تدافعت التطورات المفاجئة في جنوبلبنان أمس، إذ انسحبت القوات الاسرائىلية وقوات "جيش لبنانالجنوبي" الموالية لها من أعلى تلة وأهم نقطة استراتيجية تتمركز فيها في الشريط الحدودي المحتل، هي تلة سجد، فيما لاحقت طائرات هليكوبتر اسرائيلية أحد الكوادر الأمنية في "حزب الله" بينما كان في سيارته في المناطق المحررة البعيدة عن خطوط المواجهة، وذلك رداً على مقتل ثلاثة جنود اسرائيليين والمسؤول في "الجنوبي" عقل هاشم مطلع الاسبوع راجع ص4. وأدى قصف مروحيات اسرائىلية مناطق سكنية في الجنوب، الى إطلاق "حزب الله" تهديدات بالردّ في الوقت المناسب، على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم. لكن الاسرائىليين استبقوا ذلك بدعوة سكان شمال اسرائيل الى النزول الى الملاجىء تحسباً لاحتمالات ردّ "حزب الله" بقصف المستوطنات هناك. وكان اللبنانيونوالجنوبيون استيقظوا امس على أنباء إنسحاب وحدات من الجيش الاسرائىلي وأخرى من "الجنوبي" مع آلياتها من موقع سجد الاستراتيجي المشرف على منطقتي اقليم التفاح والنبطية من الجهة الغربية - الجنوبية، والذي يكشف بفضل علوّه الشاهق 1030 متراً المستوطنات الاسرائىلية من الجهة الجنوبية. وفيما ربط بيان أصدره "الجنوبي" الانسحاب ب"أسباب أمنية"، من أجل التمركز في موقعين آخرين، أفادت الاذاعة الاسرائىلية أن الأسباب "عملانية" وأن الموقعين الجديدين اللذين تمّ التمركز فيهما "أكثر تحصيناً"، وأن لا علاقة بين الانسحاب وهجمات "حزب الله". واعتبرت "المقاومة الاسلامية" الانسحاب نصراً جديداً لها ونتيجة لضرباتها الموجعة. واذ فجّر الاسرائىليون وعناصر "الجنوبي" المنسحبون، تحصينات تلة سجد، سارع مستشار رئيس الوزراء الاسرائىلي داني ياتوم الى التشديد على ضرورة "ألا يفسّر الإنسحاب بأن اسرائيل ستنسحب من الجنوب من دون اتفاق مع سورية ولبنان". لكن رئيس الحكومة اللبنانية وزير الخارجية الدكتور سليم الحص رحّب بأي انسحاب اسرائيلي من لبنان. وشهدت قرى وبلدات جنوبية في اقليم التفاح وغيره مظاهر فرح واحتفال بالانسحاب من تلة سجد. وأطلق الانسحاب تكهنات في بيروت عن أسبابه، ورأت مصادر جنوبية أن إخلاء الاسرائىليين موقع سجد مؤشر الى انسحابها من مواقع اخرى في عرمتى وجبل الريحان، الى منطقة الجرمق - الشقيف، الذي يفترض ان يرافقه انسحاب من موقعي الدبشة والطهرة. وفيما تحدثت معلومات عن ان بقاء القوات الاسرائىلية وميليشيا "الجنوبي" في مواقع مرتفعة مشابهة قبالة موقع سجد الذي أخلته، قد يحول دون ملء الفراغ فيه من جانب "حزب الله" والمقاومة، قال المعاون السياسي للأمين العام للحزب، حسين خليل ل"الحياة" ان المقاومة التي كانت متمركزة على تلال مقابلة لسجد، ستقرر هل تأخذ الموقع أم لا في ضوء الوضع العملاني، ولا يمكن الإجابة عن السؤال الآن. وعن خلفيات الانسحاب الاسرائىلي وأبعاده قال: "قراءتنا منذ أشهر ان الجيش الاسرائىلي يعيد انتشاره في المناطق المحتلة فيخلي بعضها، وسبق للأمين العام السيد حسن نصرالله ان أعلن ذلك في تصريحات علنية، وبرنامج اعادة الانتشار بدأ الجيش الاسرائىلي بتطبيقه منذ نحو أربعة أشهر تقليصاً لوجوده وعدد جنوده تجنباً لضربات المقاومة". وأشار الى تقديرات بأن ينسحب الجيش من بئر كلاب والمنطقة المحيطة و"هناك ايضاً تقديرات بأن العدو قد يقلص وجوده في الشريط الحدودي المحتل، الى حدود دويلة سعد حداد" القائد السابق ل"جيش لبنان الحر"، أي الى حدود الشريط قبل اجتياح اسرائيل لبنان عام 1982. ورأت مصادر لبنانية رسمية ان التكهنات كثيرة لكن الأكيد ان الاسرائىليين ينفذون خطوات جزئية لتخفيف خسائرهم. وقال نائب الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ان "المقاومة الاسلامية صبرت على الاعتداءات الأخيرة لأنها وجدت ان الآلام التي أصيب بها العدو أكبر بكثير من كل تعابيره وهي في الصميم". وحذّر من ان العدو "لا يعلم متى ينفد صبرنا، فقد التزمنا ان ندافع عن أهلنا في القرى ولن نقبل ان يكون المواطنون في خطر والصهاينة في وضع مستقر وراحة".