أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    كوريا الجنوبية تهزم الكويت بثلاثية    تبرعات السعوديين للحملة السعودية لإغاثة غزة تتجاوز 701 مليون ريال    حسابات منتخب السعودية للوصول إلى كأس العالم 2026    القبض على 3 إثيوبيين في نجران لتهريبهم 29,1 كجم "حشيش"    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    الحقيل يلتقي في معرض سيتي سكيب العالمي 2024 وزيرة الإسكان والتخطيط الحضري البحرينية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    وزير الإعلام يلتقي في بكين مديرَ مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 43736 شهيدًا    مركز الاتصال لشركة نجم الأفضل في تجربة العميل السعودية يستقبل أكثر من 3 مليون اتصال سنوياً    «محمد الحبيب العقارية» تدخل موسوعة غينيس بأكبر صبَّةٍ خرسانيةٍ في العالم    المروعي.. رئيسة للاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغا    أمير الرياض يستقبل أمين المنطقة    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    الذهب يتراجع لأدنى مستوى في شهرين مع قوة الدولار والتركيز على البيانات الأمريكية    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    صندوق الاستثمارات العامة يعلن إتمام بيع 100 مليون سهم في «stc»    «هيئة الإحصاء»: معدل التضخم في السعودية يصل إلى 1.9% في أكتوبر 2024    البلدية والإسكان وسبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت    اختتام مؤتمر شبكة الروابط العائلية للهلال الأحمر بالشرق الأدنى والأوسط    وزير الخارجية يصل لباريس للمشاركة في اجتماع تطوير مشروع العلا    "دار وإعمار" و"NHC" توقعان اتفاقية لتطوير مراكز تجارية في ضاحية خزام لتعزيز جودة الحياة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    قرارات «استثنائية» لقمة غير عادية    رينارد: سنقاتل من أجل المولد.. وغياب الدوسري مؤثر    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    رقمنة الثقافة    الوطن    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    أفراح النوب والجش    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أجواء شتوية    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    السيادة الرقمية وحجب حسابات التواصل    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    «الشرقية تبدع» و«إثراء» يستطلعان تحديات عصر الرقمنة    الذاكرة.. وحاسة الشم    وزير الداخلية يرعى الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    تكريم الفائزين بجائزة الأمير سلطان العالمية للمياه في فيينا    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقترحات حول نظام استثمار رأس المال الاجنبي في السعودية . تأسيس سوق أوراق مالية وتسريع عملية التخصيص واعادة النظر في النظام الضريبي
نشر في الحياة يوم 26 - 02 - 2000

على رغم ان جملة التدفقات الاستثمارية الاجنبية المباشرة الى الدول النامية بلغت 166 بليون دولار في 1998، الا ان نسبة الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الدول العربية لم تتجاوز، وفقاً لتقرير الاستثمار في العالم عام 1999 الصادر عن منظمة "اونكتاد" ما نسبته 3.6 في المئة من اجمالي هذه التدفقات. وكما جاء في التقرير المذكور، فإن الدول التي لن تستطيع جذب استثمارات اجنبية مباشرة ستواجه بخطر التهميش، وان النمو غير المسبوق في الاستثمار الاجنبي المباشر أدى الى تسريع التكامل الاقتصادي على المستوى العالمي.
وأدت العولمة وانفتاح الاسواق العالمية الى جعل ايجاد المناخ الاستثماري أو البيئة الاستثمارية التي تعطي الميزة الأفضل لهذا الاستثمار المحك الرئيسي في حركة رأس المال العالمي خصوصاً في ما يتعلق بالاستثمار المباشر.
في ضوء ذلك، وبما ان المملكة جزء من المنظومة الدولية كان عليها ان تسارع الى التكيف مع هذه المستجدات وفي مقدمها تعديل قانون استثمار رأس المال الاجنبي بهدف تشجيع تدفق الاستثمارات الاجنبية اليها خصوصاً ان كثيراً من الدول المجاورة دبي لجأت الى تعديل قوانينها وأنظمتها الاقتصادية والتشريعية والقانونية لتكون مهيأة لاستقطاب هذه الاموال. وتكفي الإشارة الى ان مصر استطاعت بمفردها جذب أكثر من بليون دولار عام 1997 وهو مايمثل ما نسبته 16.6 في المئة من جملة الاستثمارات الاجنبية المباشرة للدول العربية جميعها.
