير في الحكومة وليس كرئيس لمجلس الوزراء المناطة به السلطة الاجرائية. وكان المر وقع على المرسوم فيما كان الحص في زيارة رسمية الى الفاتيكان. وبعد شيوع النبأ، أصدر الحص بياناً رد فيه على ما أسماه "التعليقات التي صدرت عن امتناعه عن توقيع مرسوم تنفيذ حكم بإعدام شخصين قال فيه: "لا يمكن أن أفعل شيئاً ضد اقتناعاتي المبدئية، انني لا أستطيع أن أتصور نفسي موقعاً على قرار بإعدام أحد، الحياة يهبها الله وحده، والله وحده يستردها. لقد وقّع على المرسوم نائب رئيس الحكومة عندما كنت في زيارة خارج البلاد. ومن يريد أن يُحمِّل هذه المسألة أكثر مما تحتمل فهذا شأنه. ولن يثنيني عن مبدأ اعتنقته وهو رفض التوقيع على قرار بإعدام أحد، خصوصاً أن هناك مجرمين من الوزن الثقيل جداً، بعضهم خففت احكام اعدامهم الى السجن المؤبد وبعضهم الآخر ظلوا طلقاء وشغلوا أرفع المناصب، وكان قد وقّع غيري على مراسيم تعيينهم. إنني لم أتخلّ عن توقيع أي مرسوم ولن أتخلّى إلا في حال واحدة هي التوقيع على مرسوم بتنفيذ حكم إعدام. فهذا مُناف لاقتناعاتي وطبيعتي وسجيّتي". وصدر بيان عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية جاء فيه: "عملاً بمبدأ دولة المؤسسات وبضرورة الاحتكام الى القانون، طلب رئيس الجمهورية اميل لحود من وزير العدل القاضي جوزيف شاول الايعاز الى الجهات القضائية المختصة التريث في تنفيذ حكمي الاعدام المقررين الاثنين 20 3 2000 وذلك بهدف توضيح التفسيرات القانونية المرتبطة بتوقيع المرسوم". وأدلى الحص في وقت لاحق بتصريح قال فيه: "طلبت وقف العمل بالمرسوم المتعلق بإعدام شخصين بعد أن ثبت خلافاً لما قيل لنا سابقاً أنه في الشكل غير دستوري لعدم اقترانه بتوقيع رئيس مجلس الوزراء". وذكرت مصادر رسمية تعليقاً على ما حصل ان حكم الاعدام صدر عن مؤسسة قانونية وهو بناء للاحتكام الى دولة القانون والمؤسسات. ولن يعدم أي شخص مع احتمال وجود أي ثغرة قانونية في مرسوم الحكم. معتبرة ان معطيات الحص انسانية بحت. من جهته قال القانوني الدكتور الرفاعي ان "على رئيس مجلس الوزراء قبل الامتناع عن توقيع مثل هذا المرسوم أن يغير قانون العقوبات أو أن يستقيل اذا بقي مصرّاً من دون تعديل القانون". وأوضح "ان منصب نائب رئيس مجلس الوزراء مركز عرفي، ولا صفة لأي منصب مسؤول من دون أن يكون منصوصاً عليه في الدستور، وهذا المركز لم يرد فيه أي نص. ويستنتج من ذلك أن من سمي نائباً لرئيس مجلس الوزراء لا صلاحية له بهذه الصفة بتوقيع أي قرار إداري نافذ، وإذا وقّع فيكون المرسوم أو القرار الموقّع بهذه الصفة مرسوماً أو قراراً غير موجود، لصدوره عن سلطة غير صالحة. وهذا الأمر من متعلقات الانتظام العام ومخالف للدستور مخالفة كبيرة". وأضاف "طالما أن المرسوم صدر يجب أن يلغى لأنه غير دستوري وصادر عن سلطة غير صالحة، وعلاجه الوحيد فقط هو الرجوع عنه فوراً وتأجيل عملية الاعدام حتى يصدر المرسوم في صورة دستورية صحيحة". واعتبر القانوني الدكتور ادمون نعيم ان "توقيع نائب رئيس مجلس الوزراء على مرسوم الاعدام مخالفة دستورية". مشيراً الى أن "كل قرارات رئيس الجمهورية يجب أن تقترن بتوقيع رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص في هذا المجال". وأضاف ان "مسألة توقيع نائب رئيس مجلس الوزراء مشكوك في صحتها على اعتبار ان الدستور يحدد رئيس مجلس وزراء واحداً ولا يتكلم عن اختصاصات لنائب رئيس مجلس الوزراء". وقال "في هذا الموضوع يجب تطبيق الدستور لا القوانين العادية التي تتكلم عن نائب رئيس مجلس الوزراء". واعتبر ان "المراسيم يجب أن تنتظر عودة رئيس مجلس الوزراء إلا مراسيم تصريف الأعمال، وهذا المرسوم يجب أن يوقعه الرئيس المعين والحائز على ثقة المجلس". ورأى النائب خليل الهراوي ان "ليست هناك مخالفة دستورية في شأن توقيع نائب رئيس مجلس الوزراء على مرسوم الاعدام"، معتبراً ان "تنفيذه عمل اجرائي، وقد نفذ هذا الحكم في وقت سابق". وقال ان "كل من أراد التلطي وراء شيء ما يقول: ان هناك مخالفة دستورية".