احيا شربل روحانا وعدد من الموسيقيين حفلتين في دبي وأبو ظبي في دولة الامارات العربية المتحدة بدعوة من متخرّجي الجامعة الاميركية بيروت. واحتشد الجمهور في قاعتين لسماع "غناء" عود روحانا. وفي زيارة أولى له في "مدى" الى دولة الامارات، "غنّى" عود شربل روحانا وصدح برقة وحنان وقد أغنى تطويع الفنان آلته الموسيقية جملته حتى اصبح فهمها سهلاً على الجميع، خصوصاً من جمهور الشباب. وفي ذلك تغيير واضح في نوعية المستمعين الى موسيقى روحانا الذي يمثل جزءاً من الشباب الموسيقي الساعي الى التغيير وعدم الالتزام بالحواجز المتراكمة عبر العصور. هكذا اتت موسيقى روحانا تعبيراً عن روح التغيير عند الجميع. ولطالما كان العود منبوذاً لدى فئة الشباب، إلاّ ان التجاوب الذي لقيه "غناء" عود روحانا اثبت ان جيل الشباب اخذ في الإنتقال من زمن التبعية الفنية الى مرحلة تغيير الواقع وخلق جمل موسيقية خاصة بعصره. عن حفلتيه في الامارات، والالتزام الموسيقي والبحث والعود كان هذا الحوار: شربل روحانا في دبي. من هو جمهورك في دولة الامارات العربية المتحدة؟ - اولاً انا هنا بدعوة من نادي متخرّيجي الجامعة الاميركية وقد لاحظت ان عنصر الشباب مسيطر على الحضور، والشباب يشكّلون دعامة اساسية لأي حفل. وفي اول خروج لنا من بيروت في هذا العمل لاحظنا ان الشبان مهتمون بهذا النوع من الفنون، ووجودهم يؤمن لنا الاستمرارية، وأنا عندما اعزف اتوجه اولاً الى نفسي، وثانياً الى الاشخاص الذين يقدّرون ما اقدمه وبالتالي يشجعونني على الاستمرار. لذلك نتوجه الى اولئك الذين يحبون سماع الموسيقى الشرقية ولكن بطريقة متغيّرة مع قليل من التحديث، ربما ليست افضل لكنها طريقة اخرى للتعبير. من الملاحظ ان الشبان عادوا الى سماع العود بعدما عاشوا فترة شبيهة بالمقاطعة. ما هو تفسيرك لهذا الامر؟ - شئنا أم أبينا، فإن الموسيقى الشرقية موجودة في قلوب كل الاشخاص في مجتمعاتنا ولكن الاختلاف يكمن في ماهية ما يقدم وكيف يقدم، وفي اي اطار. اثبتت التجربة ان جمهور الموسيقى التقليدية لم يستطع التواصل معها على مر الاجيال. انا شخصياً انطلقت من جذور الموسيقى الشرقية التي احبها وهي غنية جداً، وأتعامل معها بإحترام لمعرفة كيفية الحصول على العناصر التي تمكنني من التواصل مع الجمهور المتغيّر. * البعض يسمي اعمالكم بالثورة الموسيقية والبعض الآخر بالنقلة النوعية. هل تراعي في موسيقاك الذوق الشبابي ام انك تعبّر عما في داخلك بروح شبابية؟ - الثورة موجودة عند كل الناس، وأعتقد ان كل انسان بطبعه طموح، يطرح على نفسه اسئلة عدة ويحاول ايجاد الأجوبة المناسبة لها. انا من هذا النوع وأحاول تطوير نفسي كل يوم. انا في الموسيقى كما انا، وغيري من الموسيقيين لا يشبهونني. هذا لا يعني انني افضل منهم، بل كل واحد منا لديه اسلوبه الخاص الذي يحبه الناس. لم نفكر بموسيقانا لنواكب ثورة شبابية آنية او لنلحق بالموجة الغربية. تطوير الموسيقى همّ وتفكير يومي، لذلك اؤكد ان كل المقطوعات الموسيقية التي كتبتها او سوف اكتبها ترتبط بقصة معيّنة مؤثرة بتاريخي الشخصي. انا لا اؤلف لغة موسيقية لمجرد التأليف او للفت النظر. اذاً ما هي المعايير التي تخضع لها جملتك الموسيقية؟ - هي مزيج من المعايير الذاتية والمعايير الموروثة. لا تستطيع تمييزها من بعضها الاّ عند الكتابة، وعندها تلاحظ انك أصبح لديك خط عمل خاص وسهولة في التعاطي مع الموضوع الموسيقي وبالوقت نفسه مسؤولية اكبر. لذلك اقول ان المعايير تمزج بين رؤيتي الخاصة للموسيقى وبالتالي كيفية وصولها. من يسمع موسيقى شربل روحانا يميزها عن غيرها ولكن حتى اعمالك يختلف بعضاً عن بعض، كيف تفسر هذا الامر؟ - صحيح، وعلى سبيل المثال، الموسيقى الموضوعة لأعمال كركلا. كركلا يسعى دوماً الى تقديم الاطار وتأتي الموسيقى ضمن هذا الاطار. الموسيقى تأتي مكملة للقصة، ولهذا يتوجب علينا خلق معادلة موسيقية تكمل الكوريغرافيا التي قد تتضمن مقاطع فولكلورية وشعبية قديمة، فنعمل نحن على تطويرها. وقد نجبر بعض الاحيان الى تطوير مقطع من 30 ثانية ووضعه في اطار مناسب ل10 دقائق. هذا بحد ذاته اندماج بالعمل بعيداً عن الكتابة الجامدة. لذلك يمكنني القول ان الكتابة في اعمال كركلا مختلفة كلياً عن تلك في اسطوانة "سلامات" مثلاً. لدي ذاكرة موسيقية جيدة، إذ كنت اتابع الموسيقى منذ الصغر، وأنا اعيش مرحلة الخلط الموسيقي مع ادخال تجربتي الخاصة. بعض القطع الموسيقية موجودة منذ عشرين عاماً، لكنني وضعتها بأسلوبي الخاص مرة اخرى. * هل الوصول الى هذه الجماهير يخضع لحدود معيّنة؟ - عدم وجود اغنية وصوت ومغن يسهم في عدم الانتشار. والاغنية ستبقى الاقرب الى الناس، والذين يعملون في مجال الغناء يتمتعون بشهرة كبيرة. انا بالطبع سأكون مسروراً ان تخطت موسيقاي الحدود التي اتواجد فيها، لكني اطمح أن تكون بمستوى الجملة الموسيقية التي اكتبها.