بدأت محكمة في لندن جلسة طال انتظارها بشأن تسليم الرئيس التشيلي السابق الجنرال أوغوستو بينوشيه الى اسبانيا فيما وقعت مواجهة أمام المحكمة بين أنصار الاخير الذين بلغ عددهم 200 متظاهر وخصومه الذين لم يتجاوز عددهم العشرين شخصاً. وحظيت هذه الجلسة بتغطية إعلامية كبيرة وتابعها 90 مراسلاً بالاضافة إلى أطقم تلفزيونية من جميع أنحاء العالم. لندن - د ب ا - استهلت محكمة "بو ستريت" في لندن امس الاثنين جلساتها للنظر في تسليم الجنرال اوغوستو بينوشيه الى اسبانيا بتلاوة لائحة تفصيلية ومروعة بالاتهامات الموجهة اليه بتعذيب معارضيه السياسيين خلال فترة حكمه، فيما انهمكت الشرطة خارج المحكمة، في الفصل بين جماعتين متنافستين كادتا ان تشتبكا. وبدأ المحامون مرافعاتهم بشأن طلب اسبانيا تسليمها بينوشيه 83 عاماً لمحاكمته بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان أثناء فترة حكمه التي دامت 17 عاماً وانتهت عام 1990. وتشمل الاتهامات التي استغرقت تلاوتها 15 دقيقة، مزاعم جديدة قدمها القاضي الاسباني بالتاسار غارزون لتأييد طلبه. وتتضمن المزاعم 35 اتهاماً منفصلاً بالتعذيب وتفاصيل عن استخدام الصدمات الكهربائية والضرب والتهديد بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، بما في ذلك حال شاب عمره 17 عاماً توفي نتيجة التعذيب. ويواجه بينوشيه أيضاً اتهامات بإرهاب الخصوم السياسيين بصورة متعمدة. ويزعم أنه تآمر مع آخرين لاختطاف وتعذيب خصومه السياسيين المعروفين. وكان مجلس اللوردات الذي يمثل الهيئة القضائية الأعلى في بريطانيا، قضى في آذار مارس الماضي بأنه لا يمكن تسليم بينوشيه استناداً الى اتهامات يعود تاريخها إلى ما قبل تصديق بريطانيا على ميثاق الاممالمتحدة بشأن التعذيب في الثامن من كانون الاول ديسمبر 1988. ويقيم بينوشيه حالياً قيد الاقامة الجبرية في منزل في أطراف العاصمة البريطانية، بعدما تم إلقاء القبض عليه يوم 16 تشرين الاول أكتوبر من العام الماضي عقب إجرائه عملية جراحية في ظهره في مستشفى في لندن. جدل طويل ويتوقع أن يستمر الجدل القانوني في المحكمة طويلاً بين محاميي الدفاع والمحامين الممثلين للحكومة الاسبانية، فيما يعترض محامو بينوشيه أيضاً على حق أسبانيا في محاكمته لان أياً من ضحاياه المزعومين لم يكن أسبانياً. ولم يحضر بينوشيه الذي تردد أخيراً على مستشفى لتلقي علاج طبي، الجلسة التي تليها جلسات أخرى على مدى خمسة ايام. ولكن يتعين حضوره الجلسة التي يصدر فيها قرار المحكمة، الامر الذي لا يتوقع ان يتم قبل اسبوعين من انتهاء الجلسات. وباعدت ذكريات مريرة عن حكم بينوشيه الذي استمر 17 عاما بين انصاره وخصومه اثناء تباريهم في الهتاف امام قاعة المحكمة. وكان عدد المتظاهرين الموالين لبينوشيه حوالي 200 متظاهر، في مقابل 30 متظاهراً مناهضاً له. وأبدى انصار بينوشيه المتظاهرون خارج قاعة المحكمة قلقهم من احتمال وفاته في لندن قبل حسم القضية. وفي المقابل، قال ريد برودي من منظمة "هيومان رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الانسان ان "ضحايا بينوشيه انتظروا هذه اللحظة التاريخية 25 عاما". وتابع أن "تلاوة ممثلي الادعاء العام رسمياً اتهامات التعذيب والتآمر ضد الجنرال بينوشيه، هي بمثابة تعويض للآلاف الذين قتلوا أو عذبوا أو اختفوا على يد نظامه". وقال خوان غارسيز المحامي الاسباني الذي يمثل عائلات ضحايا بينوشيه المزعومين أن "الامر الاكثر أهمية هو أنه للمرة الاولى يصبح رئيس دولة موضوعاً لجلسة تسليم. وهذه خطوة إيجابية للبشرية". غير أن بيتر شاد رجل الاعمال السويسري المقيم في لندن وهو من أنصار بينوشيه البارزين، قال: "ما يدعو للسخرية أن تطالب أسبانيا مهد الفاشية، بتسليم بينوشيه". وأضاف: "لا أفهم لماذا لا يركز القاضي غارزون على مليون شخص لقوا حتفهم لأسباب سياسية في بلاده".