وفي اطار المشاركة بالرأي في ما يتعلق بنظام استثمار رأس المال الاجنبي المزمع اصداره نرى ان ذلك لا بد ان تواكبه تعديلات اخرى تشمل مختلف الجوانب الاقتصادية والتشريعية والادارية المشجعة للاستثمار. وكما يقول فولكر برتس - رئيس برنامج المتوسطية في الشرق الأوسط في مؤسسة العلوم والسياسة في المانيا في ورقة قدمت الى ندوة الشراكة الاقتصادية العربية - الأوروبية التي عقدت في باريس في 1998 "ان القرار بالاستثمار في بلد ما ليس ببساطة أمراً تقرره الحكومة الالمانية فينفذ، وان العمل الخاص يوظف رأس ماله حيث يجد فيه فرصاً أكيدة للربح. فمع ان عدداً من الدول العربية قطع من دون شك شوطاً كبيراً في مجال الاصلاح الاقتصادي لا يمكن التغاضي أن أي مستثمرين كثراً يجدون مخاطر عدة تتصل بالاستقرار السياسي في هذه البلدان على المدى الطويل. ويبدو ان السبب الرئيسي في ذلك يعود الى غياب التوافق السياسي الداخلي في هذه الدول وضرورة اعتماد مبدأ الشفافية وايجاد النظم والمؤسسات الكفيلة بضمان التغيير السياسي بطرق سلمية.
ويخشى المستثمرون ايضاً غياب حسن تطبيق القانون في هذه الدول وهم قليلو الثقة عموماً بإمكان حسم المنازعات القضائية التي تنشأ بينهم وبين الحكومة المحلية أو بينهم وبين أحد رجال الاعمال".
هذه هي رؤية احد المتخصصين الألمان حول ضرورة توافر البيئة المناسبة لجذب التدفقات الاستثمارية نحو بلد ما في المنطقة العربية، لأن مجرد اصدار النظم والقوانين ليس وحده عامل جذب للاستثمار الخارجي بقدر توافر النيات للتطبيق والالتزام بهذه النظم.
ونحن نرى ان اجتذاب الاستثمارات الخارجية الى المملكة لا بد ان يتزامن مع تعديلات تشمل جوانب عدة أهمها: انشاء سوق أوراق مالية، لأنها تعتبر احدى أهم القنوات لجذب التدفقات الاستثمارية الاجنبية وهو ما يتطلب الاسراع في سياسة التخصيص وتوفير الأدوات المالية الشرعية، كصكوك التأجير المنتهي بالتملك، وصكوك المرابحة وغيرها. كذلك اعادة النظر في النظام الضريبي والشرائح الضريبية المختلفة لاجتذاب الاستثمارات، وهو ما يتطلب تعديل نظام الشركات ليتم اعطاء حوافز ضريبية للشركات التي تطرح اسهمها للاكتتاب العام وتلك التي تستخدم عمالة وطنية أو خامات محلية. ويتطلب الأمر ايضاً اعادة النظر في نظام التملك سواء في مجال العقارات أو في مجال المشاريع، وكذلك في نظام الكفالات والتأشيرات، لكي لا يشعر المستثمر بأن هناك قيوداً تحد من حركته طالما ان هناك ضوابط. كما نرى ان تمتد التعديلات ايضاً الى نظام التقاضي وطبع الاحكام القضائية التي صدرت منذ انشاء المملكة وحتى وقتنا الحالي واتاحتها للمستثمرين باللغات العربية والاجنبية مع ترتيب الشريعة ووضعها في مواد من دون الاخلال بها، الى غير ذلك من الانظمة الجاذبة للاستثمار، اذ ان كثيرين من المستثمرين ليسوا مسلمين.
