يمثل غداً امام المحكمة العسكرية في طهران مسؤولون في الاستخبارات الايرانية بتهمة التورط باغتيالات طاولت منشقين ومعارضين عام 1998، ولم تهدأ السجالات حولها بين المحافظين والاصلاحيين. ويتوقع احتدام الجدل الذي قد يتحول ازمة جديدة بين المعسكرين كلما اقتربت معركة انتخابات الرئاسة. وذكر مصدر قضائي ان "العقل المدبّر" للاغتيالات سعيد إمامي سيُحاكم "بعد وفاته"، علماً ان الاخير الذي كان مسؤولاً في وزارة الاستخبارات "انتحر" في سجنه. واكد ذوو الضحايا انهم لن يحضروا المحاكمة. ودعا مصدر قيادي في حزب "جبهة المشاركة" الاصلاحي الى محاكمة المتورطين بالاغتيالات علناً، وقال ل"الحياة" ان المحاكمة التي ستبدأ غداً "يجب ان تُمهّد لكشف الأبعاد الغامضة في القضية، وان تُشكّل نهايةً للفصل الاول، على ان يتواصل العمل لكشف الجذور التي يرتبط بها المتهمون". واعتبر ان "المسؤولية الكبيرة" تقع على عاتق السلطة القضائية، و"ينبغي ان تُجيب وقائع المحاكمة عن كل الاسئلة والامور المبهمة المتراكمة لدى الرأي العام منذ سنتين". وسيمثل 17 متهماً من مسؤولي الاستخبارات وعناصرها امام المحكمة العسكرية في طهران، ويشير معظم الدلائل الى ان المحاكمة لن تكون علنية، بعد تأكيد القضاء ان "ذوي الضحايا أعلنوا انهم لن يحضروها". وحظر القضاء نشر اي معلومات او تحليلات "من شأنها ان تضلّل الرأي العام وتسيئ الى مجرى المحاكمة"، علماً ان شخصيات سياسية واعلامية كانت استدعيت الى محاكم بعد كشفها معلومات تتعلق بالقضية. ويخشى بعض الاوساط البرلمانية عدم كشف كل أسرار الاغتيالات التي استهدفت معارضين قوميين وليبراليين، وقال ل"الحياة" مصدر في القضاء العسكري ان "المحاكمة ستجري طبق معايير القانون والعدالة، بما يؤدي الى حفظ حقوق أولياء الدم عائلات الضحايا والمتهمين". وزاد ان "علنية المحاكمة او سريّتها متروكة للقاضي" المكلّف هذا الملف. يذكر ان القضية تحولت الى واحد من ابرز ملفات التجاذب بين المحافظين والاصلاحيين، على خلفية الاتهامات المتبادلة بارتباط المتورطين من الاستخبارات بشخصيات في واحد من التيارين. وابرز تلك الاتهامات تلك التي اطلقها الصحافي الاصلاحي اكبر غنجي ضد وزيري الاستخبارات السابقين علي فلاحيان وقربان علي دري نجف آبادي، اذ اكد غنجي امام المحكمة العسكرية اخيراً ان فلاحيان كان "الرأس المدبّر" للاغتيالات. وردّ الاخير بأنها لم تُنفّذ في عهده، عندما كان وزيراً للاستخبارات في حكومة الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني حتى عام 1997 بل عام 1998 اي في عهد حكومة الرئيس محمد خاتمي. وردّ وزير الاستخبارات السابق دري نجف آبادي نافياً اي علم له بما كان يحصل في عهده. وهو خضع مرات للتحقيق، وتمت مواجهته مع المتهمين، ثم اعلن القضاء العسكري ثبوت عدم تورطه. واستقال نجف آبادي عام 1998 بعد شهر على اعلان الاستخبارات تورط عناصرها بالاغتيالات. مصادر مستقلة أوضحت ل"الحياة" ان "سبب الاتهامات المتبادلة يتركز حول شخصيتين هما سعيد امامي ومساعده المعروف بكاظمي وهما من ابرز المتورطين بالاغتيالات". واضافت ان "اوساط الاصلاحيين تقول ان سعيد امامي انتحر في سجنه العام الماضي كان الرأس المدبّر والساعد اليمنى للوزير فلاحيان محافظ وكاظمي تتهمه اوساط المحافظين بأنه من المنتمين الى التيار الاصلاحي، وتعتبر ان مسؤولين اصلاحيين معروفين كانوا وراء تعيينه في الوزارة وظل على علاقة بهم". ويبدي خاتمي تفاؤلاً بكشف أبعاد القضية، ويشدد على النجاح في "استئصال غدةٍ سرطانية من جسد وزارة الاستخبارات"