تعيش نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية في مصر حالياً على صفيح ساخن، وتحديداً منذ اندلاع الثورة المصرية في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، والتي أحدثت انشقاقاً كبيراً في صفوف الممثلين والمطربين والمخرجين والموسيقيين ما بين مؤيد للثورة ومعارض لها. وتفاقمت الأمور عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك وتزايد التظاهرات والاحتجاجات الفئوية والاعتصامات للكثير من الأعضاء في مقار النقابات الثلاث. واللافت أن المطالب تتمحور إلى الآن حول ضرورة إقالة النقباء الثلاثة. واستبق نقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي بياناً كان أعده عدد كبير من الممثلين لإطاحته؛ بدعوى أنه سار وراء مآربه الشخصية، وهاجم الثوار في ميدان التحرير، واتصل بالكثير من الفنانين لحشد تظاهرة تأييد للرئيس مبارك أمام مبنى التلفزيون. كما بادر زكي إلى تقديم استقالته، وتبعه عدد من أعضاء مجلس إدارة النقابة سواء المؤيدين أم المعارضين ومن بينهم رياض الخولي وصابرين ونشوى مصطفى، وبقي من مجلس الإدارة وكيل النقابة سامي نوار وأمين صندوقها الدكتور خليل مرسي وهما يسيّران شؤون النقابة الإدارية حالياً إلى حين إجراء جمعية عمومية لانتخاب مجلس إدارة جديد. وانتُخب زكي لدورتين متتاليتين وعمل قبلهما لأكثر من دورة سكرتيراً للنقابة، وشهد له الجميع خلال عمله النقابي بأنه كان الأكثر قرباً من الأعضاء من خلال بحث مشاكلاتهم وشكاويهم الصحية والمالية والتشغيلية وغيرها. ويشار إلى أنه كان تقدم باستقالته من النقابة في العام 2008، لكن الفنانين طالبوه وقتها بالتراجع فاستجاب رأي الغالبية. وفي المقابل، أصر مسعد فودة نقيب المهن السينمائية التي تضم في عضويتها المخرجين وكتاب السيناريو والمونتاج، على الاحتفاظ بموقعه، خصوصاً أنه كان فاز بصعوبة بالغة بعد منافسة حامية مع أسماء كبيرة من بينها علي بدرخان وخالد يوسف وشكري أبو عميرة. وعلى رغم حرصه على عقد اجتماع لمجلس الإدارة عقب هدوء الأمور، إلا أن فودة فوجئ بعدد من الأعضاء من بينهم المخرجون علي بدرخان وهاني خليفة وأكرم فريد وكاملة أبوذكرى والمنتجون شريف مندور ومحمد العدل ونهى العمروسي ومها عرام وأحمد متولي يعتصمون داخل مقر النقابة مطالبين برحيله وهددوا بالاستيلاء على النقابة. كما جمعوا توقيعات عدة لعقد جمعية عمومية استثنائية لخلع فودة وحل مجلس النقابة، وإجراء انتخابات جديدة لاختيار نقيب جديد، وطالبوا بتفعيل القانون رقم 100 الخاص بالنقابات الذي ينص على الإشراف القضائي على النقابة إلى حين انتخاب مجلس إدارة جديد، وهتفوا مرددين «مش هنمشي هو يمشي» ولخصوا مطالبهم بضرورة استقالة المجلس الحالي وعلى رأسه فودة الذي اتصل بدوره ببعض عناصر القوات المسلحة للتدخل لحل الأزمة خوفاً من تدمير أوراق ومستندات النقابة على حد قوله. وتكرر الأمر ذاته في نقابة المهن الموسيقية التي تضم في عضويتها المطربين والملحنين والموسيقيين، على رغم إعلان النقيب منير الوسيمي الذي يتولي شؤون النقابة للدورة الثانية على التوالي منح المتضررين من أحداث الثورة من الأعضاء مبلغاً من المال تعويضاً عن تعطيل أعمالهم مدة أسبوعين كاملين، وتظاهر المئات من أعضاء النقابة مطالبين بضرورة رحيل كل من الوسيمي وعضو مجلس الإدارة عاصم المنياوي، بدعوى ارتكابهما الكثير من المخالفات المالية والإدارية، وإعادة النظر في صندوق الإعانات والمعاشات والمخصص للأحداث الطارئة التي قد تطرأ على النقابة أو على ظروف الموسيقيين. وأكدوا أن النقابة لا تعطيهم حقوقهم وأن هناك أعضاء منتسبين منذ سنوات عدة تصل إلى أكثر من 20 سنة ولم يحصلوا على عضوية النقابة العاملة على رغم أن لوائح القانون تنص على أنه إذا مرت خمس سنوات على العضو المنتسب يتحول في شكل تلقائي إلى عضو عامل، وانضم إلى المحتجين أعضاء النقابة المشطوبون من دون تحقيق رسمي، ولفتوا إلى تعنت الوسيمي في تنفيذ قرارات محكمة القضاء الإداري في الدعوى المقدمة منهم والتي حكمت بعدم شطبهم من عضوية النقابة، وفوض المتظاهرون الموسيقار جمال سلامة بمهمات النقابة حتى ترشيح نقيب آخر، وذلك لكونه الأقدم والأكبر سناً في مجلس النقابة الحالي. وفي موازاة ذلك، تجمهر العاملون في جهاز السينما وموظفو شركة «الصوت والضوء» ضد رئيس اتحاد النقابات الفنية ممدوح الليثي ومنعوه من دخول مكتبه وطالبوا بزيادة أجورهم ورفع الجزاءات عن بعضهم، وهو ما تكرر في «البيت الفني للمسرح» الذي يضم الكثير من مسارح الدولة ومنها القومي والسلام والعائم والطليعة والغد والشباب، التي تزايدت احتجاجات العاملين فيها، وهو ما دعا رئيس البيت الفني رياض الخولي إلى تقديم استقالته، على رغم أنه تولى المسؤولية في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي فقط.