وحبذا لو رتبت الشريعة في شكل مواد واضحة وبصورة مبوبة تبويباً عصرياً يتيح للاجانب التعرف عليها مما يسهل عليهم فهمها، ويسهل اجراءات تطبيقها فلا يحدث التنازع والنفور خصوصاً ان مبدأ "لا جريمة إلا بنص" ثابت في أذهانهم، وان جزءاً كبيراً من احكام الشريعة يدخل في نطاق التعزيزات التي يقررها القاضي، وآن الأوان لأن يصدرها مجلس القضاء الأعلى، ويلتزم بها القضاة، ويحدد مجلس القضاء الأعلى العقوبات دورياً نظراً الى انتشار الأمر الذي يدخل في نطاق التعزيزات. وبالتالي فإن العقوبة تكون معلومة لدى الأفراد والقضاة على ان تطبع هذه المواد وتترجم حتى ينطبق مبدأ الجهل بالقانون لا يعفي من العقوبة. وكذلك علانية التقاضي وحق الدفاع في جميع القضايا، وكل ذلك يجب ان يتم في حدود الشريعة وامكانات الاجتهاد المفتوحة للمسلمين حتى نضرب مثلاً لمرونة الشريعة وتقبلها للمستجدات العصرية.
وكما يتبادر الى الذهن هل ستبقى منازعات القروض المصرفية ضمن لجنة في مؤسسة النقد؟ وما هي القوة الالزامية لقراراتها، كما من المعلوم ان الأوراق المالية عموماً لها أحكام خاصة يحكمها نظام الأوراق المالية.
إن بقاء الأمر من دون حسم قد يشكل عائقاً أمام الائتمان عموماً ولا تنمية ولا جذب استثمار من دون تهيئة المناخ المناسب.
والنقطة الأخيرة هي انه طالما سيتم فتح السوق المصرفية وفقاً لمقتضيات اتفاقية منظمة التجارة العالمية، فإن الميزة النسبية لنا في القطاع المصرفي تكمن في النظام اللاربوي. فإذا كان رأس المال السعودي يشكل النسبة العظمى من رأسمال المصارف اللاربوية، فلماذا لا تسمح بعودة هذه الاموال الى ديارها والاستثمار وفقاً للشرع، علماً بأن معاملات هذه المصارف لا توجد فيها معاملات لا تستطيع المحاكم النظر فيها. ثأما بالنسبة الى نظام رأس المال الاجنبي المزمع اصداره في المملكة فإن لنا ملاحظات نتعرض لها في ما يأتي:
أولاً: جاءت ضمن الاهداف العامة للاستثمار - المادة الثانية - نقاط عدة تتعلق بإعطاء الأولوية للمنشآت الاستثمارية التي تحقق أهدافاً نبيلة، منها الحد من النتائج السلبية للاستثمارات الاجنبية وتحقيق الأهداف الشاملة للتنمية وايجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين ونقل التقنية المتقدمة وفتح الاسواق العالمية للصادرات السعودية وتوسعة وتنويع قاعدة الاستثمار الصناعي ورفع معدل نسبة مساهمة القطاع الاهلي في الناتج المحلي وايجاد مناخ مناسب لاعتماد السوق السعودية سوقاً عالمية للتجارة في الشرق الأوسط وتعظيم الثقل الاقتصادي والسياسي للمملكة وربط مصالح المملكة الاقتصادية باقتصادات الدول المتقدمة.
وعلى رغم أهمية هذه الاهداف إلا انها خلت من هدف رئيسي وهو انه ينبغي اعطاء الأولوية للمنشآت الاستثمارية التي تعمل على سد حاجة المجتمع من السلع أولاً ثم التي تساهم بحصة في التصدير بهدف جلب العملات الاجنبية والتي من شأنها تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات.
وفي ما يتعلق بنقل التقنية المتقدمة والأساليب الحديثة في الانتاج والإدارة والتسويق، فيجب ان يشمل ذلك الصناعات المتقدمة التي تحتاج الى تقنية ذهنية عالية مثل الحاسب الآلي والبرمجيات... الخ. والتي بدأت تأخذها الدول المتقدمة منهاجاً لها. بل ان هناك بعض الدول مثل ماليزيا أخذت بفكرة وادي الصناعات الالكترونية التي ترتكز في رأس مالها على العلم والتقنية.
ثانياً: تحت عنوان "صيغ الاستثمار"، جاء في المادة الثالثة ان "تؤسس منشآت الاستثمارات الاجنبية التي يرخص لها بالعمل في المملكة طبقاً لاحكام هذا النظام بإحدى الصيغ الآتية:
1- منشآت مشتركة بين رأس المال الوطني والاجنبي.
