} غلبت المواضيع المتشعبة والساخنة التي تسيطر على الحياة السياسية في لبنان، على أول جلسة تشريعية يعقدها المجلس النيابي الجديد، وهي الأخيرة للعام الجاري. وتركزت مداخلات 18 نائباً، في معظمها، على رفض توطين الفلسطينيين، وقضايا مالية واقتصادية، وملفي المعتقلين في السجون السورية، والمخطوفين والمفقودين خلال الحرب اللبنانية، مع تأكيد رئيس الحكومة رفيق الحريري العمل على كشف مصير هؤلاء، داعياً الى عدم الاستغلال السياسي. وكانت المداخلة الأبرز للنائب باسم السبع الذي حمل بعنف على المدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد من دون ان يسميه، واصفاً اياه ب"الجنرال المفوه"، رداً على موقفه من الحرية تحت سقف الأمن، واصفاً مطالعته في هذا المجال ب"المسخرة السياسية". وأقر المجلس 24 مشروعاً واقتراح قانون واحال واسترد وارجأ 14 أخرى، أبرزها اعادة تنظيم وزارة الاعلام بناء على طلب الوزير غازي العريضي "لمزيد من الدرس". عقد المجلس النيابي جلسة تشريعية، هي الأولى له منذ انتخابه، الصيف الماضي، برئاسة رئيسه نبيه بري ومشاركة نحو 120 نائباً، وحضور رئيس الحكومة رفيق الحريري والوزراء. واستهلت بأداء أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي يضم نواباً وقضاة، اليمين، ثم بالتصويت برفع الأيدي للزميل عبدالهادي محفوظ عضواً في المجلس الوطني للاعلام بدلاً من ناصر قنديل الذي انتخب نائباً. لكن النائب أكرم شهيب عارض، باسم "اللقاء الديموقراطي" هذه التسمية، قائلاً انه ضد هذا المرشح ومعتبراً انه "جاء بتوافق فوقي". فرد بري نافياً ما تناقلته الصحف عن توافق الرؤساء الثلاثة والفاعليات النيابية. وفي الأوراق الواردة، دعا النائب بطرس حرب الى اتخاذ موقف واضح مما تردد عن صفقة فلسطينية - إسرائيلية بمقايضة جزء من القدس بعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين. ثم أثار موضوع الموقوفين ودعا الى تفاهم لبناني - سوري واضح على هذا الملف وتشكيل لجنة بإشراف الصليب الأحمر للتقصي عن كل مفقود، منتقداً البيانات التي صدرت عن علماء وبلديات في الشمال. وقال: "أنها تثير الفتنة الطائفية". وطالب النائب علي الخليل بتأمين سلفة مالية لمؤسسة الريجي ورفع الرسوم عن التبغ المستورد. فقاطعه بري قائلاً: "هذه أصبحت كتجارة جحا بالبيض، هناك مصلحة للمهربين وما من جرأة لمنعهم. لبنان أصبح مستورداً للتهريب الدخان.". فرد الحريري: "علمت من جهات مختصة ان الخزينة في العام الماضي لم يدخلها أي قرش من التبغ الأجنبي". ورد الحريري على بعض المداخلات المطلبية. فتمنى في شأن موضوع المفقودين "عدم استغلال بعض الجهات له". وأضاف: "لم نقل أننا نريد اقفال هذا الملف، انما نحن ضد استغلاله سياسياً". وقال النائب جبران طوق "ان مبادرة الرئيس بشار الأسد تركت الأثر الطيب"، داعياً الدولة الى "الامساك بملف المخطوفين ومتابعة المساعي لكشف مصيرهم". وسأل النائب عمار الموسوي "أين أصبحت المساعدات الموعودة للتعويض عن زراعة المخدرات؟". وقال النائب باسم السبع: "استوقفتنا قبل أيام المطالعة التي القيت على الصحافة اللبنانية من احد منابر الأمن العام اللبناني في بيروت، وتوجه فيها الجنرال المفوه بكلام مخصص الى الصحافيين والكتاب والشعراء". وعلّق بري ضاحكاً: "كانوا يفتتحون كلية"... في اشارة الى افتتاح نظارة للأمن العام. وتابع السبع: "المشهد في حد ذاته يشكل اهانة لسمعة لبنان وكرامة ابنائه، فكيف يكون واقع الحال عندما يصبح المشهد موجهاً الى الصحافة ومثقفيها؟". وقال: "إن الحرية في لبنان هي في منزلة العيش المشترك، بل السلام الأهلي، ويجب ألا تقل عنه شأناً وأهمية. فالوحدة الوطنية ليست أغلى على قلوب اللبنانيين من الحرية. ومن هذا المنطلق نحذر من التطاول عليها". وسأل: "هل هناك مسخرة أكبر من ان تصبح منابر الكلام على الحريات السياسية والممارسة الاعلامية هي نفسها منابر افتتاح السجون والنظارات الأمنية؟ وهل هناك مسخرة اكبر من ان تصبح الصحافة والصحافيون والشعراء وسيلة للتهويل عليهم على أبواب السجون والنظارات، وان تستدعى وسائل الاعلام اللبناني بالجملة الى تغطية افتتاح سجن على أبواب العام 2001، وتسمع خلال الاحتفال ناسجي التحليلات السياسية؟". ورأى "ان المطالعة جاءت على شكل درس في طريقة ممارسة الحريات السياسية والاعلامية، تحدد سقوفاً لتلك الممارسة، تصح لأن تصبح جزءاً من مناهج كليات الاعلام في لبنان وسائر الدول، ولا سيما منها الدول الديموقراطية التي لم تنضج تجاربها بعد في مجال العلاقة بين الأمن والحرية". واعتبر "ان الاستثمار في الحرية هو طريق الخلاص للبنان مهما ابدعت الافكار خلاف ذلك، وان الاستثمار في السجون هو طريقة التخلص من لبنان كمنبر مميز للحرية، ونأمل الا تستقوي عليه ثقافة السجانين". ودعا النائب شهيب الى تعزيز صلاحيات البلديات في الجبل لمعالجة وضع البنى التحتية. وتمنى النائب محمد كبارة اعادة تشغيل مصفاة طرابلس وتنفيذ اتفاق النفط بين لبنان والعراق. وتمنى نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي، بعدما اقسم أعضاء المجلس الأعلى اليمين، على الحكومة "ان تطل على المجلس بمادة تفسيرية تحسم الجدل في المادة ال70 من الدستور باعتبار ان لا احد فوق رأسه خيمة" تطلب غالبية الثلثين لاتهام رئيس الحكومة والوزراء بارتكاب الخيانة العظمى.... وذكّر الفرزلي وزير المال فؤاد السنيورة بما سبق وكشفه عن تهريب الأموال من خلال التمنع عن دفع المال المترتب على كازينو لبنان للخزينة. فطلب بري من السنيورة الرد فأوضح "كان الموضوع محل اهتمام الحكومة وقد تم ايداع مبلغ 20 بليون ليرة في مصرف لبنان من الكازينو وتبقى فوائد المبلغ مدار مناقشة". وقبل ان يرفع بري الجلسة، أقر المجلس توصية بناء على طلب حرب والرئيس حسين الحسيني تؤكد التزامه الكامل ما ورد في مقدمة وثيقة الوفاق التي تنص على رفع كل اشكال التجزئة والتقسيم والتوطين، ودعم الحقوق الوطنية الفلسطينية، وهي اقامة دولة مستقلة، وعاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين. وتدين المشاريع التي يتم تداولها عن تخلي اسرائيل عن جزء من القدسالشرقية في مقابل تخلي السلطة عن عودة اللاجئين. وتبدي ارتياحاً الى موقف رئيس الجمهورية، وتحرك الحكومة للتصدي لهذه الطروحات. وتوصي الحكومة بمتابعة جهودها واتصالاتها في هذا المجال، ومطالبة الشرعية الدولية، بما فيها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، القيام بمسؤولياتها والتزام وثيقة الطائف نصاً وروحاً، خصوصاً انها تعبر عن اجماع ميثاقي وطني فيرفض التوطين". وتحذر من "أن أي حل للصراع العربي - الاسرائيلي على حساب حقوق شعب لبنان الوطنية يؤدي الى مشكلة جديدة تفوق في أبعادها ومخاطرها الوضع القائم اليوم".