تواصلت المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية غير المباشرة في واشنطن، وكذلك الانتفاضة الفلسطينية والعنف الاسرائيلي في مواجهتها، مخلفاً في معركة رفح ثلاثة شهداء وحوالى 40 جريحاً راجع ص4 و5. وتدخل الرئيس بيل كلينتون مجدداً في عملية السلام، واجتمع مساء امس مع وزير الخارجية الاسرائيلي شلومو بن عامي ورئيس الوفد الفلسطيني صائب عريقات. واعلن الناطق باسم البيت الابيض جيك سيورت ان الرئيس الاميركي "يريد الاطلاع على مجريات الامور ومعرفة ما وصل اليه الجانبان وتحديد ما يمكننا القيام به لمساعدتهما في دفع العملية الى امام، وهو مستعد لبذل كل ما في وسعه للمساعدة لكننا ملتزمون الجدول الزمني للطرفين فاتخاذ القرارات الصعبة من شأنهما وحدهما". واردف ان البيت الابيض لا يبحث الان سفر كلينتون الى المنطقة. في غضون ذلك استمرت الحملات الداخلية ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي المستقيل ايهود باراك، اذ اعلن شمعون بيريز ترشيح نفسه لمنافسة باراك وارييل شارون زعيم ليكود في انتخابات رئاسة الوزراء. واعتبر وزير الخارجية المصري عمرو موسى بعد لقاء بين الرئيسين ياسر عرفات وحسني مبارك، ان نجاح مفاوضات واشنطن رهن بتغيير اسرائيل نظرتها الى المحادثات. وكان مبارك استقبل يوسي سريد الذي شرح المواقف الاسرائيلية الجديدة، وعبر عن تفاؤل كبير بالمفاوضات، بل لم يستبعد التوصل الى اتفاق خلال اسبوعين أو ثلاثة، وقال ان المفاوضات تتناول قضايا القدس والحدود وحق اللاجئين في العودة. وأعربت أوساط فلسطينية مطلعة على سير المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية غير المباشرة الجارية في واشنطن، عن اعتقادها بأن هذه المفاوضات لن تسفر عن أي شيء جدي. وقالت ان الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني يرغبان ضمناً، ومن دون أي تنسيق بينهما، في تأجيل أي اتفاق محتمل الى ما بعد تسلم الرئيس الأميركي الجديد جورج بوش مهماته ودرس ملفاته، أي في شباط فبراير المقبل. وذكرت هذه الأوساط ان رئيس وزراء اسرائيل المستقيل ايهود باراك أدرك أخيراً انه لن يستطيع الحصول من كلينتون على الوعود المالية المتفق عليها، ويريد حلاً في عهد بوش لعله يؤمن له في المقابل تلك المطالب المالية والعسكرية. وأوضحت ان باراك قدم الى كلينتون خلال لقائهما الأخير قائمة بطلباته التي شملت: التعويضات المالية المتفق عليها لتغطية نفقات الانسحاب من جنوبلبنان، وأنواعاً محددة من الأسلحة، من دون ان يحصل على أي جواب ايجابي، واكتفى كلينتون بالقول انه سيدرس المسألة. وأضافت ان باراك معني الآن بأن يبرز كرجل سلام كي يستطيع ان يخوض بنجاح معركته ضد شمعون بيريز داخل حزب العمل الاسرائيلي، لذلك كان تجاوبه السريع مع دعوة كلينتون الى ارسال وفد الى واشنطن، على أن يعود الى التشدد في وجه الفلسطينيين على أبواب الانتخابات الاسرائيلية. وشددت الأوساط الفلسطينية على أن الرئيس ياسر عرفات حقق انجازاً مهماً حين استطاع الربط بين تجدد اللقاءات التفاوضية وبين بقاء الانتفاضة مستمرة، وذلك عكس ما كانت تطالب به حكومة اسرائيل. ولفتت الى ان المفاوضات الجارية الآن تتلخص في ثلاث نقاط: الأولى انها عملية تمرير للوقت الى أن تنتهي رئاسة كلينتون، والثانية انها تهدف الى عدم وصول الانتفاضة الى مرحلة اشتباك بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، والثالثة مساعدة كلينتون في تمرير قراره بتأجيل نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس، بعدما