2- منشآت مساهمة يشارك رأس المال الوطني فيها بنسبة لا تقل عن 51 في المئة.
3- منشآت اجنبية بالكامل يشارك رأس المال الوطني فيها بنسبة لا تقل عن 51 في المئة.
4- فروع لمنشآت اجنبية.
ويتم تحديد الكيان القانوني لمنشأة الاستثمار طبقاً لنظام الشركات".
نقول ان أغلب الدول العربية باتت تتحرر من القيد الخاص بانشاء منشآت مساهمة يشارك رأس المال الوطني فيها بنسبة لا تقل عن 51 في المئة. اذ ألم يأن الأوان لوجود اسهم لحامله؟ وإذا كنا نسعى لجذب أموال من الخارج فإن هذه الاموال تحتاج الى عاملين رئيسيين هما الأمان والسرية، والحمد لله فإن اقتصادنا الوطني يتمتع بالأمان والاستقرار، أما بالنسبة لعامل السرية فإن اسلوب الاسهم لحامله يحقق ذلك. ان نسبة ال51 في المئة لا بد من اعادة النظر فيها طالما ان هناك ضوابط، خصوصاً ان الاسهم لحامله لا تخول العامل أي حق في الادارة. ثم ألا يدخل في صيغ الاستثمار الطويل الأجل في سوق رأس المال مثل الاسهم والسندات ونقصد بذلك الاسهم التي تشترى للاحتفاظ بها مدداً طويلة أقلها سنة، فإذا كان هناك بعض الدول العربية سمح للمستثمر الاجنبي ان يتملك المشروع بنسبة 100 في المئة فلماذا لا نطبق مثل هذا النظام؟
ثالثاً: جاء في المادة الرابعة تحت عنوان الترخيص للاستثمار ما نصه: "يشترط لاستثمار رأس المال الاجنبي في المملكة المستوفي للاجراءات النظامية المحددة في اللائحة التنفيذية للنظام ان يصدر ترخيص من وزير الصناعة والكهرباء بناء على قرار لجنة استثمار رأس المال الاجنبي، ويجب ان لا يتجاوز البت في طلبات الترخيص المستوفاة لكل المستندات المطلوبة ثلاثين يوماً، وفي حالة رفض الطلب أو تجاوز مدة البت يجوز للمستثمر التظلم لوزير الصناعة والكهرباء مرفقاً به المبررات الكافية".
وتعليقاً على ذلك، نقول: كيف تكون وزارة الصناعة هي الخصم والحكم، فطالما ان للاستثمار هدفاً تنموياً لزيادة الدخل، أفلا يستحق الأمر انشاء هيئة ملكية لتنمية الاستثمار تتبع مباشرة رئيس السلطة التنفيذية وهو رئيس مجلس الوزراء مثل ما توفر للهيئة الملكية للجبيل وينبع من دعم.
ان اسلوب عمل اللجان غير مجد وان وجود هيئة ملكية ستستمد ثقلها من الرئيس الأعلى لها ولا مانع من وجود اعضاء من الوزارات ذات العلاقة ومن قطاع الاعمال.
رابعاً: جاء في المادة السادسة البند الثاني تحت عوان الإعفاءات والمزايا للمستثمرين: "إعفاء المنتجات المحلية المصدرة من رسوم التصدير واي رسوم أو ضرائب اخرى بما في ذلك رسوم الموانئ واعفاء المواد المستوردة اللازمة لتصنيع منتج موجه للتصدير من الرسوم الجمركية وغيرها".
والسؤال المطروح هنا بالنسبة للاعفاء من رسوم الموانئ هو: هل ستتحمل الدولة هذه الرسوم؟ ان هذه الرسوم مقابل خدمة فعلية خاصة وان الموانئ سيتم تخصيصها، كما ان كلمة و"غيرها" الواردة في نهاية الفقرة غير محددة، فما المقصود بها.
وفي المادة السادسة ايضاً الفقرة الثالثة ما نصه: "تخصيص قطع الاراضي اللازمة لبناء المصنع وإسكان عماله وموظفيه وتوفير المرافق والخدمات اللازمة لها"، فهل المقصود ان يتم التخصيص في المدن الصناعية، ام في أي مكان داخل المملكة. فالمفروض انه اذا كان المشروع صناعياً يتم انشاؤه داخل المناطق الصناعية منعاً للتلوث، واذا كان سياحياً يكون داخل المواقع السياحية وهكذا.
