"السينما: مستقبل الشمال، هل هو في الجنوب؟" تحت هذا العنوان نظّم مهرجان نانت السينمائي الدولي للقارات الثلاث ندوة شارك فيها مسؤولون من وزارة الخارجية الفرنسية والمركز الوطني للسينما وقناة "هوريزون" والقناة السابعة "آرت"، إضافة الى سينمائيين وإعلاميين من مختلف بلدان الشمال والجنوب. وناقشت ثلاثة مواضيع رئيسية: دور فرنسا على الخارطة السينمائية العالمية، ونظام المساعدة المعتمد فيها لسينما الجنوب، ثم المكان المخصص لهذه السينما على شاشات العرض السينمائية والتلفزيونية. كانت الندوة ضمن دورة تدريبية للمنتجين الشباب الذين اختيروا من سبعة بلدان بينهم لبنان. وأشار المشاركون الى مكانة فرنسا التي تأتي في المرتبة الثالثة في الانتاج السينمائي العالمي بعد الولاياتالمتحدة والهند. لكنها، وخلافاً للكثيرين، تحاول التركيز على السينما "صناعة" فنية لا تعامل فيها الأفلام "بضاعة" تسويقية. ثم انها تبقى من أكثر الدول التي تساعد الانتاج السينمائي في مختلف البقاع. وعن أسباب هذه المساعدة تحدث مسؤول في الخارجية الفرنسية عن أهمية التنوع الثقافي الذي تسعى اليه بلاده، موضحاً ان مساعدتها سينما الجنوب تأتي من اعتبارها نفسها "مسؤولة عن السينما عموماً لا عن سينماها فقط"، اضافة الى أن ما هو مفيد لسينما الجنوب سينعكس تلقائياً على السينما الفرنسية. وأشار الى وجود ثلاثة محاور للمساعدة الفرنسية تتمثل في صندوق دعم الجنوب جنوب واسع جغرافياً ويمتد من آسيا الى أميركا الذي تسهم فيه الوزارة والمركز الوطني للسينما، ويخصص 24 مليون فرنك فرنسي سنوياً لدعم الاخراج والانتاج. ثم ان هناك صندوقاً آخر يدعم، خصوصاً، السينما في افريقيا وفي الدول الناطقة بالفرنسية، ويمكنه ان يتدخل في كل مراحل الفيلم، من السيناريو الى التوزيع. أما المحور الثاني الذي تستند اليه المساعدة الفرنسية فهو التدريب المهني حيث انشئت مراكز للتدريب في عواصم عالمية عدة، ومنها بيروت كمركز للشرق الأوسط. ويقوم المحور الثالث على التوزيع، إذ تعرض المراكز الثقافية الفرنسية في الخارج الأفلام التي تساعد فرنسا في انتاجها، ولكن اضافة الى ذلك، هناك خطة للمساعدة في التوزيع التجاري للأفلام كما يحصل الآن في أفريقيا الساحلية. وأشار رئيس الغرفة الفرنسية للمخرجين والمنتجين الى البرنامج الأوروبي أوروبا - سينما الذي يتولى التوزيع المتبادل للأفلام بين أوروبا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، ويعمل على تجهيز صالات لعرض الأفلام الأوروبية في تلك الدول كما حدث أخيراً في بيروت، وعلى دعم الصالات الأوروبية التي تعرض أفلاماً متوسطية. وتحدث عن مشروع يُدرس الآن، لإيجاد نظام دعم للانتاج المشترك بين أوروبا ودول المتوسط. وقاد ذلك الى الحديث عن "الكوتا"، أي الحصة المخصصة للأفلام الفرنسية والأوروبية في العرض على الشاشات السينمائية والتلفزيونية. فأشار رئيس الغرفة الى وجود ضريبة تصل الى 5،5 في المئة على مدخول التلفزيونات الفرنسية العامة والخاصة، توجه لدعم السينما، اضافة الى الضريبة على الصالات وعلى أفلام الفيديو، والمساهمة "الاجبارية" المفروضة على التلفزيونات للانتاج المشترك، والتي تصل الى 3 في المئة. ولكن، في المقابل، يمكن المحطات الحصول على حق الانتفاع من الفيلم 10 في المئة. وعن مكان أفلام الجنوب على الشاشات أشار رئيس قناة "هوريزون" تتوجه الى جمهور غير فرنسي والمتفرعة من قناة "بلوس" التي تعد أكبر مساهم فرنسي في الانتاج السينمائي بنسبة نحو 25 في المئة منه الى صعوبات التوزيع في فرنسا. إذ على رغم وجود هذه "الكوتا"، لا يمكن أي فيلم غير ناطق بالفرنسية الدخول فيها، ولو كان من انتاج فرنسي 100 في المئة. وركز على قضية محورية: "من يريد مشاهدة سينما الجنوب؟ وهل هي موجودة حقاً؟". فجمهور الجنوب نفسه لا تهمه هذه الأفلام لأنه غير معتاد عليها، إلا ان الاستسلام غير مقبول. فمديرو التلفزيونات يستطيعون فرض هذه الافلام وتعويد الناس عليها، وعلى أن هناك سينما أخرى غير الأميركية، اضافة الى سياسة التثقيف العامة التي ينبغي للدول ان تقوم بها. وتساعد هذه القناة في الانتاج وشراء الأفلام وتركز دعمها على تونس والجزائر والمغرب والسنغال وساحل العاج، لوجود جمهور كبير لها فيها. واعتبر أن تونس هي البلد الوحيد الذي له سياسة سينمائية وموازنة للسينما. وكان فيلم التونسية مفيد التلاتلي "موسم الرحال" عرض في المهرجان، ولقي اقبالاً جماهيرياً كبيراً. وسيُعرض تجارياً في الصالات الفرنسية، الشهر المقبل. أما الفيلم العربي الثاني الذي عرض في المهرجان فكان الفيلم الروائي الأول للبناني جان شمعون "طيف المدينة" الذي يحكي عن الحرب اللبنانية وتأثيرها في مصائر الأفراد.