مع بدايات موجة الإنتاج الدرامي السوري الكثيف قبل عقد ونصف من الزمن، دار سؤال في الأوساط الفنيّة والنقدية: هل باستطاعة الانتشار الدرامي أن يصنع نجومه كما فعلت السينما؟ السؤال انطلق من حقيقة أن ممثلي سورية وصلوا الى الشاشة الصغيرة مباشرة أو من المسرح، ولم يحققوا تجارب سينمائية تمنحهم وهج النجومية وبريقها، كما هو الحال في الدراما المصرية، وارثة التاريخ السينمائي العريق. مع ذلك فالسؤال اليوم يجد إجابات لم تكن متوقعة في تلك الأيام: نعم لقد صنعت الدراما التلفزيونية السورية نجومها الذين بتنا نراهم يكسرون حتى طوق المحلية وإطاراتها وحيّزها المحدود، ويلعبون أدوار البطولة في ساحات درامية عربية أخرى، ومنها المصرية صاحبة التاريخ السينمائي العريق. ماذا نقول مثلاً عن بسام كوسا وجمال سليمان وخالد تاجا؟ صحيح أن السينما هي شاشة النجومية وساحتها الأهم، لكن الصحيح أيضاً أننا نعيش في عصر التلفزيون، ليس بسبب حضوره المتواصل معنا في بيوتنا وحسب، ولكن أساساً بسبب تنوعه وشموليته وتعدّد أماكنه وموضوعاته. الدراما في عالم التلفزيون هي بمعنى ما حضور الحياة ذاتها بأشكال ورؤى فنية تجتذب المشاهد، فتصنع نجومها... خصوصاً من بين أولئك الموهوبين والقادرين على مواصلة العمل الفني وهم يحملون حلم البدايات، فيراكمون أعمالاً جديدة لا تلغي «هوايتهم»، وتجعلهم حاضرين بصور مستمرة في حياة الناس ووعيهم. جاء نجوم الدراما التلفزيونية من الهواية، ومن الأدوار البسيطة والقصيرة، واستطاعوا بمواهبهم – كما بنجاحات الدراما ذاتها – أن يكسروا قاعدة النجومية التقليدية، وأن يحتلّوا أماكنهم التي يستحقونها في حياتنا الفنية والثقافية. وهي مسألة تدفعنا في صورة متجدّدة إلى إعادة النظر في مسلّمات وثوابت تقول الحياة ذاتها أنها كانت ولا تزال نسبية ومتغيرة يوماً بعد يوم. مع ذلك فالنجومية عبر الشاشة الصغيرة بالغة الحساسية إذ تفترض «استنفاراً» دائماً من حامليها. وبكلام آخر إنها تفترض المثابرة على الأسباب ذاتها التي صنعتها، فالتلفزيون في أحد وجوهه الكثيرة «كائن» نهم يستدعي حذر النجم وانتباهه وإخلاصه الدائم.