وعد بأن يفعل ذلك قبل انتهاء ولايته. ونقلت هذه الأوساط عن عرفات قوله: "علينا ضغوط كبيرة للذهاب الى المفاوضات، وإذا ذهبنا اليها لا نخسر شيئاً ما دامت الانتفاضة مستمرة". واستبعدت الأوساط ذاتها احتمال انعقاد القمة الثلاثية، موضحة ان عرفات أبلغ كلينتون عندما اتصل به أخيراً انه لا يحبذ انعقاد قمة جديدة كي لا تفشل كالقمة السابقة وتتضرر سمعة كلينتون. وربط بين انعقاد القمة وبين التحضير المكثف والناجح. ونقلت الأوساط عن المسؤولين المصريين، ان لديهم اقتناعاً عبروا عنه لعرفات بوضوح، وهو ان عليه ان يأخذ الآن من باراك ما يعرضه، لأنه سيتراجع عما يعرضه الآن إذا نجح في الانتخابات الاسرائيلية المقبلة. ولم تستطع هذه الأوساط ان تؤكد هل قبل عرفات هذا المنطق أم لا، لكنها رجحت كونه ليس جاهزاً لقبوله. وفي شأن العروض التفاوضية المطروحة، أشارت الأوساط الى أن باراك بات مستعداً لبحث سيادة فلسطينية على المسجد الأقصى، وبعض الأحياء العربية في القدسالشرقية، في مقابل خمسة طلبات هي: حائط المبكى وحي المغاربة يكونان تحت السيادة الاسرائيلية، وضم مستوطنة معاليه أدوميم تمتد من القدس الى حدود البحر الميت وتفصل الضفة الغربية قسمين، ومستوطنة حبعات زئيف في الغرب قرب رام الله والتلة الفرنسية الى اسرائيل، بينما يرفض الفلسطينيون ذلك، ويصرون على أن أراضي هذه المستوطنات هي أراض محتلة، شأنها شأن بقية أراضي الضفة الغربية، وتخضع لما ستخضع له بقية المستوطنات في نهاية الاتفاق. ويطلب الاسرائيليون أيضاً موافقة فلسطينية على عدم عودة اللاجئين ووضع صيغة، يعتبرونها مرنة، تتعلق بإنهاء النزاع، وهي طلبات لا تزال مرفوضة من المفاوض الفلسطيني. وخلافاً لما أعلنه عمرو موسى وزير خارجية مصر أمس عن عدم وجود ورقة أميركية في مفاوضات واشنطن، أكدت الأوساط الفلسطينية وجودها، لافتة الى انها ورقة أميركية متفاهم عليها مع اسرائيل، وعرضها المنسق الأميركي لعملية السلام دنيس روس على عرفات حين التقاه في المغرب. الى ذلك،اف ب، اعلن وزير الاعلام الفلسطيني ياسر عبدربه ان الفلسطينيين يريدون ضمانات من مجلس الامن في شأن تطبيق اي اتفاق سلام محتمل مع اسرائيل. وقال عبدربه، احد اعضاء الوفد الفلسطيني الموجود في واشنطن: "ان اي اتفاق يفتقر الى مثل هذه الالية سيبقى من دون نتيجة وتوقيعه سيشكل جريمة تاريخية". واعتبر ان احد اسباب فشل اتفاق اوسلو هو فقدان آلية دولية تضمن تطبيقه. واضاف: "ان اسرائيل رفضت اي تحكيم دولي، لذلك على مجلس الامن ان يتخذ اجراءات عملية لتطبيق الاتفاقات المبرمة". وزاد ان "ذلك يتطلب قوة عسكرية ومراقبين دوليين فضلا عن مشاركة سياسية دولية لحمل اسرائيل على احترام اي اتفاق معها". الأممالمتحدة في نيويورك، وجه مندوب فلسطين لدى الأممالمتحدة الدكتور ناصر القدوة رسالة إلى رئيس مجلس الأمن السفير الروسي سيرغي لافروف، أعرب فيها عن "الخيبة" لفشل المجلس تبني مشروع قرار لارسال قوة مراقبة دولية إلى الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، خصوصاً مع استمرار "الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني"، التي أسفرت عن سقوط 304 شهداء وجرح عشرة آلاف. وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً أكد "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، بما فيها القدس، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية". وأيدت القرار 147 دولة، فيما امتنعت عن التصويت فيجي وجزر المارشال وناورو، وصوتت ضد القرار إسرائيل والولايات المتحدة.