حضور بسام كوسا في السينما والتلفزيون له في كل مرة، ما يلفت إنتباه المشاهد، ويشدّه، الى متابعة ما يرى، خصوصاً في الشاشة الصغيرة التي بات كوسا أبرز نجومها السوريين وأكثرهم اعتناء باختيار أدواره، والمخرجين الذين يعمل تحت ادارتهم. الاعوام القليلة الماضية، كانت بحق فرصته الاوسع والاكثر جدية سواء في السينما او التلفزيون. فبعد دور لافت في الجزء الاول من مسلسل "خان الحرير"، قام بسام كوسا بدور البطولة الاولى في عملين سينمائيين مهمين: "نسيم الروح" للمخرج عبداللطيف عبدالحميد و"تراب الغرباء" للمخرج سمير ذكرى، فيما ادى للتلفزيون دور البطولة في عمل طويل هو "الفراري"، وقدم من خلاله اداء مقنعاً وإن في إطار عمل تلفزيوني غير مقنع على الاطلاق، ثم عاد وقدم دورين لافتين في رمضان الفائت، "سيرة آل الجلالي" للمخرج هيثم حقي و"الفصول الاربعة" للمخرج حاتم علي. وكوسا احد النجوم الشباب القليلين، الذين لم يمّروا الى قلب المشاهد من خلال ادوار الفتى الاول، وهو وإن قام بادوار الفتى العاشق في بعض الاعمال، الا انه لم يحقق تلك الادوار استناداً الى جاذبية الملامح، او نجومية الاطلالة، تلك النجومية التي كادت ترسخ في اذهاننا ان الحب وقف على نجوم السينما حرام على من عداهم ... بل اعتمد اداؤه لتلك الادوار على فهم عميق لطبيعة الشخصية التي يلعبها، وموقع تلك الشخصية الاجتماعي، فالأهم في أداء بسام كوسا التمثيلي هو امتلاكه للاحساس والشفافية، وقدرته على تقريب الشخصية الدرامية من وعي المشاهد وعواطفه. ودفعه للتعاطف معها بقوة. يمكن ملاحظة ذلك بوضوح اشد، في كل الاعمال السينمائية والتلفزيونية التي ذكرناها، ولكن يمكن ملاحظتها بقوة اكبر في أدائه المتميز لدور البطولة في فيلم المخرج نبيل المالح المهم "كومبارس"، وهو الاداء الذي غلب عليه الاحساس العالي والشفافية العفوية وارتفع الى ذروة أنست المشاهد محدودية الجغرافيا، التي تتحرك فيها احداث الفيلم. الوعي الذي يميز أداء بسام كوسا في السينما والتلفزيون، يبدو مفهوماً ومنطقياً، حين نعرف انه ايضاً فنان تشكيلي، تخرج من كلية الفنون الجميلة بدمشق، وانه ايضاً يكتب القصة القصيرة، وقد اصدر مجموعة قصصية أخيراً. ومعظم الادوار التي لعبها بسام كوسا في السينما والتلفزيون انتمت الى ادوار الخير، الايجابية، ولكنه مع ذلك قدم أخيراً دوراً مهماً في "سيرة آل الجلالي" على النقيض من ذلك تماماً: دور التاجر الخبيث، الحسود، والمسكون بالرغبة الدائمة في حياكة الخطط والمؤامرات، والفاسد تماماً على الصعيدين الاخلاقي والاجتماعي. انه دور مختلف تطلب ان يقدم بسام كوسا من خلاله مهارات أدائية مضاعفة اعتمدت في صورة اساس على وعيه لحقيقة الشخصية التي يلعبها حقيقة وعيها وحقيقة الصورة التي يجب ان تبدو من خلالها على الشاشة. والذين تابعوا "سيرة آل الجلالي" خلال شهر رمضان الفائت سوف يتذكرون طويلاً شخصية "زاهي" التي حملت خليطاً متنافراً من الرغبات الداخلية والمظاهر الخارجية الخادعة التي عبّر عنها بسام كوسا بحضور فني جميل. ومن شاهد "سيرة آل الجلالي"، سيتوقف من ثم امام دور مختلف كلياً، لعبه بسام كوسا في "الفصول الاربعة"، مسلسل القصص المستقلة في كل حلقة، حيث قدم شخصية نجيب، الموظف البسيط، الذي يشعر بالغيرة دوماً من عديله الثري، أداء بسام كوسا في "الفصول الاربعة" لشخصية واحدة في حالات وأحداث درامية مختلفة، اقتضى تنويعاً غزيراً قارب التراجيديا مرات، وقارب الكوميديا الخفيفة مرات اخرى، وكان كوسا خلال ذلك كله يمسك بمفاتيح الدور ويشد انتباه المتفرجين. التنوع الذي نلاحظه في ادوار بسام كوسا السينمائية والتلفزيونية، مبعثه الاساس حرصه على انتقاء اعمال ذات موصفات عالية الجدية، خصوصاً تلك الاعمال التي تتناول قضايا اجتماعية وانسانية معاصرة ... وذات صلة حقيقية بحياة الناس. انه احد الفنانين القلائل الذي حافظوا على فنهم بعيداً عن صرعات الموضة، فلم نشاهده يشهر سيفاً او رمحاً في مسلسل من تلك التي حملت اسم "الفانتازيا التاريخية"، على رغم طغيان مسلسلات تلك الموجة في السنوات القليلة الماضية وما تقدمه من اغراء للممثلين بالانتشار والنجومية كونها لقيت عند ظهورها إحتفاليات استثنائية ترافق مثيلها في العادة. ظل بسام كوسا في ادائه التلفزيوني مشدوداً الى ما يمكن اعتباره دراما اجتماعية من حيث المضمون، واخراجاً واقعياً من حيث الشكل الفني، ولهذا ارتبط اسمه باسماء عدد من المخرجين الواقعيين الذين اقتنعوا بعمق، بصحة المقولة المعروفة "لا يصح الا الصحيح" ولم تغرهم احتفاليات النار والدخان التي حفلت بها مسلسلات "الفانتازيا التاريخية".