كذلك في المادة السادسة الفقرة السابعة: "تسهيل اجراءات الدخول والخروج والإقامة للمستثمرين والموظفين والعمال المنتمين الى منشآت الاستثمار المرخص لها بموجب هذا النظام". فما المقصود بكلمة "تسهيل"؟ فهل سيستمر المستثمر ذو كفيل، وأي مستثمر سيقبل بذلك؟ اننا نقترح ان يكون هناك نوعان من التأشيرات الجديدة مثل تأشيرة تجارية وتأشيرة استثمارية، فلا ترتبط بأشخاص بقدر ما ترتبط بنوع النشاط الاقتصادي.
وفي الفقرة الثامنة من المادة نفسها جاء: "استقدام العمالة الاجنبية اللازمة لأغراض المنشأة الاستثمارية بعد ان يثبت المستثمر عدم قدرته على توظيف العمالة المطلوبة محلياً، وللمستثمر الحق في توظيف كبار مديري المنشأة بمعرفته".
وكان من الأجدر تحديد نسبة من اجمالي العمالة تكون للمواطنين، أو تحدد نسبة من الرواتب لهم أو نسبة تشغيل تصاعدية للسعوديين وفق برنامج تدريب يحدد في الدراسة التي بناء عليها يصدر التصريح وتعطى الاستثناءات.
وتنص الفقرة ال11 على "الحق في التعاقد مع منشأة الاستثمار المرخص لها بموجب هذا النظام بتصدير او شراء كامل الانتاج اذا لم تكن هناك سوق محلية للمنتجات على ان يتنازل تدريجاً عن جزء من هذا الالتزام عند توافر الطلب المحلي على المنتجات بحد أعلى لا يتجاوز حصة الشريك السعودي في المشروع".
هذه الفقرة غامضة تماماً ومن الأولى اعادة صياغتها لتكون الأولوية لسد احتياجات السوق المحلية ثم تأتي مرحلة التصدير. ولماذا تحديدها بحصة الشريك السعودي، فالمنشأة منذ قيامها تكتسب شخصية اعتبارية مستقلة عن ملاكها ويجب ان تحديد النسب وفقاً لامكانات السوق المحلية وامكانات التصدير.
وتنص الفقرة ال12 على "تحديد تراخيص التقنية والمعرفة الفنية، المقدمة لمنشأة الاستثمار المرخص لها بالعمل في المملكة بعد مضي عشر سنوات من بدء الانتاج وذلك متى ما برهن على ان التقنية والمعلومات الفنية التي لديه عند التجديد ذات اهمية ومنفعة للمشروع وفي ما عدا ذلك تصبح التقنية المكتسبة من قبل المشروع في تلك الفترة ملك للمشروع".
ونعتقد ان مثل هذه الأمور تحكمها اتفاقية منظمة التجارة العالمية، وتحديد مدة تجديد ترخيص التقنية بعشر سنوات قد يتعارض مع نصوص الاتفاقية.
خامساً: نصت المادة السابعة - تحت عنوان المعاملة الضريبية، على ان "ضريبة الدخل على المشاريع المرخصة بموجب هذا النظام تستحق على الارباح الموزعة فقط وتعفى من الضريبة المداخيل الآتية التي يتحصل عليها المستثمر الاجنبي المرخص له بالعمل في المملكة طبقاً لأحكام هذا النظام:
1 - ما يدفع مقابل التراخيص باستخدام التقنية وعقود المساعدة الفنية او المعرفة او براءات الاختراع.
2 - ضريبة الدخل لمدة 10 سنوات تبدأ من أول سنة يتم فيها تحقيق ارباح انتاجية، وإعفاء حصته في مشاريع التوسعة من هذه الضرائب لمدة عشر سنوات يبدأ سريانها من تاريخ بدء انتاج التوسعة اذا لم تكن مغطاة بفترة الاعفاء المتمثلة في 10 سنوات الأولى.
3 - الفترة المضافة على العشر سنوات الأولى في حالة اقامة المشروع في الجهات المستهدف تنميتها وفقاً للجدول الذي يتم تحديده من قبل الهيئة العليا للاستثمار.
