الغليان الانتخابي الذي تعيشه الجمهورية الإسلامية بلغ ذروته أمس قبل انتهاء المهلة القانونية للدعايات الانتخابية، ومع اقتراب الاستحقاق بعد غد الجمعة. وما زاد في حدة التنافس الدخول المباشر للولايات المتحدة على خط الانتخابات البرلمانية إثر تصريحات الرئيس بيل كلينتون عن تطبيع العلاقات مع طهران. وأفاد استطلاع جديد للرأي العام حصلت عليه "الحياة" ان 75 في المئة من الناخبين الإيرانيين سيشاركون في الاقتراع لانتخاب مجلس شورى جديد بعد غد الجمعة. فيما أظهر 25 في المئة تردداً في قرارهم المشاركة أو عدمها. وشمل الاستطلاع الذي أجرته إحدى المؤسسات الرسمية، عينة من 500 شخص في طهران، وأظهر ترتيباً جديداً للفائزين الأوائل المحتملين يختلف عن الترتيب الذي أظهره استطلاع للرأي أجري الأسبوع الماضي... لكن هاشمي رفسنجاني احتفظ بالمرتبة الأولى، يليه محمد رضا خاتمي شقيق رئيس الجمهورية، وفايزة هاشمي رفسنجاني ثم مهدي كروبي رئيس اليسار الديني الإصلاحي، فهادي خامنئي شقيق المرشد آية الله خامنئي، ثم محمد رضا باهنر الناطق باسم الائتلاف المحافظ يتبعه أربعة من قائمة المحافظين بينهم محسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري. وفيما يتوقع أن تحمل الساعات المقبلة معطيات جديدة، أظهر 59 في المئة ممن شملهم الاستطلاع ان أهم المشاكل التي ينبغي على النواب حلها هي الغلاء. فيما رأى 2.11 في المئة ان للقضاء على البطالة الأولوية. وتوزعت النسب الباقية على حل مشاكل الشباب وتأمين السكن والرفاهية الاجتماعية، وقضايا الثقافة والسياسة والأمن وترسيخ القانون. وصرح 80 في المئة بأن التلفزة الإيرانية هي مصدر اطلاعهم على التطورات، في مقابل 4.12 في المئة تشكل الصحف مصدرهم، تليها المحطات الاذاعية. أما "الحرب النفسية" و"القنابل الإعلامية" التي تتبادلها الأحزاب والفئات المتنافسة، كما عبرت صحيفة "جمهوري إسلامي"، فانطلقت في كل الاتجاهات وسط طوابير طويلة من الملصقات وصور المرشحين. فيما القى كبار رجال الدين بثقلهم في دعوة الناخبين إلى تسجيل "ملحمة جديدة" عبر الحضور الواسع إلى صناديق الاقتراع، وانتخاب نواب يعملون على حفظ خط ولاية الفقيه، كما جاء في بيان لمجلس الخبراء المعني بأعمال المرشد الأعلى. وقوبلت المواقف الأميركية بسخط في أوساط المحافظين، وبما يشبه الارتياح في الأوساط الاصلاحية. ولخصت دوائر المحافظين هذا الواقع في صدر صحيفة "جمهوري إسلامي" الواسعة النفوذ بعنوان كبير: الأعداء يهدفون إلى "احتلال" البرلمان، وعلى الشعب ان يكون حذراً... وحملت صحيفة "كيهان" على "الحملة الأميركية ضد مجلس صيانة الدستور، والدفاع الأميركي عن الذين يدعون الاصلاح". واعتبر محمد رضا باهنر، الناطق باسم ائتلاف التيار المحافظ، "ان الاصلاح ينبغي ان يتعدى الشعار الانتخابي". وعدّ زعيم جماعة "أنصار حزب الله" حسين الله كرم الانتخابات "فرصة ذهبية للغرب". وردت دوائر التيار الاصلاحي على هذه الحملات، وقال نائب وزير الداخلية مصطفى تاج زاده: "من الاهانة بمكان للشعب الإيراني القول بأن الانتخابات الحرة تؤدي إلى نفوذ الاعداء إلى الداخل". وأضاف ان الوحدة الوطنية تترسخ أكثر، وتتهيأ الأرضية لتحقيق المصالح القومية، مع كل انتخابات تجرى في إيران. وحمل على ما اعتبره "إفادة المحافظين بشكل فئوي من مؤسسة الاذاعة والتلفزة ومنابر صلاة الجمعة". أما أوساط حزب جبهة المشاركة المقرب من الرئيس خاتمي، فرأت ان اليمين المحافظ "استسلم سريعاً، ورفع يديه عالياً والراية البيضاء، تعبيراً عن الهزيمة"، وهو يقوم بأعمال أشبه ما تكون ب"الانتحار". وكانت هذه الأوساط تعلق على استراتيجية اليمين انتخابياً ومنها إعلانه دعم الرئيس محمد خاتمي، ومحاولة الافادة من صحف التيار الاصلاحي، وعدم الإقدام على إعلان مرشحيه بشكل شفاف في المحافظات، وتقديمهم كمستقلين. وتعتقد أوساط اليمين المحافظ ان جبهة الاصلاحيين التي اعلنت قوائم انتخابية عدة في طهران، تعاني من كثرة المرشحين في المحافظات، مما قد يؤدي إلى تشتت أصوات الناخبين مع وجود أكثر من ألفي مرشح ينتمون إلى التيار الاصلاحي. وهذه نقطة تراهن عليها الدوائر المحافظة لكسب الرهان. ويبدو ان ذلك منعها من إعلان مرشحيها الحقيقيين إلى ما بعد ظهور النتائج، مما قد يشكل مفاجأة في سبيل الحفاظ على مواقع مؤثرة في التركيبة البرلمانية المقبلة.