غطت أجواء العنف والمصادمات التي وقعت في الدوائر التي خاض فيها 14 من مرشحي جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة جولة الإعادة للمرحلة الثانية من الانتخابات المصرية أمس على ما جرى في باقي الدوائر. وتسبب سقوط أربعة قتلى أمس في تشويه رداء أبيض كان الجميع يعتقدون أن الاشراف القضائي الشامل على عملية الاقتراع ألبسه لعملية الانتخابية، وبدا أن زمام الأمور افلت من غالبية العناصر الفاعلة في الانتخابات، فپ"الإخوان" استقتلوا لحشد مؤيديهم وناخبيهم أمام لجان الاقتراع، لرفع عدد مقاعدهم في البرلمان، والشرطة أطلقت القنابل المسيلة للدموع وتصدت لمتظاهرين رفعوا شعار "الإخوان" الإسلام هو الحل، ما اسفر عن مقتل شخصين، واصابة بعشرات الجروح ورشق مواطنون قوات الأمن بالحجارة، وقام بعضهم بإلقاء سيارة للشرطة في ترعة، واشتكى مراسلون أجانب ومصورون لمحطات تلفزيونية فضائية من تعرضهم لمضايقات أمنية اثناء تأدية عملهم. ولجأ بعضهم إلى النيابة لرفع دعاوى قضائية. وبدا أن عدوى مناخ العنف في دوائر "الإخوان" امتد مساء أمس إلى دائرة كفر الزيات في محافظة الغربية حيث وقعت معركة بالرصاص بين أنصار مرشح الحزب الوطني الحاكم الدكتور فتحي البردعي ومنافسه المرشح المستقل الدكتور طلعت عبد القوي تبادل فيها الطرفان إطلاق النار ما اسفر عن مقتل شخصين وتدخلت الشرطة واطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المواطنين. وأقر وزير العدل المستشار فاروق سيف النصر بأحداث الأمس، لكنه وصفها بأنها "حوادث فردية وقعت في بعض اللجان الانتخابية"، وأكد أنها "لم تؤثر على سير العملية الانتخابية ولا على عمل رجال القضاء". وفسرت دوائر المعارضة أحداث الأمس بأنها "تعكس رغبة حكومية في تعويض خسائر الحزب الوطني التي مُني بها في المرحلة الأولى من المرحلة الثانية بأي شكل". وتحدث مرشحو "الإخوان" الپ14 عن إجراءات عنيفة اتخذت لمنع مؤيديهم من التوجه إلى لجان الاقتراع في حين تحدثت أوساط حكومية عن محاولات لاستغلال الانتخابات للخروج على القانون قام بها "الإخوان". ولم تتعد شكوى باقي المرشحين مجرد الحديث عن صعوبات واجهتهم غالبيتها صدرت عن أنصار مرشحي الوطني دون تدخل للشرطة. وكان "الإخوان" حققوا ستة مقاعد في المرحلة الأولى من الانتخابات ما اعتبر نجاحاً مذهلاً بالقياس للإجراءات التي استهدفت إبعادهم عن اللعبة السياسية. وقال نائب المرشد العام لپ"الجماعة" المستشار مأمون الهضيبي لپ"الحياة" أن مرشحين مستقلين طلبوا منه الضغط على مرشحي الجماعة في بعض الدوائر بعدما تسببت الإجراءات الأمنية ضد الإخوان في إلحاق الضرر بهم حيث منعت السلطات غير المنتمين إلى الحزب الحاكم من التوجه إلى لجان الاقتراع. ونفى النائب السابق الدكتور عصام العريان أن يكون "الإخوان" سعوا إلى أي تصعيد ضد الشرطة وأتهم الأجهزة الحكومية بالاعتداء على المواطنين "لمجرد تجميل صورة الحزب الوطني وانقاذه من الغرق"، وقال العريان لپ"الحياة": "لا نعرف لمصلحة من تقف الأجهزة الحكومية لمصلحة حزب فقد شعبيته إلى درجة إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص على المواطنين الذين اصروا على ممارسة حقهم الدستوري في الانتخاب". ونفى أن يكون ما جرى أمس سيجبر الجماعة على التراجع عن خوض انتخابات المرحلة الثالثة والأخيرة يوم الأربعاء المقبل"، وقال "سنواصل الطريق الذي اخترناه لأنفسنا، وسندنا أن نتائج مرشحينا حتى الآن عكست تجاوباً جماهيرياً مع برنامج الجماعة ومبادئها". وأثارت أحداث الأمس تساؤلات حول ما يمكن أن يحدث في الجولة الثالثة والأخيرة للانتخابات التي سيخوض فيها 23 من رموز "الإخوان" المنافسات في العاصمة على رأسهم الهضيبي وابن مؤسس الجماعة المحامي سيف الإسلام حسن البنا.