4 - جزء من الأرباح الموزعة يساوي خمسة في المئة من حقوق المستثمر الاجنبي في رأس المال المستثمر من دون تحديد لفترة الاعفاء.
5 - الأرباح المستخدمة في رفع رأس المال بناء على قرار لجنة الاستثمار.
6 - الأرباح الناتجة عن مشاريع او عقود منفذة خارج المملكة العربية السعودية.
7 - الأرباح الناتجة عن بيع الشركاء الاجانب لحصصهم في المنشآت المشتركة.
وهنا لم يأت ذكر الزكاة، فهل هذه معفاة أيضاً؟ وهل أنظمة منظمة التجارة العالمية تسمح بذلك؟ والتفرقة بين المنشآت السعودية وغير السعودية هل تتفق مع مبدأ توحيد المعاملة الوطنية التي ترتكز عليها اتفاقية منظمة التجارة العالمية؟
سادساً: المادتان الثامنة والتاسعة تنصان على: "تخضع حصص الشركاء غير السعوديين من الأرباح الموزعة لمنشآت الاستثمار المختلفة المرخص لها بموجب هذا النظام والتي تساوي أو تقل حصة الشركاء الاجانب فيها عن 49 في المئة للضريبة بنسبة 25 في المئة" و"تخضع حصص الشركاء غير السعوديين من الأرباح الموزعة لمنشآت الاستثمار المختلطة المرخص لها بموجب هذا النظام والتي تزيد حصص الشركاء الاجانب عن 49 في المئة للضريبة بنسبة 35 في المئة سنوياً من الأرباح الموزعة".
وكأننا بهاتين المادتين نعاقب رأس المال الاجنبي الذي أتى بأموال من الخارج وزادت حصته عن 49 في المئة بحيث نخضعه لفئة ضريبية أعلى 35 في المئة وهذا غير منطقي. فإذا كنا نعمل على زيادة تدفقات رأس المال الخارجي للاستثمار داخل المملكة يجب علينا ان نخفض الشريحة الضريبية التي يخضع لها كلما زادت تدفقاته الرأسمالية الى الداخل، وليس هذا فحسب بل ان نعطيه المزيد من الحوافز.
وفي رأينا ان الضريبة اذا انخفضت الى 15 في المئة ربما تكون ذات حافز أكبر لاجتذاب المزيد من التدفقات الرأسمالية الخارجية خصوصاً ان دولاً مجاورة مثل لبنان والامارات دبي تخضع المستثمرين لشريحة ضريبية منخفضة جداً، ونحن دولة تحتاج الى توظيف اكبر عدد من الأيدي العاملة وبالتالي فنحن بحاجة الى المزيد من المشاريع الجديدة ولن تأتي هذه المشاريع الا اذا اعطيت المزيد من الحوافز.
سابعاً: المادة الحادية عشرة تنص على: "يحصل مشروع الاستثمار المرخص له بموجب هذا النظام على تخفيض المصاريف التالية من الضريبة المستحقة على الارباح الموزعة:
1 - 50 في المئة من تكاليف برامج الأبحاث والتطوير التي تتم داخل المملكة وتعتمدها لجنة الاستثمار.
2 - 50 في المئة من تكاليف ما يصرف على برامج التدريب للسعوديين والتي تعتمدها وزارة الصناعة والكهرباء.
3 - 25 في المئة من الضريبة المستحقة على الأرباح الموزعة اذا صدّر ما لا يقل عن 50 في المئة من انتاجه الى الخارج خلال السنة التي تتحقق فيها هذه النسبة.
4 - 10 في المئة من اجمالي اجور السعوديين خلال العام اذا كانت نسبة السعوديين العاملين في المشروع لا تقل عن 60 في المئة من مجموع موظفيه والحد الأدنى لأجورهم لا يقل عن 60 في المئة من اجمالي الأجور.
5 - في حالة تحقيق الأهداف الواردة في 1، 2، 3، 4 خلال فترة الاعفاء الضريبي بحسب التخفيض المقرر له كرصيد يحسم من مبلغ الضريبة عند استحقاقها.
ونضيف الى بنود هذه المادة اعتبار المصاريف الخيرية جزءاً من المصاريف التي تخصم من الضريبة المستحقة على الأرباح الموزعة.
