أثار قرار القاضي الاسباني بالتاثار غارثون الافراج عن رجل الاعمال الروسي فلاديمير غوزينسكي، بكفالة تناهز خمسة ملايين دولار ووضعه قيد الاقامة الجبرية في منزله، زوبعة في الاوساط القضائية الاسبانية تنذر بأزمة سياسية، بعدما لمح ناطق رسمي إلى ان قرار القاضي "يستهدف احراج الحكومة في علاقاتها مع الاتحاد الروسي". وجاء ذلك في اعقاب تصريحات مؤيدة لغارثون صدرت عن المعارضة الاشتراكية. وكان غارثون امر باستدعاء غوزينسكي الى مكتبه اول من امس الجمعة لابلاغه قرار الافراج عنه بكفالة واطلاعه على شروط الاقامة الجبرية التي فرضها عليه، وتقضي بتسليمه جوازات سفره الى السلطات الاسبانية ومنعه من مغادرة اسبانيا او منزله القائم في مقاطعة قادش الجنوبية من دون اذن قضائي مسبق. كما نصت الشروط التي وضعها القاضي على أن يتولّى الحرس المدني اقامة نظام دائم للمراقبة داخل منزل غوزينسكي وخارجه، والا يغادر الرجل منزله الا في سيارة يقودها موظفون اسبان، وان تخضع للتفتيش كل سيارة او مركبة تغادر منزله. وجاء في القرار ايضاً ان غوزينسكي الذي يحمل الجنسيتين الروسية والاسرائيلية يتمتع بقدرات اقتصادية وبوسائل عملية واتصالات من شأنها ان تسهّل فراره، ما يستدعي فرض اقسى شروط المراقبة عليه خلال اقامته الجبرية. وتضمنت حيثيات القرار الذي اصدره غارثون تثبيتا للقرار الذي أمر باعتقال غوزينسكي وسجنه في الثاني عشر من هذا الشهر، انفاذاً للامر الدولي الذي اصدرته في حقه السلطات الروسية بتهمة النصب والاختلاس. ولكن جاء في قرار غارثون "ان معلومات جديدة اضيفت الى القضية وطرأت مستجدات" لم تقّوم في حينها. ويرى القاضي "ان ثمة شكوكاً معقولة حول ملاءمة قرار السجن الموقت وتناسبها مع التهم الموجهة الى المعتقل"، ويعتبر "ان الملف يعتريه غموض في الوقت الراهن، إن بالنسبة الى الطبيعة الجنائية للتهم الموجهة، او من حيث الخلفية غير الجنائية التي قد تكون دفعت اليها، وذلك استناداً الى مرافعات الدفاع والوثائق التي اضيفت لاحقاً الى القضية". وفُسّر ذلك بأن القاضي غارثون استند في قراره الى احتمال وجود دوافع سياسية وراء طلب التسليم المقدم من السلطات الروسية. وكان غارثون ابلغ قراره على الفور الى المدعي العام الذي يرأس المحكمة الوطنية، فسارع هذا من جهته الى تقديم طلب للطعن في قرار الافراج بكفالة عن غوزينسكي، تضمّن اتهاماً للقاضي ب"عدم الاستقامة" تجاه السلطات الروسية، والتماساً لوقف العمل بقرار الافراج الى ان يبّت طلب الطعن "نظراً إلى خطورة القضية واهميتها". كما جاء في طلب الطعن "ان قرار الافراج اخّل بالوفاء تجاه الحكومة الاسبانية التي تنوي النظر في طلب التسليم الذي تقدمت به السلطات الروسية وفي الوثائق التي جاء مشفوعاً بها". ويذكر ان القاضي غارثون الذي يتمتع بشعبية واسعة في اسبانيا بسبب الملفات الحساسة التي تناولها في السنوات الاخيرة، مثل التحقيق في قضايا الفساد السياسي التي كلفت الاشتراكيين الحكم منذ خمس سنوات، وملاحقة عصابات اجرامية دولية تتعاطى تهريب المخدرات. وقد ذاع صيته عالمياً في قضية الرئيس التشيلي السابق آوغوستو بينوشيه عندما تقدم بطلب إلى السلطات البريطانية لتسليمه، ورفض التراجع على رغم الضغوط الشديدة التي مارستها الحكومة الاسبانية.