في غمرة يوم الانتخابات الاستكمالية لمجلس نقابة ممثلي المسرح والاذاعة والسينما والتلفزيون، في مقر النقابة في بدارو، رمى عبيدو باشا الممثل والمخرج والناقد المسرحي في جريدة "السفير" البيروتية بطاقته النقابية على الطاولة وخرج من النقابة، وسارع الى كتابة بيان استقالته او انسحابه من النقابة العتيدة. وزع البيان على الصحف، وهو كان من المواظبين في الدفاع عن النقابة ودورها. فقد وجد فجأة ان الانتخابات التي جرت "لن تؤدي الا الى الامساك النهائي بعنق النقابة". واسف ان تماثِل الانتخابات النقابية الانتخابات النيابية، ولفت "الى لوائح تراعي الطوائف يسودها غشاشون اذكياء" ثم وصل الى البرامج الانتخابية فوجدها "زجلية" و"تطريبية" الى ما هنالك. بدا عبيدو في بيانه كأنه يكتب مقالة عن مشاهد مسرحية. وتعامل مع النقابة كقضية ولكن ليس في الشكل المراد، إذ كان في وسعه ان يفضح مكنوناتها ويضعها على طاولة التشريح، لكنه آثر ان يبتدع "النقد" اللفظي من دون السعي الى فتح سجال. انسحب عبيدو باشا، وثمة من وجد في الانسحاب هذا ما يريحه. لن ندخل في النمائم، وليس في مصلحتنا ذلك. انسحب عبيدو، وجرت الانتخابات بعد جملة من البرامج ودعوات التجديد والتحديث المعهودة والنافلة وغالباً ما تكون المطالبة بها، متبوعة بتجاهل المسؤولين لها. شعارات وشعارات اذاً، ومقابلات في الصحف جمعت الممثل رضوان حمزة في مواجهة الممثل علي الخليل، لكن المواجهة لم تحصل. لم يكن كلام المرشّحين لمجلس النقابة على شيء من الحدة والتنافس. كان كلاماً لشخص واحد. يتكلم رضوان ليكمل كلامه علي الخليل. الارجح ان هذا متفق عليه، مثلما هي الاطلالة الصحافية متّفق عليها ايضاً. لائحتان تنافستا في الشكل على احتلال المراكز الشاغرة. لائحة "الوحدة والتعاضد" ضمت الممثلين منير كسرواني وغسان اسطفان وجوليا قصار ورفيق علي احمد وبطرس روحانا ورضوان حمزة. ولائحة "النقابة ليست عملاً مكتبياً انما عمل انتاجي" ضمت الممثلين علي الخليل ومنى طايع وزياد أبو عبسي وسعد حمدان وشربل خليل. وفازت اللائحة الاولى بجميع اعضائها باستثناء بطرس روحانا الذي خرق مكانه علي الخليل. جرت الانتخابات وفاز من فاز، وانتخب الممثل رفيق علي احمد رئيساً للنقابة، لكن السؤال الدائم: لماذا النقابة؟ ما هو دورها، وماذا تفعل، وهل باتت مثل معظم النقابات الفنية والعمالية، تتشابه من تعثرها، هذا التعثر الذي بات "روتيناً" يومياً في الربوع اللبنانية، او بالاحرى بات اللبناني يتألق في صنعه. لنقل ان النقابات العمالية دهمتها السياسات وادخلتها في النفق المظلم وجعلتها تراوح في الغيبوبة، لكن نقابة الممثلين ماذا دهاها ليحصل الانشقاق في داخلها وليتم استحداث نقابة اخرى تسمى "نقابة الفنانين المحترفين". يقال ان حمى "الشخصانية" تعبق في قطاع التمثيل، وهذا ساهم في الانشقاق. وثمة سؤال آخر، يراود البعض، من هو الممثل؟ هل هو حامل الشهادة العليا من معهد الفنون الجميلة او غيره من المعاهد؟ او هو الفنان "العصامي"؟ او من؟ والحق ان الكثيرين من اهل التمثيل يحتجون على اسماء منتسبة الى نقابة الممثلين، في وقت تحتج لائحة "الوحدة والتعاضد" الفائزة في الانتخابات على اجتياح سوق العمل وخصوصاً الدراما التلفزيونية والدوبلاج من المتطفلين على المهنة او العابثين بقواعدها الفنية والانتاجية. احتجاج ليس بعده احتجاج ولكن لا جدوى، وانتخابات تجري، ولكن الارجح ان النقابة في تعثر للوصول الى العمل الملموس بعيداً من البروتوكولات التقليدية والصور التذكارية البائدة وتبدل الاسماء في المناصب.