كرّم الملتقى الثقافي الأهلي في البحرين الكتّاب الثلاثة الذين فازوا في المسابقة التي كان نظمها حول: "محمد جابر الأنصاري: مشروع ومفكر من البحرين" وهم: الدكتور كمال عبداللطيف المغرب، الدكتور محمد مالكي المغرب، الباحث عبدالله علي العليان عمان. وفي المناسبة أصدرت المؤسسة العربية للدراسات والنشر بالتعاون مع الملتقى الثقافي الدراسات الثلاث الفائزة في كتاب عنوانه: "الأنصاري وسوسيولوجيا الأزمة". وسبق التكريم ندوة حول الدراسات دارت على يومين. شارك في الجلسة الأولى "نحو إعادة بناء اسئلة النهضة العربية" كل من: الدكتور كمال عبداللطيف والدكتور محمد غانم الرميحي وأدارها: الدكتور سيد ياسين. وفي الجلسة الثانية وعنوانها "الأنصاري والاستقلال التاريخي للذات العربية" تحدّث الدكتور محمد مالكي والدكتور ابراهيم عبدالله غلوم وأدارها الزميل عبده وازن وفي الثالثة العرب والسياسة: بحث في فكر الأنصاري: الباحث عبدالله علي العليان والدكتور عبدالحميد الأنصاري وأدارها الزميل أحمد فرحات. وفي افتتاح الندوة تحدّث الشاعر علي عبدالله خليفة والدكتور الأنصاري. وفي الجلسات شارك بعض الكتّاب والمثقفين في مداخلات مرتجلة. يتناول الدكتور الأنصاري بعض معالم المشروع الفكري وطبيعته وغايته قائلاً: "هذا المشروع الفكري للإسهام في ترسيخ البناء المعرفي للفكر العربي الذي ما زال يغلب عليه التوجه الإيديولوجي. ذلك أن الظن لا يغني عن الحق شيئاً، ولا بد من تأسيس الأمة على قاعدة مكينة منا لبحث المعرفي في ما يتعلق بها من علوم اجتماعية ظلت تمثل الجانب الأضعف في ثقافتها النهضوية وكان غياب الوعي بها وبمضامينها ونتائجها في ما يخص المجتمع العربي وسياسته وتقدمه لدى النخب والقيادات والحركات من أهم أسباب التراجعات التي ندفع ثمنها الى اليوم لأننا لم نأخذ في الاعتبار طبيعة الواقع العميق الذي نتحرك فوق تضاريسه. ... وإذا كان الفكر الايديولوجي العربي بمختلف روافده قد أقتبس هذه القوانين العامة من الفكر الانساني، فإن حصياته من القوانين الخاصة بالتكوين العربي ما زالت تبدو متواضعة وفقيرة، لأن ذلك يتطلب بحثاً ذاتياً غير منقطع. وهذا ما أعتقد أنه قد حان الوقت للإلتفات إليه لسد هذا القصور المعرفي الكبير. إن كلاً من ابن خلدون في القديم وعلي الوردي وجمال حمدان في عصرنا يبدون أكثر استجابة اليوم لتساؤلاتنا المعرفية حول ماهية الذات الجمعية العربية من معظم الحركات والأحزاب القومية والاجتماعية والدينية المعاصرة، لأنهم أكثر تحسساً بطبيعة التكوينات والتشكيلات المجتمعية التي تعيق المسيرة الحضارية العربية، والتي لا بد من تشخيصها والكشف عن طبيعتها بعيداً من تمجيد الذات أو تحقيرها من أجل علاجها وتفكيكها وتجاورها بطبيعة الحال، وبنفس معرفي وتاريخي طويل. قادر على الفعل في التاريخ وتغييره على المدى البعيد، بما يتعدى النفس الايديولوجي القصير الذي ينقطع أمام هذه الترسبات المعيقة فيحاول القفز عليها بإشاعة الوعود الوردية التي لا تؤدي إلا الى احباط آخر وذلك لبقاء المفارقة المدهشة والفجوة الخطرة في حياة الأمة بين تعاليم ومبادئ في منتهى المثالية وأوضاع في غاية التدهور، من دون وجود تفسير فكري مقنع من أصحاب الدعوات لاستمرار هذه المفارقة على مدى قرون والى اليوم غير الكلام المستهلك عن المؤامرات الأجنبية التي لم يوضح لنا أحد لماذا تفعل فعلها فينا بهذا الشكل؟ ومن أهم ما يهدف اليه هذا المشروع الفكري هو إبراز حقيقة التخلف الحضاري الذي تعانيه الأمة في هذا العصر، من أجل تجاوزه، وتحرير الوعي المعرفي من التعلق بأمجاد الماضي التي كانت أمجاداً حقيقية ولكن في زمنها، وتحريره ايضاً من إدمان الوعود الأيديولوجية أياً كانت، لأن شيئاً منها لن يتحقق في المستقبل ما لم ندرك حقيقة التخلف الحضاري لمجتمعاتنا المعاصرة ونمتلك مشروع عمل حقيقي لتجاوزه، بعد تحقيق الوعي المعرفي بمستلزماته".