يبدو أن التفاعلات داخل "جماعة الجهاد" المصرية التي أفضت أخيراً إلى تنحي زعيم التنظيم الدكتور أيمن الظواهري عن موقعه، أدت الى ظهور تيار جديد بين قادة الجماعة يسعى الى وقف العمليات العسكرية والتحول باستراتيجية التنظيم إلى وسائل أخرى. إذ لقي نداء الى وقف العنف وجهه أول من امس القيادي البارز في الجماعة اسامة صديق علي أيوب استجابة سريعة من زملائه في الجماعة. وأعلن عدد من المحكومين في قضايا التنظيم ممن يقضون فترات العقوبة داخل السجون المصرية تأييدهم للنداء. وأطلق أيوب نداءه من ألمانيا التي منحته اللجوء وحيث يعمل خطيباً في مسجد الرحمن في مدينة مندن. وهو فار من تنفيذ حكمين غيابيين صدرا ضده في مصر، الأول من محكمة مدنية بالاشغال الشاقة المؤبدة، والآخر من محكمة عسكرية بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة. وأعلن محامي أيوب في مصر سعد حسب الله أنه تلقى رسائل أمس من خمسة من قادة الجماعة في سجن طرة أيدوا فيها دعوة موكله. وأوضح أن الخمسة هم صلاح السيد بيومي أبو البصير الذي يقضي عقوبة المؤبد في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، ومحمد سمير عبيد السيد المحكوم بالأشغال الشاقة المؤبدة في قضية "طلائع الفتح"، وخالد عبدالفتاح مصطفى المحكوم بالمؤبد في القضية نفسها، وحلمي عبدالعظيم عكاشة، ومحمود عبدالحليم أبو العينين المحكومان بالأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات في القضية ذاتها. وأشار إلى رسالة أخرى حملت توقيع القيادي في تنظيم "حزب الله" المصري ابراهيم محمد عبدالستار أيد فيها باسم تنظيمه الخطوة التي أقدم عليها صديق. وكان الاصولي المصري دعا زملاءه إلى "وقف العمليات العسكرية وتوجيه كل الجهود والطاقات للقضية الكبرى وهي الجهاد من أجل تحرير المسجد الاقصى"، مؤكداً أن تلك القضية "هي التي تشغل بال كل غيور على دينه وأمته ويجب ان تخرج الأمة الاسلامية من حال الفرقة والانقسام". وقال ايوب إن نداءه صدر منه "رغبة في قول الحق وحرصاً على استمرار الدعوة الاسلامية في انحاء الارض". واعتبر مراقبون موقفه الجديد "تحولاً مهماً في استراتيجية قادة التنظيم بعد التفاعلات التي عصفت بالجماعة أخيراً". ومعروف أن الظواهري كان رفض سابقاً الانضمام الى مبادرة سلمية أطلقتها "الجماعة الاسلامية"، لكن يبدو أن الازمة التي يعانيها تنظيمه حالياً ولّدت تياراً جديداً رأى ضرورة التحول من العنف واتباع طرق أخرى لتحقيق أهداف الجماعة. وحصل أيوب في أيلول سبتمبر الماضي على اللجوء السياسي في ألمانيا بعدما جال في دول عدة من بينها افغانستان والسودان واليمن والأردن، وصدر ضده الحكم بالمؤبد في قضية أحداث مدينة بني سويف في 1992 كما صدر ضده الحكم بالأشغال الشاقة لمدة 15 عاماً من المحكمة العسكرية العليا العام الماضي في قضية "العائدون من ألبانيا". وورد اسم صديق ضمن لائحة اصدرتها القاهرة في 1997، ضمت 14 من قادة الأصوليين المقيمين في الخارج اعتبرتهم السلطات المصرية "أخطر الإرهابيين المطلوبين". وعلى رغم أن صديق أكد في بيانه أن النداء "لا يعني التخلي عن فريضة الجهاد الذي هو ماض إلى يوم القيامة"، إلا أنه شدد على أن الجهاد "فُرض أساساً من أجل نشر الدعوة الإسلامية والمحافظة على مقدسات المسلمين". ووصف حسب الله تصرف موكله بأنه "بلورة لفكر سياسي إسلامي جديد"، مشيراً إلى أن المبادرة "تعد الأولى التي تصدر عن أحد قادة الجهاد من المقيمين في الخارج، مما ينفي عن صاحبها شبهة تعرضه لأي ضغوط جعلته يقدم على ذلك التصرف". وأشار حسب الله الى أن صديق "شاور عدداً كبيراً من قادة التنظيم داخل مصر وخارجها قبل أن يوجه نداءه". واعتبر أن الخطوة "تعد مؤازرة لتنظيم "الجماعة الاسلامية" الذي كان بدأ تحولاً سلمياً قبل نحو سنتين". وأعرب عن أمله في أن يصدر قادة مجلس شورى "جماعة الجهاد" قراراً رسمياً بوقف العمليات المسلحة تماماً استجابة لنداء موكله.