بدأ الموقف الأوروبي المتشدد المعارض لوصول اليمين المتطرف الى الحكم في النمسا بالتراجع أمس، اذ تُرِك لكل دولة من دول الاتحاد اتخاذ الموقف الذي يناسبها. وبدا واضحاً ان لا قرار اوروبياً بمقاطعة فيينا. وأعلنت واشنطن وأوتاوا انهما لن تقاطعا فيينا، على رغم قلقهما، وانهما ستراقبان الوضع عن كثب. وسلّم زعيم حزب "الحرية" النمسوي يورغ هايدر قائمة بتشكيلة الحكومة المتوقع ان يرأسها وولفغانغ شوسيل، واعترف بمسؤولية النمسا عن الجرائم التي ارتكبت في العهد النازي، فيما قررت اسرائيل عدم السماح له بزيارتها راجع ص7. ودعا البرلمان الأوروبي امس الاتحاد الأوروبي الى الاستعداد لتجميد عضوية أي حكومة نمسوية يشارك فيها حزب هايدر، اذا انتهكت المبادئ الأساسية للاتحاد انتهاكاً "خطيراً ومتواصلاً". وتبنى البرلمان قراراً شدد الضغط على الرئيس النمسوي توماس كليستل كي يرفض تشكيل أي حكومة بزعامة هايدر، لكنه لم يتطرق الى تجميد عضوية فيينا. وتبنى البرلمان القرار بغالبية 406 أصوات مقابل 53 صوتاً معارضاً، وامتناع 60 عضواً عن التصويت. وفي باريس اكد مصدر مطلع ل"الحياة" ان ليست هناك بعد عقوبات أوروبية محددة بحق النمسا، بل اجراءات ستطبقها دول الاتحاد ثنائياً. وأضاف ان مسألة العقوبات تبدو "شبه متعذرة في غياب النصوص القانونية التي يمكن الاستناد اليها" في هذا المجال. وأعلن وزير الخارجية البلجيكي لوي ميشال ان بلاده لا تستبعد استدعاء سفيرها لدى النمسا. وأضاف: "من السهل جداً القول انه يجب الحفاظ على النمسا داخل اوروبا بأي ثمن. اعتقد ان أوروبا تستطيع ان تتصرف من دون النمسا التي لا نحتاج اليها". واعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت ان "من حق شعب النمسا انتخاب من يشاء، ولكن عليه ايضاً مراجعة ماضيه، ومراعاة سمعته الدولية". وتابعت الوزيرة التي توقفت في كرواتيا، في طريق عودتها من موسكو الى واشنطن: "سنراقب الوضع عن كثب، وسنتخذ الخطوات المناسبة". في غضون ذلك حض رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك امس الاتحاد الأوروبي على مواجهة انضمام هايدر الى الحكومة النمسوية. وقال: "علينا تعبئة الرأي العام كي لا تحصل الاحداث التي وقعت قبل 50 سنة مرة اخرى. اما في فيينا فتابع هايدر وشوسيل الاجراءات الدستورية لتشكيل حكومة برئاسة الأخير، وقدم هايدر الى الرئيس كليستل قائمة بأسماء اعضاء الحكومة الائتلافية، ووقع ديباجة البيان الحكومي التي تنص على التزام النمسا القيم الديموقراطية الأوروبية، وتؤكد ان "النمسا تقبل مسؤوليتها عن التاريخ المأسوي للقرن العشرين والجرائم الفظيعة التي ارتكبها النظام القومي - الاشتراكي" النازي.