} اكدت البحرين تمسكها بتحقيق تقدم على صعيد مسيرة السلام في منطقة الشرق الاوسط كشرط لزيادة وتيرة اتصالاتها مع اسرائيل في المرحلة المقبلة. وقال ولي عهد البحرين القائد العام لقوات الدفاع الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة في مقابلة مع "الحياة" هي الاولى التي يجريها مع وسيلة اعلامية منذ دخوله المعترك السياسي، ان بلاده تأخرت عن عملية السلام بسبب الصعوبات التي طرأت عليها في عهد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. واعتبر ان لقاءه مع وزير التعاون الاقليمي الاسرائيلي شمعون بيريز سمح باستعراض وجهات النظر بين البلدين. وقال ان المقابلة كانت "اولية" وان الانفتاح البحريني على اسرائيل سيبقى مشروطاً باقتران النيّات الاسرائيلية المعلنة بخطوات عملية. واستبعد في ظل الظروف الحالية ان يزور رجال اعمال بحرينيون اسرائيل في المستقبل القريب. وقال ان الانفتاح البحريني - القطري يسير في طريقه الصحيح. واشار الى ان المنامة تراقب ما يحدث في ايران بعقلانية ودقة. وشدد على رغبته ورغبة البحرين في انتهاء الخلاف مع قطر في صورة مرضية لكلا الطرفين، وان يكون الحل عادلاً وشاملاً. وفي ما يأتي نص اللقاء: هل البحرين في طور تغيير سياستها أم انها تتابع تنفيذ سياسة عامة سابقة تخص الانفتاح على اسرائيل وتتعلق بالتعاون الاقليمي والسلام؟ - البحرين شاركت في عملية السلام منذ بدايتها. في مؤتمر مدريد كان لنا تمثيل عبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، والحقيقة اننا كنا صادقين في عملنا للسلام لأننا نؤمن به. نؤمن بالسلام الشامل العادل المرضي لكل الأطراف. وهذا يعني ايلاء الأهمية الحقيقية للمسار السوري مع التأكيد على الأهمية المتلازمة للمسار الفلسطيني واللبناني والعربي ككل. تأخرنا عن عملية السلام بعدما طرأت صعوبات في عهد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو. وأنا أتكلم بصراحة الآن... فما رأيناه من رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك هو انه اتخذ الخطوة الأولى، وهذا دوره الصحيح، لأن اسرائيل هي في موقع الأقوى عسكرياً بما تملكه من ترسانة تقليدية وأسلحة نووية وغيرها، وفي موقع الأقوى اقتصادياً بحكم حجم الاقتصاد الموجود لديها. وهم كانوا من اتخذ الخطوة الأولى... ونحن نتبع ونتخذ خطوتين لكل خطوة يقدمون عليها من أجل السلام. نحن لا نتأخر. نحن لا نرضى بالسلام غير العادل ولا السلام غير الحقيقي. وتقدمنا الى الأمام في هذه العملية انما هو امتداد لإيماننا بأن منطقة الشرق الأوسط لا بد ان تتقدم وتشارك العالم في النهضة وفي القدرة الاقتصادية الجديدة. وإذا نحن لم نشارك في هذه الثورة الاقتصادية فسنتأخر ليس 50 سنة، بل مئات السنين. هل استشارت البحرين شريكاتها في الخليج قبل الإقدام على هذه الخطوة؟ - أنا لا أعتقد بأن هناك أي شخص خليجي أو عربي لا يؤمن بالحل الصالح والعادل مع اسرائيل. وما أقوله ان شاء الله، أقوله عن لسان الجميع. لقاؤكم مع بيريز تناول التعليم والتربية. هل امتد الى مواضيع أخرى؟ - كانت مقابلة أولية. هو وزير لديه صلاحية فتح العلاقات وهو كان يتكلم عن النظرة البعيدة وعلى المدى البعيد. وقد تناول ثلاثة محاور: قال هناك ثلاثة اقتصادات في العالم: اقتصاد العولمة وأهم موضوع في هذا الباب المعلومات وسرعة المعلومات. وتكلم عن اقتصاد المنطقة من زاوية جغرافية، وتكلم عن البنية الاساسية وهي الشوارع والجسور والكهرباء والانابيب والماء وما شابه ذلك من مرافق حيوية لحياة الانسان والمجتمعات. كما تكلم عن اقتصاد المنطقة معبراً عن اهتمامه بالتربية والتعليم. وبالتالي لم يقتصر الحديث على هاتين النقطتين وحدهما. بالعكس تضمن حديثه نظرة شاملة سبق له ان كتب عنها في كتاب أصدره، وهي تعكس وجهة نظره الشخصية بخصوص المنطقة. ونحن قلنا له: نحن مقبلون على السلام، كما سبق وذكرت، اذا هم صادقون وأقدموا على السير خطوة فسنسير نحن خطوتين. هذا الانفتاح يبقى إذاً مشروطاً بأن تقترن النيات الاسرائيلية المعلنة بخطوات عملية؟ - نعم، نعم. بالتأكيد. كيف تتحققون من ذلك؟ وماذا وعد بيرز بأن ينفذه ويحققه على هذا الصعيد، لتضمن حكومة البحرين ان الخطوات الاسرائيلية جدية؟ - تقصد باراك؟ تحدثتم مع بيريز؟ - تحدثنا مع بيريز ولكنه في النهاية لا يملك القرار الأخير. القرار الأخير عند رئيس الوزراء باراك، ولكنه بيريز يمثل حكومة باراك. إذاً نحن ننتظر لنرى اذا كان باراك جاداً في تحريك عملية السلام، وكما رأينا حتى الآن انه انفتح على السوريين وناقشهم على مستوى الند للند، وليس على مستوى المهيمن. هذا ما رأيناه حتى الآن ولذا نحن مستعدون للترحيب بهذا القرار ونقول لهم، لباراك والرئيس حافظ الأسد والملك عبدالله وللرئيس لحود ان هذه الأمنية هي أمنية الجميع. ولو قيض لي ان أوجه كلامي الى باراك لقلت له إني اتمنى كممثل للجيل الجديد ان يعمل بصدق. هل حمل بيريز رسالة لكم من باراك؟ وهل حملتموه رسالة جوابية؟ - لم يحمل أي رسالة. هذا لقاء أولي. ان شاء الله ستبنى عليه أشياء اخرى ندرسها الآن. ولكن في نهاية المطاف هذا يعود الى عملية السلام مباشرة. نحن نتمنى لهذا التطور الذي نشاهده ان يستمر. ونحن مستعدون لدعم هذا الخط. بأي شكل؟ - بالشكل الذي يرضي الطرف المجني عليه. ما يرضي الطرف الفلسطيني فنحن معه، والشيء الذي يرضي الطرف السوري والطرف اللبناني فنحن معه ايضاً. هناك رجال أعمال في منطقة الخليج يتوجهون، أحياناً، الى اسرائيل. هل سنشهد في الفترة المقبلة زيارات لرجال أعمال بحرينيين الى اسرائيل حتى ولو في اطار زيارات استكشافية، هل ستسمحون بذلك؟ - أظن ان التفكير في مسألة من هذا القبيل لا يزال سابقاً لأوانه. نحن الآن نتكلم ونتأمل في استمرار عملية السلام. ان يزور رجال اعمال بحرينيون اسرائيل مسألة لا أراها تتحقق في المستقبل القريب. لا أعتقد ذلك، لكن الله أعلم. اذا صار هناك تحرك فعلي في عملية السلام فيجوز هذا الشيء. المبادرة اسرائيلية في لقائكم مع بيريز، من كان صاحب المبادرة؟ - هذا التحرك أتى في ضوء التحركات الايجابية التي قامت بها الحكومة الاسرائيلية. دعوة اللقاء صدرت عن شمعون بيريز وهو الذي طلب عقده. اتصل بنا هنا في دافوس. يعني ذلك ان اللقاء لم يدبر سلفاً، بل رتب خلال وجودكم في دافوس؟ - نعم، نعم، نعم، وليس ضمن أي ترتيب سابق. وعندما اتخذتم هذه الخطوة، هل حظيت بمباركة في المنامة قبلاً؟ - طبعاً. ما الذي يمكن ان تستفيد منه البحرين من الانفتاح الاقليمي؟ - عندما نتحدث في البحرين عن الانفتاح الاقتصادي فهو أمر يحتاج أولاً لإدراكه ان ننظر إلى ما يجري في العالم. والانفتاح بالنسبة إلينا لا يعني الانفتاح على إسرائيل وحدها أو دون غيرها، بل الانفتاح على العالم بأكمله. وكما تعرفون، فإن حجم النمو الاقتصادي في العالم اليوم أمر لم يحدث له شبيه إلا مع الثورة الصناعية التي جرت بعد عام 1850. هذه ثورة جديدة تشمل العالم ويجب ان نشارك فيها ومن دون أن نتأخر. وهي لا تمثل إسرائيل، بل تعني الانفتاح على العالم كله. التطبيع والعولمة الانفتاح على العالم بهذا المفهوم يعني تخطي مفهوم الجوار الجغرافي وتقديم مفهوم العولمة. لكن ماذا نفعل بالجوار الجغرافي اللصيق: هناك قطر وهناك إيران. كيف يتحقق الانفتاح على هذين البلدين؟ - الانفتاح على الدولة الشقيقة قطر ماشي وساير. وكما تعرف لدينا ملكية مشتركة في شركة "طيران الخليج". وعندنا شركة التسهيلات البحرينية الموجودة في قطر. وقطر لديها استثمارات في "طيران الخليج"، كما ان هناك اتفاقاً لإرسال طائرات شركة "الخطوط الجوية القطرية" إلى البحرين. وهناك أيضاً اتفاق لدراسة بناء جسر، وهذا أمر نتمناه بين البلدين. لكن إذا تنقلت حركة رأس المال بسهولة في دول مجلس التعاون، فهذا في صالح الجميع. ولكن إذا انتقلت حركة رأس المال من مجلس التعاون الى الاتحاد الأوروبي أو الولاياتالمتحدة أو الشرق الأقصى، فهذا شيء طيب أيضاً للبحرين التي هي مركز مالي اقليمي من الطراز الأول. وماذا عن إيران؟ - بالنسبة إلى إيران، نحن نتفاعل معها بعقلانية ونأمل لاخواننا في إيران ان يوفقوا في سياساتهم للانفتاح وينجحوا في ادخال إيران في العائلة العالمية، وننظر بدقة إلى كل ما تقوم به الحكومة الإيرانية في هذا الوقت. الخطاب السياسي الإيراني بدا أكثر ليونة في الآونة الأخيرة حتى تجاه عملية السلام. هل يمكن للبحرين أن تلعب دور الوسيط في إطار التعاون والانفتاح الاقتصادي بين كل من إيران وإسرائيل مستقبلاً؟ - لا استطيع الحديث بلسان إيران. واذكر مرة ثانية بأن الانفتاح على العولمة لا يعني إسرائيل وحدها. يجب أن نفصل العولمة عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. إسرائيل دولة واحدة. العالم فيه ما يزيد على 180 دولة. في العولمة نستطيع التعامل مع 180 دولة وليس مع دولة واحدة. أما ان نعمل كوسيط بين دولة ودولة ثانية، فنحن نعتقد بأن الوساطة لا تنتج الحل المطلوب إذا لم تكن هناك رغبة من الطرفين. الحلف العسكري مع إسرائيل كقائد لقوات الدفاع في البحرين، ألا يندرج الانفتاح على إسرائيل في إطار تفاهم أوسع مع واشنطن يخص الترتيب الاقليمي الذي تقوم به الولاياتالمتحدة في منطقة الشرق الأوسط؟ - ترتيبنا العسكري يبدأ في البحرين من الداخل، ثم ينطلق إلى مجلس التعاون. وحتى قبل حرب الخليج كانت للبحرين علاقات عسكرية مع الولاياتالمتحدة تعود إلى أكثر من 50 سنة. وإذا كان سؤالك: هل ستدخل إسرائيل في منظومة عسكرية مع دول المنطقة؟ فهذه ترتيبات اراها شخصياً بعيدة لا تستحدث إلا بعد حل كل المشاكل القائمة بين الدول. وإذا وصلنا إلى حل عادل وشامل، وبعد مضي فترة طويلة، الله أعلم... لكنني في الوقت الحالي استبعد هذا الأمر. هناك منافسة بين قطروالبحرين على استقطاب الحضور العسكري الأميركي على أراضيهما. هل يمكن لهذا التنافس، وبعد انتهاء النزاعات العسكرية في المستقبل، ان يعزز التقارب السياسي بين قطروالبحرين ويولد منظومة تعاون اقتصادي بين البلدين؟ - لا اعتقد ان هناك تنافساً على جذب القوة الأميركية إلى المنطقة. كل دولة لها عقيدتها التي تملي عليها ما هو مناسب لحفظ أمنها. ونحن في البحرين وجدنا ان الأفضل لتحسين الأمن في المنطقة أن نتعامل مع العالم وليس مع أميركا وحدها. تعاملنا مع انكلترا ومصر وسورية ودول الخليج بأكملها والأردن. وهدفنا أن نكون عاملاً للاستقرار. وإذا رأت قطر أنها تريد ان تقوم بهذا الدور في الحلبة نفسها، فيا أهلاً وسهلاً بها. هناك صفحة جديدة تبدو وقد فتحت فعلاً بين قطروالبحرين، كيف ترون العلاقات بين البلدين في مدى ثلاثة أو خمسة أعوام؟ - دعني اقل لك هنا أمنيتي الخاصة: شعب البحرين وشعب قطر شعب واحد. العوايل الموجودة في البحرين لها اقرباء في قطر، وكذلك العوايل الموجودة في قطر لها أقرباء في البحرين. نتمنى أن ينتهي هذا الخلاف الذي سيوضع في أيار مايو المقبل أمام محكمة العدل الدولية في الصورة المرضية لكلا الطرفين. لأن الجميع في الفترة الأخيرة فرح بالتعاون والصفحة الجديدة التي فتحت بين البلدين. وأنا أتمنى ان تستمر لأن عدم استمرارها يعني التأخير في العلاقة والتأخير على صعيد أمن المنطقة واستقرارها. وليكن الحل عادلاً وشاملاً للطرفين، يجب ان يكون مبنياً على أسس التعاون والتفاهم والانفتاح. وأنا كسلمان بن حمد أعمل بكل مقدرتي على تحقيق هذا الحلم.