ثامناً: المادة الثانية عشرة تحت عنوان التزامات المستثمر تشمل:
1 - المحافظة على سلامة البيئة من التلوث.
2 - التقيد بالأنظمة واللوائح والتعليمات المتعلقة بالأمن والصحة العامة وعدم تعريض الآخرين للخطر.
3 - اعطاء اولوية العمل للمواطنين السعوديين... الخ.
4 - اعطاء الأولوية للسوق السعودية في الحصول على حاجتها من السلع والخدمات المرخص لها بانتاجها في المملكة.
5 - تقديم المساندة الفنية للصناعات الوطنية التحويلية المستخدمة لمنتجات استثماره وتشجيع الاستثمار في الصناعات المساندة.
كل هذه الأمور تتطلب منا إقامة مركز معلومات ذي شفافية عالية لتتاح المعلومات لجميع المستثمرين وبلغات عالمية مختلفة.
تاسعاً: المادة الرابعة عشرة تحت عنوان الهيئة العليا للاستثمار تنص على: "تنشأ هيئة عليا لاستثمار رأس المال الاجنبي برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزير الصناعة والكهرباء نائبا للرئيس، وزير المالية والاقتصاد الوطني، وزير البترول والثروة المعدنية، وزير التجارة، وزير التخطيط، أربعة اعضاء من رجال الأعمال".
وهنا نتساءل لماذا لا نسمي "الهيئة الملكية لتنمية الاستثمار" فيكون العمود الفقري لها هو الدار السعودية للاستشارات مع دعمها ومساندتها للقيام بدرس الفرص الاستراتيجية، وكذلك درس المشاريع ذات الطابع التنموي والأولوية حسب امكانات المناطق لضمان التنمية الشاملة.
عاشراً: المادة السادسة عشرة تحت عنوان لجنة الاستثمار تنص على: "لجنة استثمار رأس المال الاجنبي هي الجهة التي تصدر لها جميع التراخيص والسجلات وتصدر عنها كافة القرارات لبدء النشاط الاستثماري دون حاجة المستثمر للجوء الى جهة اخرى، وتنشأ في وزارة الصناعة والكهرباء برئاسة وكيل الوزارة لشؤون الصناعة وممثلة للوزارات الآتية: وزارة المالية والاقتصاد الوطني نائباً للرئيس، وزارة البترول والثروة المعدنية، وزارة التجارة، وزارة التخطيط، وزارة الداخلية، ثلاثة اعضاء من رجال الأعمال".
وتعليقنا انه قد يكون من المناسب الاستعاضة عنها بالهيئة الملكية لتنمية الاستثمار المشار اليها سابقاً.
حادي عشر: المادة العشرون تحت عنوان العمل والعمال نصت على: "في ما لا يتعارض مع احكام هذا النظام تخضع المنشآت المرخص لها بموجب هذا النظام لأنظمة التجارة والعمل والعمال والتأمينات الاجتماعية وغيرها من الأنظمة المعمول بها في المملكة".
وهنا نضيف... والشريعة الاسلامية لا بد ان تسبق في الصياغة جميع النظم في الزامية التطبيق.
ثاني عشر: أما المادة الحادية والعشرون تحت عنوان "التحكيم" فنصت على: "في حالة نشوب منازعات بين منشأة الاستثمار الاجنبي والمؤسسة الحكومية وتعذر حلها ودياً خلال ستة شهور عن طريق لجنة استثمار رأس المال الاجنبي، فلأصحاب المنشأة الاستثمارية الحق في اللجوء لاحدى جهات الاختصاص التالية القضاء أو التحكيم المحلي وفقاً لنظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46 وتاريخ 12/7/1403ه أو مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي بدولة البحرين أو المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار. ولا يلزم للنظر في النزاع صدور اذن مسبق من مجلس الوزراء بالفصل فيه بطريقة التحكيم"،
ونعتقد ان في هذه المادة تنازلاً أو انتقاصاً من السيادة، ويكتفى بالتحكيم للخروج من هذا الأمر.
هذه هي بعض ملاحظاتنا على مشروع نظام رأس المال الاجنبي نعرضها حتى يكون هذا النظام مستوفياً لجميع الجوانب الجاذبة للاستثمار الاجنبي.
* اقتصادي سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.