منذ الاجتماع الثلاثي الذي استضافة السفير الأميركي لدى اسرائيل مارتن انديك في منزله قرب تل أبيب، السبت الماضي، وجمع المفاوضين الفلسطيني صائب عريقات والاسرائيلي عوديد عيران مع رئيس طاقم السلام الأميركي دنيس روس والاتصالات على الجبهة التفاوضية مقطوعة بين الجانبين. وجاء ذلك الاجتماع بمبادرة أميركية سعياً لانقاذ المسار الفلسطيني إثر فشل قمة ياسر عرفات وايهود باراك عند معبر غزة الخميس الماضي. فقد اصطدما حول قضية إعادة الانتشار الجزئية من 6.1 في المئة من مساحة الضفة الغربية، اذ تمسك باراك بالتفرد في تحديد المواقع المزمع نقلها للفلسطينيين في وجه مطالبة فلسطينية ملحة بالمشاركة في قرار بهذا الشأن. واختلفا أيضاً على اتفاق الاطار للحل النهائي فرفض عرفات طرحاً اسرائيلياً بتأجيله من 13 شباط فبراير الى أسابيع عدة، اضافة الى استمرار الخلافات بشأن الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية. عملياً، جمدت المفاوضات بمساريها "الانتقالي" و"النهائي" وتوقفت الجلسات المقررة انتظاراً لعودة المنسق الأميركي روس الذي استمع الى تقارير عريقات وعيران في منزل السفير الأميركي ووعد برفع تقرير عنها الى البيت الأبيض قبل أن يعود في الخامس عشر من الشهر الجاري. ووفق مصادر غربية، فإن روس أوحى بالاحجام الأميركي عن التدخل في قضايا المرحلة الانتقالية كإعادة الانتشار والاستحقاقات المالية والممر الآمن ولكنه، وفقاً للمصادر ذاتها، سيحاول المساهمة في حل الخلاف حول الوضع النهائي ومفاوضاته المتعثرة. ويبدو أن التوجه الفلسطيني يتركز على الغاء محاولة الوصول الى اتفاق اطار كان تقرر في 13 شباط، وهو ما عبّر عنه رئيس طاقم المفاوضات النهائية ياسر عبدربه بالقول: "واضح ان من المستحيل انجاز اتفاق اطار حتى ذلك التاريخ وبدلاً من تمديده كما يقترح الاسرائيليون نرى من الأسلم الشروع في المفاوضات النهائية للوصول الى اتفاق سلام حتى الموعد المضروب وهو الثالث عشر من أيلول سبتمبر المقبل ... فما جرى من جلسات تفاوضية لم يتح أي تقدم، وتمترس الاسرائيليون على مواقف جامدة ممتنعين عن الرد على الأوراق التفصيلية التي قدمناها بشأن كل قضية من قضايا الحل النهائي". وتذمر كبير مفاوضي المرحلة الانتقالية الدكتور صائب عريقات من امتناع الاسرائيليين عن الرد على الطروحات الفلسطينية وقال: "يسعى الجانب الفلسطيني الى الشروع في مفاوضات ذات معنى وصدقية. لذلك قدمنا في لقاء بيت السفير انديك مجموعة من الأسئلة للوفد الاسرائيلي وهي: أولاً تحديد سقف زمني لتنفيذ المرحلة الثالثة والأهم في إعادة الانتشار التي ستسبق الحل النهائي، وثانياً تحديد الموقف بدقة من الاستحقاقات الانتقالية وأولها، إعادة الانتشار من 6.1 في المئة من الضفة، وأخيراً الوضع النهائي فهل نستمر في بحث عبثي عن اتفاق اطار أم نتفاوض مباشرة حول معاهدة سلام؟". ويتابع عريقات قائلاً: "حتى الآن لم تصل اجوبة اسرائيلية، لذلك فما جدوى المفاوضات؟". وأضاف: "ننتظر أن نسمع من دنيس روس، وقبل عودته في الخامس عشر من الجاري، اجابات حول التزام الولاياتالمتحدة بورقة الضمانات وبتأمين تطبيق بنود اتفاق شرم الشيخ بأمانة وفي المواعيد المحددة، ونستغرب عدم ورود هذه الاجابات أيضاً". وعن ما إذا كان الموقف الأميركي يميل للاسرائيليين اجاب عريقات بأنه لا يعتقد ذلك "فالمنسق روس اطلع على كافة القضايا المتعلقة بالأزمة العميقة وأقر بوجود هذه الأزمة. وهو وقف على الالتزام الفلسطيني الكامل بالاتفاقات". وشدد عريقات على ان الأميركيين "يفهمون الوضع جيداً ونفترض أن يلتزموا تعهداتهم". المفاوض الفلسطيني، أعرب عن اعتقاده بأن الحكومة الاسرائيلية تعتزم دفع الجانب الفلسطيني للقبول بإعادة الانتشار الثالثة كحل نهائي، فهذه المرحلة يفترض ان تنقل اسرائيل خلالها كافة أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة الى السلطة الفلسطينية ويستثنى من ذلك القدس والمستوطنات وبعض المواقع العسكرية وهي قضايا يفترض ان تحل في المفاوضات النهائية. في المقابل، يواصل الاسرائيليون تصريحاتهم التي تنفي وجود أزمة، فوزير الخارجية ديفيد ليفي يؤكد ان المفاوضات ستستأنف، إذا ما دقق الجانب الفلسطيني في الاتفاقات من دون مبالغة. ومن دون تغيير في البنود خصوصاً المتعلقة بإعادة الانتشار، قائلاً ان من حق اسرائيل وحدها تقرير المواقع التي ستنقل للسلطة الفلسطينية. في غضون ذلك، تجري اتصالات على مستويات مختلفة بين الجانبين تتعلق بالقضايا اليومية كالمعابر ونقل البضائع والتنسيق في تنقل المواطنين. الى جانب لقاءات لاعضاء في الكنيست الاسرائيلية مع الرئيس الفلسطيني لا تتعدى العلاقات العامة، في ما يتوقع مراقبون في القدس ان يحمل روس أفكاراً حول أسس مفاوضات الحل الدائم وفصلها عن قضايا المرحلة الانتقالية.